توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترمب... لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ

  مصر اليوم -

ترمب لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ

بقلم: نبيل عمرو

دونالد ترمب يستحق أن يوصف بالظاهرة، ونادراً أن ما يحدث معه يحدث مع غيره، إذ فاز أول مرة ليقود أقوى وأكبر دولة في العالم لمدة أربع سنوات.

وفشل في الانتخابات التالية وكاد يحرق أميركا التي «زوّرت» الانتخابات للحيلولة دون عودته للرئاسة.

خلال ولايته الأولى فعل ما لم يجرؤ غيره على فعله، إذ لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يُقتحم الكونغرس وتطلق النار في داخله، بما هو شبيه بانقلابات دول العالم الثالث.

وفي مجال العلاقات الدولية فما فعله في أيام، لم يكن غيره ليفعله في عقود، إذ ألغى الاتفاق النووي مع إيران، ومنح الجولان السوري المحتل لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، واقتطع في خريطة رسمية ثلث الضفة الغربية ليمنحها لإسرائيل.

ومن غير دونالد ترمب أسس لعملية تطبيع بين العرب وإسرائيل، حققت نتائج مهمة في عهده، وتواصلت حتى بعد سقوطه، وستتواصل بوصفها نهجاً أساسياً للدولة العظمى بكل إداراتها إلا أنه دخل التاريخ ممهوراً بختم ترمب.

ومن غيره من الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه، تعامل مع المتراس الأمامي المتقدم لأميركا «أوروبا» مثلما تعامل هو مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى مع كوريا الشمالية وروسيا والصين.

ولسوء حظ أوكرانيا كما يقول، أن الغزو الروسي لها تم بعد سقوطه، ولو كان في البيت الأبيض لما حدث.

كانت أربع سنوات غيّر فيها ترمب الكثير مما كان يعد ثوابت لا تتغير في السياسة الأميركية.

في انتخابات 2020 عوقب على كل ما فعل، وكل ما كان سيفعل، غير أنه فاجأ الأميركيين والعالم بقدرة فائقة على عدم الاستكانة والتسليم بالسقوط كما فعل كل أسلافه من قبل، كان وهو خارج البيت الأبيض، وحتى في أروقة المحاكم يعمل بصفته رئيساً ظل يتحرك بلا كلل أو ملل، ليعود إلى مقعده «المغتصب» في البيت الأبيض.

سيطر على الحزب الجمهوري إلى الحد الذي لم يجرؤ أحد من قادته وأعمدته على طرح نفسه مرشحاً للرئاسة، فقد رأى فيه الحزب التقليدي العريق الأمل الوحيد للعودة إلى القيادة وهزيمة الخصم الديمقراطي، فاتحد خلفه ومنحه ولاءً مطلقاً أثبت في عام 2024 أنَّه جدير به.

عاد ترمب إلى البيت الأبيض وكان فوزه في الانتخابات متكاملاً، ما جعل من أربع سنوات بايدن مجرد وقت مستقطع بين ولايتين له. عاد بعد موسم انتخابي صاخب، حفل بكمٍ هائل من التقديرات الخاطئة والمضللة، أبرزها طغيان مصطلح التوازن الدقيق في الفرص بينه وبين منافسته كامالا هاريس، حتى إن معظم الاستطلاعات أعطتها تفوقاً عليه، فإذا بنا حيال ميلان فادح للميزان لمصلحته ليس في أمر الرئاسة، بل وفي الكونغرس والرأي العام الشعبي الأميركي.

بعد أسابيع قليلة، سوف يمارس الرئيس الجديد عمله، ممتلئاً بيقين طالما تغنّى به، وهو أنه أقوى رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، والأكثر قدرة على تغيير أميركا بما في ذلك تغيير العالم كله.

بعد أسابيع قليلة وربما قبل أن تنقضي سيتعرف الأميركيون والعالم على أركان قيادته من خلال التركيبة الموعودة لتحقيق الأهداف الكبيرة التي حددها وألزم نفسه بها.

نحن أهل الشرق الأوسط، ما زال كثيرون منا بل ربما الأكثر، لا يعرفون أميركا حق المعرفة، ولا يجيدون التعامل معها بمنطق المصالح وكيفية التأثير على الحسابات، وليس أدل على ذلك من السؤال المتداول حول علاقتنا بأميركا... هل الديمقراطيون أفضل بالنسبة لنا من الجمهوريين؟ هل كامالا هاريس أفضل من دونالد ترمب؟ وهل ما زال مقياسنا في المفاضلة هو... بين السيئ والأكثر سوءاً؟

سؤال أساسه خاطئ ولا لزوم له، ذلك أن أميركا الدولة الأكثر توغلاً في قضايانا وحتى في حياتنا ومصائرنا، ليست بالبساطة التي نقوّم سياساتها بها.

رغم ما يتمتع به رئيسها من صلاحيات دستورية، تبدو فوق صلاحيات المؤسسات الرئيسية، فإنه لم ولن يكون استثناءً من القاعدة الثابتة في سياسات الدول «المصلحة أولاً وأخيراً» ولا يحلمّن أحد بتغيير، ولو بصورة طفيفة للسياسات والقرارات، إن لم ندخل، نحن العرب، إلى صلب حسابات المصالح الأميركية بحيث تحسب القرارات بميزان الربح والخسارة، وليس بميزان الحق والعدل وأدبيات حقوق الإنسان.

بعد أسابيع قليلة سيجلس دونالد ترمب في البيت الأبيض، بكل ما عليه من كثير فعل ولما ليس له من قليل، فليكن التعامل معه وفق مبدأ: «هذا ما لدينا وما نحتاج إليه، وهذا ما لديكم وما تحتاجون إليه».

وفي هذه المعادلة ينبغي ألا يوجد مكان للمجاملات المجانية ولا مكان لدفع الأثمان المسبقة لقاء الوعود... تأخذ قدر ما تعطي، وإذا ما حسبنا ما لدينا فهو كثير بالفعل، وسيكون فعّالاً قدر ما نجيد استخدامه في ميزان المصالح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ ترمب لا بدَّ ممَّا ليس منه بدّ



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt