توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صفقة القرن والمسيحية الصهيونية

  مصر اليوم -

صفقة القرن والمسيحية الصهيونية

بقلم - محمد المنشاوي

منذ الحديث عن «صفقة القرن» خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للبيت الأبيض فى إبريل الماضى، ودعمه للرئيس دونالد ترامب فى سعيه لحل لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لم يتحدث أى طرف بعد سواء من القاهرة أو واشنطن، أو من عواصم الإقليم عن طبيعة هذه الصفقة، وذلك على الرغم من الإرهاصات هنا وهناك والاجتهادات التى لا تتوقف عن طرح تصورات مختلفة ومتناقضة لهذه الصفقة. إلا أن أولى الخطوات العملية قد بدأت مع قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وما تبعها من صمت عربى. ولا يبدو أن هناك تحديدا واضحا لطبيعة هذه الصفقة، ولم يعبر أى من الأطراف عن تصوراته حيالها، الاستثناء الوحيد يتمثل فى تيار المسيحية الصهيونية الذى يقف وحيدا يعرف ما يريد من هذه الصفقة، ويملك تصورا واضحا لإطارها ولا تتوقف جهوده عن السعى لتحقيقها.

***

خطوط عريضة يجتمع حولها أنصار هذا التيار المعروف بدعمه غير المحدود وغير المشروط لإسرائيل، فى الوقت الذى لا يكترث فيه بأى من حقوق الفلسطينيين المنطقية والمشروعة والمتفق عليها حتى بين أغلبية الإسرائيليين. ولفهم رؤية هذا التيار المهم الذى تتبع الغالبية العظمى من أنصاره ــ الذين يقدرهم البعض بأكثر من 50 مليون أمريكى ــ العقيدة البروتستانتية، يجب فهم تأثر البروتستانتية باليهودية. وكيف نتج عن هذا التأثر تعايش يشبه التحالف المقدس بين البروتستانتية واليهودية بصورة عامة، وخلقت علاقة أكثر خصوصية بين الصهيونية اليهودية والبروتستانتية الأصولية. وتتميز حركة المسيحية الصهيونية بسيطرة الاتجاه الأصولى عليها (من أهم سياسييها حاليا نائب الرئيس مايك بينس الذى زار أخيرا القاهرة وعمان والقدس المحتلة)، وتؤمن «بضرورة عودة الشعب اليهودى إلى أرضه الموعودة فى فلسطين، كل فلسطين، وإقامة كيان يهودى فيها يمهد للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام». وتأثرت المسيحية الصهيونية بثلاثة توجهات يجمع بينها خلفية التفسير الدينى المعتمد على النصوص التوراتية، وعلى الرغم من تباين هذه التوجهات وتناقضها بعضها مع بعض أحيانا، فإن التفسير الحرفى للتوراة والإيمان بضرورة مساعدة إسرائيل جمع بينها، والحركات الثلاث هما: حركة تهتم بقضية نهاية العالم ومؤشراته، وحركة تهتم بقضية التقرب من اليهود من أجل المسيح، وحركة تركز على الدفاع عن إسرائيل وعلى مباركتها ودعمها بكل ما هو ممكن ومتاح.

***

يرفض هذا التيار وجود دولة فلسطينية على حدود ما قبل 5 يونيو، ويرفض عودة اللاجئين ويرفض أى حوار حول مستقبل القدس. ويكرر أنصار هذا التيار مقولات على شاكلة أنه من الجنون الاستمرار فى التعويل على حل دبلوماسى للصراع الإسرائيلى الفلسطينى. ويسخرون مما يُشار إليه بعملية سلام الشرق الأوسط حيت يتم «تكرار أحاديث الماضى وإتباع نفس المسارات وتوقع نتائج مختلفة» وذلك فى إشارة لعملية سلام الشرق الأوسط المستمرة منذ أكثر من أربعة عقود دون تحقيق تقدم. ويعتقد أنصار هذا التيار أن «المبادئ البالية القديمة مثل الأرض مقابل السلام، أو حل الدولتين ــ دولة فلسطينية بجوار دولة إسرائيلية ــ أو أن القدس عاصمة لفلسطين أصبحت أوهاما يجب معها التمتع بالشجاعة لعدم الحديث عنها بعد الآن». ويدعو تيار المسيحية الصهيونية للتفكير الجديد لحل الصراع بعيدا عن أوهام الماضى وضرورة إدخال مستجدات الواقع فى هذه الأفكار كى يتم حسم هذا النزاع بعد الفشل فى التعامل معه لأكثر من مائة عام، منذ وعد بلفور تحديدا. وبشدة يؤكد أنصار هذا التيار على ضرورة الاعتراف بفشل عملية سلام الشرق الأوسط كى يمكن التفاعل بمنطلقات جديدة وحسم وحل الصراع.

وينطلق منطق حسم الصراع من رؤية تاريخية لصراعات القرن العشرين، وهى الصراعات التى تم حسمها بانتصارات واضحة وصريحة وباعتراف كل أطرافها ونجاحها فى خلق سلام بعد ذلك. ويستشهدون هنا بحالة الهزيمة الكاملة لألمانيا واليابان فى الحرب العالمية الثانية، والتى نعمت فيها الدولتان بالسلام الكامل بعد ذلك بعدما اعترفت أولا بالهزيمة الكاملة واستسلمت للمنتصرين.

ويستشهدون كذلك بحالة الحرب الأمريكية فى فيتنام حيت تم هزيمة أمريكا وحلفائها الجنوبيين وتحقيق انتصار ساحق لفيتنام الشمالية وتوحيدها لفيتنام وهزيمتها للخطط الأمريكية، وهو ما سمح بعد ذلك بوجود سلام وعلاقات ممتازة بين واشنطن وفيتنام. أما الصراعات والحروب التى لم تحسم بهزيمة واضحة واعتراف كامل بالهزيمة، لم يتحقق السلام فيها ولا بعدها، ويستشهدون هنا بحالة الحرب الكورية والتى امتدت من 1950 إلى 1953 والتى انتهت بهدنة فقط على الرغم من سقوط ملايين الضحايا بين الأطراف المتحاربة، وهو ما ترك النزاع مستمرا حتى اليوم، بل وهناك احتمالات للتصعيد. وبنفس المنطق يرى مفكرو المسيحية الصهيونية أن عدم حسم إسرائيل لانتصاراتها العسكرية وعدم دفعها الفلسطينيين والعرب للاعتراف الكامل وغير المشروط بالهزيمة هو ما يجعل الصراع مستمرا بلا نهاية.

***

يؤمن هذا التيار بأنه لا يجب الانتظار لحل قضية الصراع الفلسطينى الإسرائيلى كى تُحل بقية قضايا وصراعات الشرق الأوسط. ويعتقدون أن أصل الصراع وقلب المشكلة هو عدم الاعتراف الفلسطينى بإسرائيل كدولة يهودية مستقلة. ويرون أن عملية السلام تجرى منذ كامب ديفيد (أربعة عقود) بدون نجاح ويبدو أن الهدف أصبح هو عملية السلام ذاتها وليس البحث عن حل للصراع. يؤمنون أنه لم يعد هناك أى إمكانية لقيام دولة فلسطينية بعدما خسر الفلسطينيون فرصة تاريخية منحت لهم بين عامى 2000 ــ 2008. يدعون الفلسطينيين لإدراك أن قادتهم والقادة العرب هزموهم وضيعوا فرصا حقيقية للسلام. يريدونهم أن يقروا بانتصار المشروع الإسرائيلى وهزيمة المشروع الفلسطينى العربى، ويؤكدون أن لا مكان لهم فى الضفة الغربية، وأن بديل دولة مستقلة يتبخر سريعا، وإن استلزم خلق دولة فلسطينية فلتكن بديلا للأردن، أو كما يحلم بعضهم بدولة تشمل قطاع غزة، وتضم سيناء.

عن الشروق القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفقة القرن والمسيحية الصهيونية صفقة القرن والمسيحية الصهيونية



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt