توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الساعة الرملية آخذة في النفاد

  مصر اليوم -

الساعة الرملية آخذة في النفاد

بقلم: نبيل عمرو

تتعامل إسرائيل بخبث ودهاء مع إنذار الرئيس محمود عباس الذي حدَّد مهلتَه بسنة كي تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإن لم تمتثل للإنذار فسيكون في حِلٍّ من الاتفاقات المبرمة معها ومركزها اتفاقات أو تفاهمات أوسلو.
إنذار الرئيس عباس تمَّ تجاهلُه تماماً من إسرائيل حتى على الصعيد الصحافي، وذلك لسببين: الأول لجعل الإنذار مجرد خطوة من جانب واحد، أما عدم التعاطي معه فيقصد منه تخفيض مستوى جدية التعامل الدولي.
والآخر أنَّ إسرائيل ومنذ سنوات طويلة خلت، هي من قامت أساساً بالتحلل من الاتفاقات والتعاطي معها بصورة انتقائية، تأخذ منها ما تحتاج إليه كغطاء لسلوكها العدواني، وتهمل ما لا تحتاج إليه بمنطق القوة المتفوقة والغاشمة.
كانت صرخة الرئيس عباس والتي وصفها بالمبادرة، هي الأكثر تعبيراً عن يأسه من كل من لهم صلة بالعملية السياسية، وبتراتبية منطقية تقف على رأس القائمة الإدارة الأميركية التي تبنّت ورعت وتخلّت. وتليها أوروبا التي موَّلت وتراخت واستنكفت، ويلي الاثنتين المجتمعُ الدولي الذي بدا رغم عضويته في اللجنة الرباعية كما لو أن لا ناقة له ولا جمل.
كل ذلك صبَّ في الطاحونة الإسرائيلية التي حظيت باستفراد نموذجي «بالضحية الفلسطينية». بحيث تتصرَّف من دون أي قدر من الإعاقة الفعالة، سوى من بعض تصريحات دولية لا تسمن ولا تغني من جوع، ومن مبادرات فلسطينية شعبية في الأساس.
الرئيس عباس أطلق المبادرة «الصرخة» وقصر المدة بسنة لعلَّه يوقظ النائمين أو الذين لديهم ذرائع متعددة، مع علمه وهو المجرب بأنَّ المُخاطبين لن يغيّروا مواقفهم قيدَ أنملة، فهم يعرفون جيداً وهو يعرف أنَّهم يعرفون أنَّ إنذار السنة لا روافع له، وأنَّ تجاهل إسرائيل له جاء بفعل فهمها لميزان القدرة وليس لميزان الحق والعدالة.
إسرائيل ماضية في خططها بأقل قدر من الإعاقة، والفلسطينيون ماضون في صرخاتهم بأقل قدر من الاستجابة، أما السنة التي ستمرُّ كلمح البصر، فهي بالنسبة لإسرائيل مجرد وقت افتراضي، ولكنه في الواقع الفعلي مفتوح على الزمن بلا نهاية، وخلالها لن تتوقَّف عجلتها عن الدوران باتجاه إكمال أجندتها الهادفة إلى تحويل الاحتلال إلى سيطرة طويلة الأمد على الفلسطينيين وأرضهم وكل مقدراتهم.
الرئيس عباس لمَّح أو صرَّح بأن كل الخيارات مفتوحة أمامه إذا لم تنسحب إسرائيل خلال السنة المحددة، وإذا ما طُرح السؤال في حال انتهاء السنة من دون أن تفعل إسرائيل غير ما تفعل الآن فما الذي يمكن أن يحدث؟
بمنطق المطالبات قد يتحدَّث الفلسطينيون عن قرار التقسيم بديلاً عن أوسلو، وقد يتحدَّثون عن حل الدولة الواحدة بديلاً عن حل الدولتين، وقد يتدخَّل طرف دولي «أميركا أو أوروبا أو غيرهما مثلاً» فيطرح مبادرة ليس هدفها تحقيق حل، بل تجديد السنة إلى أجل غير مسمى، وهادي عمرو جاهز لزيارة أو عدة زيارات.
الطبقة السياسية الفلسطينية تعيش وليس بالضرورة تعمل تحت أسقف منخفضة وضمن هوامش ضيقة، وبآليات قليلة التأثير والجدوى لكثرة ما تم اللجوء إليها، كالدعوة إلى اجتماعات على مستويات عدة، أو استئناف مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل، أو التوجه إلى أميركا لسداد ديونها القديمة المتراكمة لمصلحتهم، أو أوروبا التي لم تفلح في زمن الخير حتى تفلح في زمن اليباب.
الفلسطينيون بفعل إنذار السنة أو من دونه بحاجة إلى رافعتين، إن لم تُخرجاهم من حالة اللاجدوى المفروضة عليهم أو التي فرضوها على أنفسهم فمن أجل بقائهم في المعادلات: الأولى ولا يُملّ من التذكير بها وهي نصيحة فلسطينية عربية دولية تدعوهم إلى ترتيب بيتهم الداخلي من كل النواحي، وليس بالتخلص من الانقسام فقط، والأخرى عليهم بالسلوك والأداء إقناع العالم ليس بالمطالبات والتصريحات والصرخات والمناشدات، بأنهم جديرون بتجديد تبنيهم ودعمهم، وحتى الآن لا جديد على مستوى هاتين الرافعتين.
إن ساعة الزمن الرملية سريعة ومحايدة، بل إنَّها آخذة فعلاً بالنفاذ من دون أن نرى جديداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الساعة الرملية آخذة في النفاد الساعة الرملية آخذة في النفاد



GMT 04:09 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 04:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 04:03 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

GMT 04:00 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 03:50 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon