توقيت القاهرة المحلي 20:29:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشتاء.. فى قلوب الشعراء

  مصر اليوم -

الشتاء فى قلوب الشعراء

بقلم - بهاء جاهين

 «ينبئنى شتاء هذا العام أننى أموت وحدى/ ذات شتاء مثله, ذات شتاء».

بهذه النغمة الحزينة يفتتح صلاح عبد الصبور أغنيته التى أهداها للشتاء فى مفتتح الكراسة الأولى من ديوانه الأجمل «أحلام الفارس القديم», ويستطرد:

«ينبئنى هذا المساء أننى أموت وحدى/ ذات مساء مثله, ذات مساء».

إنها نغمة لآلة شجية موسيقية مفردة, كالناى, وكشعر عبدالصبور فى المجمل: تنهدات نفس مسّها الشجا أو أرهقها الحزن والغربة بالمعنى الواسع والمُركب لكلمة غربة. بينما فى بعض رباعيات وقصائد صلاح چاهين يتخذ الشتاء أبعاداً جماعية أو شمولية فلسفية, مثل رمزيته فى الرباعية التالية:

دخل الشتا وقفل البيبان ع البيوت/ وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت/ وحاجات كتير بتموت فى ليل الشتا/ لكن حاجات أكتر بترفض تموت.. عجبى!!

هنا جدل دياليكتيكى بين قهر الشتاء وفصل الربيع الكامن فى قلبه ينتظر. ويمتزج الشجن الفردىّ والقهر الجماعىّ فى قصيدة «موال البرج» التى كتبها فؤاد حداد فى معتقل الواحات فى الخمسينيات, حين أرعشه البرد وأنهكه الجوع والحنين إلى الإلف البعيد فقال:

ما لوش عراوى اللى عاوز يشبك الوردة/ قال الولد رجّعوا الوالد إلى الوالدة/ بينى وبينِك بلد واحنا ف بلد واحدة/ دول أربعين ضلع واللا أربعين جلدة/ واللا نبات طفل من بز الشجر مقصوف/ جعان وبردان لا ينفعنى عسل ولا صوف/ ولا صبر موصوف يقومنى وانا بارِك/ ولا يِداوينى غير طرحِك وجُمّارِك/ يا بنت ياللى سمارِك سُخْن وافريقى/ جمّعت قلبى وكنتى ف قلبى وف ريقى/ فرّقت قلبى.. ونابِك كل تفريقى..

هذا الحنين البدائى إلى دفء الأنثى يذكرنا بقصيدة فى منظومة تنويعات چاهين الشتائية, تتشابه مع معزوفات عبد الصبور المنفردة وتتناجى مع محبوبة تشبه محبوبة حداد فى قدرتها على قهر جبروت الشتاء:

الريح عوى/ قلبى اتنطر, قلبى اتلوى/ الشمس تلج اصفر شعاعها صاروخ هوا/ الضلمة تلج اسود كتير/ ألوف ألوف القناطير/ خبينى فى شعورك يا بتّ/ أحسن عروقى اتخشبت/ شعرك خِشن زى الحِرام الصوف يا بت/ خبينى فيه م الزمهرير/ ونيمينى فى السرير..

ويمضى صلاح عبد الصبور فى رحلته المرتعدة إلى قلب الباطن الثلجىّ, فيواصل فى نفس الأغنية:

.. وأن أعوامى التى مضت كانت هباء/ وأننى أقيم فى العراء/ ينبئنى شتاء هذا العام أن داخلى/ مرتجف بردا/ وأن قلبى ميت منذ الخريف/ قد ذوى حين ذوت/ أول أوراق الشجر/ ثم هوى حين هوت/ أول قطرة من المطر/ وان كل ليلة باردة تزيده بُعدا/ فى باطن الحجر/ وان دفء الصيف إن أتى ليوقظه/ فلن يمد من خلال الثلج أذرعه/ حاملة وردا..

وفى قصيدة مكتوبة فى نفس التوقيت تقريباً, يستدفئ صلاح چاهين بالجموع فى أغنيته للربيع التى سماها «غنوة برمهات»:

وعلى العشش/ وعلى الحوارى الغواط/ يا قلبى لما تروح/ ما تروحش لا بلبل ولا وطواط/ روح زى ما انت: قلب.. له ألف عين/ وألف ودن وألف ألف لسان/ ازحف ببطنك ع الزلَق, ع البلاط/ ولو فى شهر القهر طوبة الجبان..

وبعد, فهذا بعض من كثير يضمه ديوان الشتاء العربىّ, ولا مجال للاستطراد, ولكن بقى أن نقول: تتعدد المواهب وطبائع النفوس والشتاء واحد؛ وتختلف رِعشات القلوب والبرد واحد. وحتى إن غلب الحزن بعض المغنين, فإن الغناء- مجرد الغناء- انتصارللحياة, وزقزقة تعد بموسم الدفء القادم لا محالة.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشتاء فى قلوب الشعراء الشتاء فى قلوب الشعراء



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 14:14 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant
  مصر اليوم - أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 11:27 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مورينيو يعلن عودتة للتدريب في الصيف المقبل

GMT 17:24 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

6 نصائح لتنظيف الفرن بالطريقة الصحيحة

GMT 03:46 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

عفاف شعيب تكشف أسرارًا جديدة عن عائلة عبد البديع العربي

GMT 14:39 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشفي أكثر الأشياء التي تثير عصبية زوجك وغضبه

GMT 01:20 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

علاج حب الشباب بالليمون

GMT 13:05 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

طريقة تحضير المهلبية

GMT 05:52 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

"التضامن" تواصل صرف معاشات مارس لليوم الثانى

GMT 02:06 2020 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

مصطفى شعبان يغيب عن رمضان ويحضر «ترانيم إبليس»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon