توقيت القاهرة المحلي 10:27:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المشهد الفلسطيني قبل اليوم التالي

  مصر اليوم -

المشهد الفلسطيني قبل اليوم التالي

بقلم: نبيل عمرو

العالم كله منشغل بالأيام التالية، التي من المفترض أن تبدأ حين تضع الحرب على غزة أوزارها.

ويفترض كذلك أن تدور عجلة إعادة الإعمار بعد أن تكون إدارة غزة حُسمت، وذلك لأهمية وجود طرفٍ فلسطيني يتولى المساعدة في العمل على إنجاز المهمة التي توازي في جسامتها أعباء الحرب وتكاليفها الفادحة.

الحروب التي وقعت كلها تمت في زمن وعهدة الانقسام الذي أنتج سلطة أمر واقع في غزة تولتها «حماس» بعد انقلابها على السلطة الشرعية، وأنتج كذلك شرعيتين متنابذتين جرى التعامل معهما كشرطٍ لا بد منه لنجاح محاولات إنهاء الانقسام.

الطبقة السياسية الفلسطينية في غزة والضفة فوّتت الكثير من الفرص لاستعادة الوحدة لعل أهمها وأكثرها ضرورة الانتخابات العامة التي تم الإجماع عليها في مايو (أيار) 2021، إلا أنها أُلغيت بسبب عدم موافقة إسرائيل على إجرائها في القدس.

ورغم ما أعلنته لجنة الانتخابات المركزية برئاسة الدكتور حنا ناصر من أن لديها حلولاً فإن فرصة الانتخابات ضاعت ليزداد الانقسام تعمقاً من خلال طرح سؤال... هل مسألة القدس سبب أم ذريعة؟

بقيت جهود إنهاء الانقسام تراوح مكانها رغم تدخل دول كبرى فيها، مثل روسيا والجزائر، وكل ذلك حدث ولم يقع بعد زلزال أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي تلته حرب إبادة هي الأكثر فداحة من كل الحروب التي سبقت.

منطقياً ووطنياً وأخلاقياً، فإن ما حدث جسّد دافعاً قوياً لتجاوز حالة الانقسام، غير أن هذا الدافع أدّى إلى انقسام إضافي، بين من أحدث الزلزال ودخل في حربٍ مع إسرائيل من خلال المقاومة، وبين مَن رأى الأمر على أنه توريط لا طائل من ورائه سوى مزيدٍ من الخسائر.

اختارت السلطة الشرعية في رام الله الصمت، واستبعدت نفسها عن الحدث وانتقل زمام المبادرة إلى المتقاتلين على الأرض، وإلى الوسطاء الذين ركزوا جهدهم مع طرفي القتال، دون أن يكون للسلطة الشرعية في رام الله دورٌ يذكر.

بعد إبرام صفقة وقف إطلاق النار والتبادل، صار حضور السلطة الشرعية ممكناً في ترتيبات اليوم التالي، وذلك بهندسة مصرية عنوانها لجنة الإسناد المجتمعي، إلا أن موقف السلطة الملتبس منها والمتحفظ عليها أضاف انقساماً جديداً، إذ وافقت «حماس» بحماس عليها، غير أن النتيجة العملية أظهرت حتى الآن أن لا «حماس» مستفيدة منها ولا سلطة رام الله كذلك ما دام الطرفان منقسمين عليها!

«حماس» من جانبها وهي المتوغلة في الصفقة والطرف الوحيد عن الجانب الفلسطيني فيها، تدرك استحالة بقائها في سدة حكم غزة، لذا اختارت التضحية بالواجهة لمصلحة النفوذ، وهذا ما أظهرته الاستعراضات التي رافقت عمليات التبادل، والتي رفعت فيها شعارات منها «نحن اليوم التالي».

السلطة في رام الله تعمل جاهدة للدخول إلى المشهد، ولكن من الباب الشرعي الواسع، وليس من النافذة، مع أن الباب الواسع مغلق بإحكام في وجهها.

الإسرائيليون لا يريدونها ويواصلون إضعاف فرصها بما يفعلونه في الضفة، والأميركيون زمن بايدن قيّدوها بشروط رأتها السلطة تعجيزية بل ومشبوهة وخطرة، أمّا في عهد ترمب فحدث ولا حرج، عن الشروط الإضافية التي تضعها على حافة الانهيار.

عجلة الانقسام تواصل دورانها، وتنتج انقسامات إضافية، آخرها وصل إلى الجسم الوحدوي الأساسي للحالة الفلسطينية أي منظمة التحرير.

في الدوحة عُقد مؤتمر شاركت فيه شخصيات عديدة من مختلف التجمعات الفلسطينية، شعاره إصلاح منظمة التحرير وإعادة تأهيلها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وفي رام الله تخوين للمشاركين فيه بما في ذلك اتخاذ إجراءات عقابية.

العالم لا يهتم كثيراً بدوافع وتفسير كل طرف لموقفه، إلا أنه يهتم بالنتيجة فهو يرى انقساماً جديداً يستنزف حالة الدعم والتبني الدولي الشامل للحقوق الوطنية الفلسطينية وحل الدولتين.

هل هنالك من حلٍّ لهذه المعضلة التي كبرت واتسعت في زمن الخطر على القضية وأهلها؟

أم أن ظاهرة الانقسام المتوالد ستتواصل في الحالة الفلسطينية المنهكة أساساً والمهددة بالإبادة السياسية بعد الإبادة الشاملة في غزة؟

الجواب لدى الطبقة السياسية الفلسطينية بشقيها في رام الله وغزة، أمّا الناس فهم يواصلون أداء دورهم التاريخي بالصمود على الأرض وتقديم التضحيات مهما غلت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشهد الفلسطيني قبل اليوم التالي المشهد الفلسطيني قبل اليوم التالي



GMT 08:52 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 09:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ابتكار طريقة لعلاج أنواع نادرة من السرطان
  مصر اليوم - ابتكار طريقة لعلاج أنواع نادرة من السرطان

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1

GMT 03:43 2021 السبت ,01 أيار / مايو

تامر حسني يطرح بوستر فيلم ”مش أنا”

GMT 03:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع يغادر إلى البرتغال لدعم علاقات التعاون العسكري

GMT 09:04 2020 الإثنين ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt