توقيت القاهرة المحلي 03:55:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البرنيطة.. أمّ شريطة صفراء!

  مصر اليوم -

البرنيطة أمّ شريطة صفراء

بقلم : فاطمة ناعوت

فى كل «عيد حب»، يوم ١٤ فبراير، وزوجى يقدّم لى هدية الڤلانتين، أتذكّر الجملةَ العبقرية التى قالتها صديقتى الجميلة «هالة صدقى» فى فيلم «خلطة فوزية». جلست السيدةُ شاردةَ العقل مع شقيقها على حافة النافذة، ينظران إلى بحر الإسكندرية. وفجأة نظرتْ إليه وهتفتْ بفرح طفولىّ: (فاكر البرنيطة اللى جبتهالى واحنا صغيرين؟!!) وحين اكتشفتْ أن شقيقها لا يتذكر، قالت بأسى: (البرنيطة أمّ شريطة صفراء! الرجالة بينسوا الحاجات دى! لسّه شايلاها لغاية دلوقت) أدهشها أن شقيقها قد نسى تلك الهدية «الهائلة»، التى صارت كنزَها الخاص ونقطة ارتكاز فى حياتها! لدرجة أنها انتشلتها من تحت أنقاض العمارة التى انهدمت على رؤوس قاطنيها فقتلت منهم من قُتل! لكن «البرنيطة أمّ شريطة صفراء» كانت عصيةً على الفناء. «البرنيطة» تحمل سرَّ الخلود الذى لم يتعلّمه البشرُ. تلك هى الفكرة المدهشة التى أراد المخرج المثقف «مجدى أحمد على» أن يكرّس بها مفهوم «الذكريات» التى تغدو كلَّ ميراثِنا حين نكبُر، وقيمة «الهدايا» التى تصيرُ مع الوقت خزائنَ تلك الذكريات. للجمادِ ذاكرةٌ تحفظُ التواريخ والمشاعر، فلا تستخفوا بها.

كلُّ حبيب يعرفُ ما هى «البرنيطة أم شريطة صفراء» التى سوف تُسعد رفيقة العمر. يبذلُ بعض الجهد والتفكير حتى يحصل عليها ليقدمها لحبيبته. ليس مهمًّا أبدًا أن تكون غالية الثمن، أو أن يكون لها ثمنٌ على الإطلاق. يمكنُ لأصيص فخارىّ يحمل أوراقَ نعناع خضراء أو عود ياسمين يشرقُ فى الطمى الأسود؛ أن يكون «البرنيطة» المنشودة. المهم أن يقدّمَ الحبيبُ تذكارًا يقول ما لا تقوله الكلماتُ. أتذكرُ الآن «هند صبرى»/ الزوجة المطحونة فى فيلم «أحلى الأوقات» حين قالت لزوجها بأسى: (عاوزة ورد يا إبراهيم! طول عمرى نفسى فى ورد! مافكرتش مرة تجيبهولى فى عيد جواز، ولا فى عيد حب، ولا فى ٦ أكتوبر حتى!) هذا زوجٌ ظنَّ أن الأولاد ومسؤوليات الحياة، قد تُنسى الزوجةَ «البرنيطة» التى تنتظرها من زوجها. لكن صعابَ الحياة تهونُ حين يتعلم الزوجان كيف يصنعان لحظات البهجة، مهما كانت قليلة وشحيحة، وخارجة عن سياق الكدّ والجدّ والكفاح من أجل لقمة العيش الصعبة.

مضى بالأمس عيد فلانتين، كل عامٍ وأنتم مُحبون وقد قدّم كلُّ حبيب وكلُّ حبيبة لرفيق العمر هدية تحملُ رسالة الحبّ. فالحبُّ هو سرُّ الوجود الأعظم وهو اللغزُ الذى منحنا كلَّ هذا الميراث الضخم من الأغنيات والأوبرات، والمسرحيات، والروايات، والقصائد والمقطوعات الموسيقية. الحبُّ هو القوة العجيبة التى دفعت الإنسانَ ليبدع القطع النحتية واللوحات التشكيلية والأساطير. هو الكيمياءُ التى تصنعُ المشاعر وتخطف العقول، وتجلب السعادة مثلما تجلبُ الحَزَن. إنه الحب الذى جَمَّلَ العالمَ وغمر البشرَ بالبهجة والفرح. إنه الحبّ الذى حين يُستخَفُّ به، قد يسبب أشدَّ ألوان العذاب النفسىذ والجسدى والعقلى كذلك. هو لغزٌ اسمه الحبُّ. أحبِّوا، تَصِحّوا، مثل الطفل «كيوبيد» الذى لا يكبر أبدًا. دعونا نقشِّر الكراهيةَ عن أرواحنا، لأنها تؤذينا نحن أكثر مما تؤذى مَن نكره. دعونا نكتشفِ البهجةَ فى الأمور البسيطة، مثل شروق الشمس وتفتح زهرة وحفيف أوراق شجرة، وزقزقة عصفور وعيون طفلة. دعونا نتذكّر أن السعادة مثل حصّالة الأطفال، نضعُ فيها كلَّ ما بوسعنا أن ندخره لأيامنا القادمة. دعونا نتعلّم أن العالمَ مرآةٌ ننظرُ إليها. إن ابتسمنا سوف يبتسمُ العالمُ فى وجوهنا، فلماذا نقطِّبُ الجبينَ فى وجه الناس؟! دعونا لا ننسى حديث النبى: «لن تدخلوا الجنّةَ حتى تحابّوا. ألا أدلّكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم». والسلامُ فى الحديث الشريف لا يعنى أن نقول «السلامُ عليكم»، إنما بالمعنى الواسع الشامل للسلام، الذى يبدأ وينتهى عند ناصية «الحبّ». فأنت لن تسالمَ مَن تكره، بل مَن تحبّ، ولن تأمَن جانبَ، إلا من أحببت، ولن تُؤمّن جانبَ إلا من تُحبّ. دعونا نتأمل فلسفة «الحبّ» بمعناه الأشمل الصحيح. الحبُّ كما أرشدنا إليه أفلاطون فى مثلثه المعروف: الحقُّ- الخيرُ- الجمال.

١٤ فبراير هو يوم إعدام القديس فلانتين الذى كان يُزوّج العشاق سرًّا فى كنيسته رغم أنف الإمبراطور الرومانى الذى منع زواج الجنود. وهو بداية موسم تزاوج الطيور فى إنجلترا وفرنسا. لهذا أصبح سِمةً للرومانسية، يتبادلُ فيه العشاقُ، والأصدقاء، بطاقاتِ التهنئة والهدايا. وترقدُ لليوم، فى مكتبة لندن، أقدمُ تهنئة فى التاريخ، من عاشق لحبيبته فى عيد الحب. وكانت من تشارلز، دوق أورليانز، لزوجته حين كان سجينًا فى برج لندن فى القرن الـ١٥. طوبى لكل من لديه قلبٌ يُحبُّ، وطوبى لَمن يحبّ الوطن. «الدينَ لله، والوطنَ لمن يزرعُ الحبَّ فى الوطن».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البرنيطة أمّ شريطة صفراء البرنيطة أمّ شريطة صفراء



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:09 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب
  مصر اليوم - دراسة تؤكد أن انتظام مواعيد النوم يخفض ضغط الدم ويحمي القلب

GMT 16:33 2022 الأحد ,13 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 21:30 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

"الهاموش" قصص إسلام عبدالغني عن دار روافد

GMT 12:38 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

8 إنجازات بارزة حققتها السياحة المصرية في 2019

GMT 00:54 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

6 أمراض قد تكون السبب في الشعور بالتعب المستمر

GMT 11:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مبيعات بلايستيشن 5 برو تتخطى التوقعات في اليابان

GMT 02:22 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

نوكيا تطلق رسميا هاتف Nokia G300 بتقنية 5G وأرخص سعر

GMT 11:42 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تراجع في الأسهم الأوروبية اليوم الأربعاء 6 أكتوبر 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt