توقيت القاهرة المحلي 10:27:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهيروغليفية فى المناهج.. شكرًا د. حجازى!

  مصر اليوم -

الهيروغليفية فى المناهج شكرًا د حجازى

بقلم - فاطمة ناعوت

وأخيرًا تحقق حلمٌ عصىٌّ طالما رجوناه. تقرّر تدريس الأبجدية الهيروغليفية ونُثارات من لغتنا القديمة فى مناهج أطفالنا لهذا العام الدراسى ٢٣- ٢٤ بقرار جَسور من وزير التعليم المثقف الدكتور «رضا حجازى». بأسلوب شيّق جميل رُسمت كل كلمة بالأبجدية الهيروغليفية، وجوارها نطقُ الكلمة باللغة المصرية، وجوارهما المعنى بالإنجليزية، فنعرف أن الشمس (رع)، القمر (إيا)، الابن (سا)، والابنة (سات)، الأب (إيت)، الأم (ماوت)، مع تبيان كيف كان الجد المصرى القديم يرسم أحيانًا علامة ليبين كون المفردة مؤنثة أم مذكرًا. وهكذا يكتمل درسُ الإملاء مع النحو والصرف؛ لتُغرس فى عقول صغارنا نبتةُ اللغة القيّمة التى دُوّنت بها أقدمُ وأخلد حضارات الأرض وأعظمها بما تحوى من نفيس العلوم ورفيع الفنون.

بتاريخ ٢٢ فبراير عام ٢٠١٠، كتبتُ فى جريدة «المصرى اليوم» مقالًا بعنوان «محو الأمية المصرية»، تحدثتُ فيه عن حُلمى الدائم بتقرير الأبجدية الهيروغليفية فى مناهج السنوات الأولى، ثم بتكثيف تعلُّم اللغة المصرية فى المرحلة الثانوية، بحيث يتمكن الطالب من كتابة موضوع صغير بلغته الأمّ لكيلا ينشأ أولادُنا «أُميين»، مثلَنا، بلغة أسلافهم العظام. وأعتذرُ عن فظاظة الكلمة، ولكنها الحقيقة بكل أسف!، فمن العيب أن يعرف الفرنسيون والألمان واليابانيون وغيرُهم أبجديات لغتنا المصرية القديمة، واللغة الديموطيقية التى دوّن بها أجدادنا بعضًا من تاريخهم الخالد على جدران معابدنا، ثم نقفُ نحن المصريين الأحفاد أمامها عاجزين عن فكّ شفرتها!. كنتُ أحلمُ بأن ينصَّ دستورُنا على درج الأبجدية الهيروغليفية واللغة الديموطيقة، (التى بسببها فكّ العالِمُ الفرنسى «شامبليون» رموزَ حجر رشيد)، ثم «اللغة القبطية»، وهى آخر تطور للغة المصرية القديمة وتكلّم بها المصريون قبل خمسة آلاف عام، أى قبل ميلاد السيد المسيح بـ٣٠٠٠ سنة كاملة، فاللغة تعنى الهُوية، وليست لها أى علاقة من قريب أو بعيد بالعقيدة، كما يظنُّ الغافلون؛ فيحاربون اللغة المصرية ويُحقّرون من تاريخنا المصرى ويحقدون على هُويتنا المصرية، وهو عينُ ما يفعله كلُّ مُحتلٍّ حين يحتلُّ وطنًا، فيعمل على محو تراثه القديم وقتل لغته الأمّ وحقن الشعب بلغته هو الغازى الباغى حتى يحقق هدفين ضروريين فى عملية الاحتلال. أولًا: أن يفهم المحتلُّ الغازى ما يقوله الشعبُ فيستطيع السيطرة عليه، وثانيًا: أن يُنسى الشعبَ ماضيَه وتاريخَه فيضعُف حين لا يجد أرضًا صلبة يقفُ عليها. هذا ما فعله الإمبراطور الرومانى «ثيودوسيوس الصغير» حين حظر على الشعب المصرى الكتابةَ والحديثَ باللغة المصرية التى كانت لغة المصريين الوحيدة، ولا يعرفها الرومانى المحتلُّ؛ لتُستبدل بها اللغة الرومانية، وبعد قرنين دخل العربُ مصر عام ٦٤١ ميلادية واستأنفوا محاصرة اللغة المصرية، حيث قاموا بتعريب المُكاتبات الرسمية فى الدواوين وحظر الحديث باللغة المصرية إلا فى الكنائس فقط. وهذا سبب استمرار الكنيسة الأرثوذكسية فى إقامة صلواتها باللغة المصرية القديمة، ولولاها لاندثرت.

يُحزننى أن كليات الآداب المصرية تُدرّس اللاتينية والإغريقية القديمتين، وليس من قسم للغة المصرية!. يُحزننى أن قسم التاريخ بكلية الآداب ليس به مادة هيروغليفية!. يُحزننى أن تلتقى طالبًا جامعيًّا يابانيًّا أو فرنسيًّا أو إنجليزيًّا، فتجده عارفًا بالمصريات، Egyptology، أكثر، كثيرًا جدًّا، مما يعرف الطالبُ المصرىّ عن تاريخ بلاده وحضارتها الفارقة!. يقتلنى غمًّا أن أدمغة بعض أبنائنا محشوةٌ بأفكار مغلوطة ظالمة تقولُ إن الأثرَ المصرىَّ القديمَ، (الذى لنا حُظوة ميراثه والإقامة فى رحابه مجانًا، فيما يدفع السوّاح الآلاف لرؤيته)، ليس إلا مسوخًا وأوثانًا، علينا محوُها ليرفعَ اللهُ غضبَه عنّا!!. ما هذا الخلط الفكرى المأفون!!. يُحزننى أن الأمهات لا يُسمين مواليدهن: حابى، حور محب، حورس، أوزوريس، نفرتيتى، نفرتارى!. يُحزننى أن أسافرَ إلى بلاد الله لأجد الانبهارَ فى عيون الأدباء والمثقفين حالَ يُفتَح الحديثُ حول حضارة مصرنا القديمة، فيما أبناؤنا يستهينون بها، بل يتبرأ بعضُهم من مصريته!. علينا تنظيم رحلات مدرسية مكثفة لمعالم مصر القديمة وتعليم النشء كيفية صوْن ذاك الإرث الخيالىّ الذى قدّرت لنا السماءُ حيازته، دون شعوب الأرض!. ذلك من شأنه ترسيخ الثقة بالنفس لدى أولئك الصغار الذين اهتّزت هويتهم بفعل فاعل مجرم!. علينا أن نُعلِّم أبناءنا أن مَن يختصمُ هويتَنا المصريةَ القديمة، ويقلّل من شأنها، إنما يرجو غيابَ مصرَ من مدوّنة الزمان، وطمسَ تاريخِها واجتثاثَ أمسِها ووأد مستقبلها. وهو عينُ ما حاول فعله فصيلُ الإخوان وأبناءُ التيار الإسلامى بكلّ طوائفه.

لهذا أكّد دستورُنا الجديد على فرادة مصرَ التاريخية، فجعل المقوّمَ الثقافىَّ ثالثَ أضلاع مثلث مُقوّمات الدولة، جوار المقوّمين الاجتماعى والاقتصادى، وتنصُّ موادُّ أربعُ (٤٧-٤٨-٤٩-٥٠) على الحفاظ على الهوية المصرية وحماية آثارها واحترام التعددية الثقافية فى مصر. شكرًا وزارة التعليم على تحقيق الحلم العصِىّ، بمحو أميتنا المصرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهيروغليفية فى المناهج شكرًا د حجازى الهيروغليفية فى المناهج شكرًا د حجازى



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 01:05 2025 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

اجتماع الناقورة يبحث سبل منع استئناف الحرب مع لبنان
  مصر اليوم - اجتماع الناقورة يبحث سبل منع استئناف الحرب مع لبنان

GMT 03:34 2025 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تكشف أسباب فقدان التحكم في الشهية
  مصر اليوم - دراسة تكشف أسباب فقدان التحكم في الشهية

GMT 11:42 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما
  مصر اليوم - باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما

GMT 20:58 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

اختراق حساب نفتالي بينيت على تلغرام وتسريب مراسلات وصور
  مصر اليوم - اختراق حساب نفتالي بينيت على تلغرام وتسريب مراسلات وصور

GMT 01:57 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وروسيا تعلنان إعفاء التأشيرات المتبادل

GMT 21:56 2015 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

أميرة شوقي تُنشئ أول فريق مسرحي للأطفال المعاقين

GMT 00:46 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إجراءات أمنية جديدة في مطار بيروت

GMT 03:52 2025 الثلاثاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 09:13 2022 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

هدى المفتي تنتظر عرض "حظك اليوم" و"شماريخ" في دور السينما

GMT 23:17 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أم تقتل 5 من أطفالها وتحاول الانتحار في ألمانيا

GMT 16:51 2020 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

استدعاء الفنانة نانسي عجرم للتحقيق وعرضها على طبيب شرعي

GMT 10:43 2019 الثلاثاء ,30 تموز / يوليو

سموحة يعلن انتقال أبو جبل إلى الزمالك

GMT 06:58 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد الغيطي يكشف أهم أخطاء منتدى شرم الشيخ الإعلامية

GMT 15:08 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة شيّقة وممتعة لاكتشاف محمية القالة في الجزائر

GMT 02:31 2017 الخميس ,10 آب / أغسطس

تعرف على أسعار الأخشاب اليوم الخميس 10-8-2017
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt