توقيت القاهرة المحلي 10:09:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -
عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال الاتحاد الأوروبي يفرض غرامة 120 مليون يورو على «إكس» لمخالفته قانون الخدمات الرقمية
أخبار عاجلة

«البدلةُ الزرقاءُ وسامٌ»... قالتِ الجميلةُ

  مصر اليوم -

«البدلةُ الزرقاءُ وسامٌ» قالتِ الجميلةُ

بقلم - فاطمة ناعوت

اللهُ رحيمٌ. اللهُ عادلٌ. هذا لأنه «الله». بوسعه تعالى جلَّ شأنُه، أن يكون رحيمًا وعادلاً فى آن واحد. أما نحن، بنو الإنسان ذوو القدرات المحدودة، فليس بوسعنا أن نكون رحماءَ وعادلين، فى أمر واحد، وفى نفس اللحظة. بل إننا غير قادرين حتى على تصوّر كيف تتّحد الرحمةُ مع العدل فى أمرٍ واحد. الرحمةُ تنتقِصُ من العدل. والعدلُ ينقُضُ الرحمة. خذ هذا المثال: امرأةٌ سرقت رغيفَ خبزٍ لكى تُطعِمَ صغارَها الجوعى. هنا، على القاضى أن يكون إما عادلاً فقط، أو رحيمًا فقط. إن حكمَ بالعدل، عاقبَ المرأةَ لأنها «سارقة» وإن حكمَ بالرحمة، عفا عنها لأنها «أمّ». لا احتمالَ ثالثٌ. ويُسمِّى الفلاسفةُ هذا الاحتمالَ الثالث المستحيل: «الثالث المرفوع». لأنه مرفوعٌ من قائمة الاحتمالات، أو غيرُ موجود. المُتَّهمُ إما «مُذنبٌ» وإما «برىء»، لا ثالثَ هناك. وهنا تظهرُ إشكاليةٌ عصيةٌ على الحلّ. إن كان القاضى رحيمًا وأطلق سراحَ سارقة الرغيف، عُيِّرَ المجتمعُ لأن قُضاتِه يُبرّئون اللصوص! وإن كان القاضى عادلاً وسجنها، عُيِّرَ المجتمعُ أيضًا لأن قُضاته يسجنون الأمهاتِ الفقيراتِ، ويُعرّضون أطفالَهن للتشرّد والموت جوعًا. تلك مأساةُ القُضاة. أما بالنسبة للمرأة فالأمرُ جَدٌّ مختلف. فإن أُطلِقَ سراحُها، فإنها «رحمةُ» الله قد تجلّت. وإن سُجنت فذلك «كرمُ» الله قد منحها شرفَ السجن لإطعامِها طفلاً جائعاً. هنا يكونُ السِّجنُ شرفًا، لأن التهمةَ نبيلةٌ. أما المجرمُ الحقيقى فى القضية السابقة، فهو ذلك «البليدُ» «التافهُ» الذى قدّم بلاغًا فى امرأة أخذت رغيفًا سوف يقتاتُ منه صغارٌ.

ذاك المجرمُ البليدُ موجودٌ بصورٍ شتّى فى عصور شتى ومجتمعات شتى. لكنه لا يجد أرضًا خصبة لمراهقته وتفاهته إلا فى تربةٍ رجعية مترهّلة تسبح فى الظلام خارج الزمن. ذاك البليدُ هو الذى صلَبَ الحلاجَ وقطع رأس السهروردى وحرق كتب ابن رشد وطارد أبوبكر الرازى والكندى وجاليليو وفولتير وابن عربى وطه حسين ونصر حامد أبوزيد، وقتل فرج فودة، وسرق من عمرى أنا ثلاثَ سنوات، وسجن إسلام بحيرى وسجن الشيخ محمد عبدالله نصر، وهو يتنمَّرُ الآن للدكتور يوسف زيدان.

هذا التافهُ البليدُ الذى يطاردنا بالقضايا يأكلُ كلَّ يومٍ طنًّا من الشطائر والثريد والشحوم، ويترهلُ على أرائك الكسل، ولم يُضبَط مُتلبّسًا بقراءة كتاب، ولم يُرَ غاضبًا لرؤية طفلٍ عار يرتعش بردًا أو طفلةٍ حافية تُمزّقُ الحصواتُ لحمَها وينهشُ الجوع بطنَها. لم يُسجِّلِ التاريخُ أنه رفع دعوى قضائية واحدة ضد مُتحرّشٍ بالنساء أو مُفجّرِ مسجد أو كنيسة أو مغتصِبِ طفلة، لكنه يُشاهَد حاملا تحت إبطيه دفترًا عامرًا بقضايا تافهة ضد مثقفين ومفكرين وأدباء ورهبان وشيوخ ينادون بالسلام والحب بين الناس.

لهذا لم أندهش حين هاتفتُ السيدةَ الجميلة، والدة الشيخ محمد عبدالله نصر، يومَ خروجه من السجن على ذمّة قضايا مازالت قيد الحكم، لأبارك لها فقالت لى بفخر: «بدلة السجن الزرقا اللى لبسها ابنى، وسام شرف على صدرى، بالظبط زى بدلة والده العسكرية اللى حارب بها العدوّ فى ٧٣».

يا عزيزى الشيخ إن حكم القضاةُ ببراءتك، فتلك «رحمةُ» الله، وطوبى للقُضاة ولك. وإن أدانوكَ وسجنوكَ، فذلك «كرمُ» الله وشرفٌ لك.

ويطيبُ لى أن أهديكَ مقطعًا من قصيدة «سجن»، التى كتبتُها وأنا على عتبات السجن الذى كان الُله رحيماً بألا أدخله، مثلما كان كريمًا بدخولك فيه.

«أيها السجّانون الغِلاظُ/ وفِّروا زنازينَ العتمة / لسافكى الدمِ وقاتلى الأحلامْ / وخلّوا عنى كلبشاتِ الفولاذِ التى أولى بها لصوصُ العقولِ وسارقو الأوطانْ/ …. / لو كانوا يعلمون / لوفَّروا أطنانَ الحديدِ/ وشكائرَ الأسمنتْ/ من أجلِ الفقراءِ/ يبنون لهم منازلَ وأكواخًا/ تحمى أجسادَ العرايا/ من ويلاتِ الصقيع/ لا تُشْهِروا أمامَ وجهى سيوفَكم/ فلا حاجةَ لى بها لأُنحَر/ أنا تقتلُنى كلمةٌ تخرجُ من فمٍ عبوسْ/ لا يحِبُّ النغَم».

عزيزى الشيخ محمد عبدالله نصر، أهلاً بك ضيفَ الشرف فى صالونى الشهرى السبت القادم ٢٧ يناير، بمكتبة مصر الجديدة، بإذن الله.

 

نقلا عن المصري اليوم القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«البدلةُ الزرقاءُ وسامٌ» قالتِ الجميلةُ «البدلةُ الزرقاءُ وسامٌ» قالتِ الجميلةُ



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 18:51 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يكشف أن"غروك" يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين
  مصر اليوم - تقرير يكشف أنغروك يشارك معلومات حساسة لأشخاص عاديين

GMT 06:13 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 02 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 23:59 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

هرمون الإستروجين والبروجسترون يؤثران على اللوزة الدماغية

GMT 10:54 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 22:58 2020 الخميس ,16 تموز / يوليو

إطلالة جذابة لـ هند صبري عبر إنستجرام

GMT 00:37 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ديكورات خارجية لمتعة الصيف حول المسابح

GMT 22:24 2022 الإثنين ,25 تموز / يوليو

باريس سان جيرمان يهزم غامبا أوساكا بسداسية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt