توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الضَّمُ... مناورةٌ للابتزاز أم مشروعٌ للتنفيذ؟

  مصر اليوم -

الضَّمُ مناورةٌ للابتزاز أم مشروعٌ للتنفيذ

بقلم: نبيل عمرو

منذ احتلال عام 1967 وموضوع الضم بندٌ دائمٌ في أجندات قوىً إسرائيليةٍ كثيرة، غير أن الضم الرسمي تم في حالتين: القدس والجولان.

كانت القدسُ موضوعاً مطروحاً دائماً للتفاوض، وكانت بنداً من بنود الحل الدائم، وطُرحت بشأنها مقترحاتُ حلٍ من قبل جهاتٍ عدة، ولكنها، كغيرها من القضايا، لم تصل إلى نتيجة.

وكذلك الأمر فيما يتَّصل بالجولان، حيث لم تعدّ إسرائيلُ ضمَّها حقيقةً نهائيةً لا رجعة عنها، بل بلغ الاستعداد للتراجع عن ضمّها حدَّ تسليمها بالكامل إلى سوريا، وذلك في وثيقةٍ رفضها الأسد سُمّيت «وديعة رابين».

بالنسبة إلى القدس، وخلال مفاوضات «كامب ديفيد» التي قادها الرئيس الأميركي بيل كلينتون بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء إيهود باراك، فقد طُرحت مقترحاتٌ بشأنها ونوقشت مع الجانب الإسرائيلي، وقد انهارت المحادثات آنذاك، وكانت «القدسُ الشرقية والتمسكُ الفلسطيني بكل جزءٍ منها» سبباً في الانهيار؛ مما أثبت أن المدينة كانت مطروحةً على طاولة التفاوض، أي إن ضمَّها الرسمي وكلَّ ما اتُّخذ من إجراءات إسرائيلية بشأنها كان قابلاً للتراجع؛ مما يؤكد أن القدس الشرقية في واقعها وفي المساومات السياسية بشأنها، ومن منظور العالم، هي للفلسطينيين، وأن ضمها الرسمي أمرٌ يمكن التراجع عنه.

منذ احتُلت الضفة في يونيو (حزيران) 1967، ومنها القدس الشرقية، التي تحتوي أهم المقدسات الإسلامية والمسيحية الواقعة ضمن «مربع الكيلومتر الواحد» داخل الأسوار التاريخية، لم تألُ حكومات إسرائيل المتعاقبة، سواءٌ أكانت ذات طابعٍ يميني أم يساري، جهداً لأَسْرَلَتِهَا، وجعلها عاصمةً خالصةً لإسرائيل، بما في ذلك التضييق على مواطنيها الفلسطينيين؛ لحملهم على الهجرة منها بُغيةَ تفريغها، وقد أنفقت في هذا السياق مليارات الدولارات، ونفّذت مشروعات بنيةٍ تحتيةٍ ضخمة، وحاصرت سكانها الفلسطينيين بإجراءاتٍ شديدة القسوة؛ لحملهم على الهجرة إلى باقي مناطق الضفة. إلا إن كل ما فعلته، ورغم أذاه الفادح الذي وقع على أهل القدس، لم يفلح في إنهاء الوجود الفلسطيني الشعبي وحتى المؤسساتي فيها؛ مما جعل من المدينة، التي مرّ على احتلالها ومحاولات أَسْرَلَتِهَا ما يربو على نصف قرن، قضيةً مستعصيةً على إسرائيل أولاً، ومستعصيةً كذلك على المحاولات الدولية لحل المعضلة الفلسطينية - الإسرائيلية... فالقدس؛ كانت، ولا تزال، وستبقى، عقدةَ العقد، وبوابةَ استمرارِ الصراع أو إنهائه.

تطرح الحكومة الإسرائيلية الحالية ضمَّاً أكبر اتساعاً وأشد تعقيداً من ضم القدس، وهو ضم الضفة. وفي هذا الشأن ظهر من داخل المؤسسة الإسرائيلية من يفضل التدرج في الضم، كالبدء بالمنطقة «سي (C)»، التي تزيد مساحتها على نصف الضفة، أو منطقة الأغوار، أو مناطق المستوطنات، أو ضمّها كلها، بما في ذلك التجمعات الفلسطينية الضخمة في المدن والقرى. وهنالك في إسرائيل من يزيد على ذلك بضمّ غزة، وإعادة استيطانها، لتصبح «فلسطين من البحر إلى النهر» جزءاً من دولة إسرائيل.

وفي هذا السياق، أُعلن أن اجتماع «الكابينت» المقبل سيبحث أمر الضم الجزئي أو الكلي. والذي يشجع على طرح القضية مجدداً هو «حربُ غزة» وتعثرُ حسمها عسكرياً أو تفاوضياً وفق أهداف نتنياهو الخمسة، وكذلك الردُّ على تسونامي الاعترافات المتنامية بالدولة الفلسطينية التي ستتبلور بوضوحٍ أشد في سبتمبر (أيلول) المقبل خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

مسألة الضم من جانب الحكومة الإسرائيلية تصلح للضغط لتحقيق الأجندات الراهنة والمستقبلية في غزة والضفة، ولكنها لن تكون قراراً سهلاً بسهولة التصويت عليه في الحكومة أو الكنيست، بل يحمل هذا القرار مضاعفاتٍ داخليةً حيث لا إجماع عليه، وإقليميةً ودوليةً حيث الرفض الشامل له، دون استبعاد إجراءاتٍ عقابية يمكن أن تُتخذ للرد عليه... ثم، وهذا هو الأهم في الأمر كله، إن الضم الشامل أو حتى الجزئي المتدرج أمرٌ يرفضه الفلسطينيون، الذين سيصل عددهم داخل الدولة العبرية وما سيُضم إليها إلى ما يربو على 8 ملايين نسمة، كلهم يرفضون الضم، ولن يعدموا الوسائل الفعالة لمقاومته.

فزّاعة الضم تسمم المناخ، وتبعد فكرة التسوية، وتعقّد أمورها كثيراً. وبالمقابل، فإن المردود الفعلي حال اتخذت إسرائيل قراراً سياسياً بشأن الضم سيكون مجردَ إضافةٍ جديدةٍ لاحتلالٍ قديم، وسوف يُتعب الفلسطينيين، ولكنه يتعب الإسرائيليين كذلك، فالفلسطينيون متّحدون على رفضه، والعالم العربي كذلك... وهنا بدل الخروج من معضلة، فسيدخل الجميع في معضلةٍ أشد تعقيداً؛ بما في ذلك إسرائيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضَّمُ مناورةٌ للابتزاز أم مشروعٌ للتنفيذ الضَّمُ مناورةٌ للابتزاز أم مشروعٌ للتنفيذ



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt