توقيت القاهرة المحلي 13:00:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثروت عكاشة.. أسطورةٌ مصريةٌ خالدة

  مصر اليوم -

ثروت عكاشة أسطورةٌ مصريةٌ خالدة

بقلم : فاطمة ناعوت

لا يتصوّرُ المرءُ كيف كان يمكنُ أن يكونَ الوجهُ الثقافىّ والفنىّ الراهنُ فى مصرَ لولا هذا الرجل! نحتفلُ هذا العام بمئوية مصرى عظيم منح لوطنه وجهًا حضاريًّا عصريًّا يليقُ باسمها العريق: مصر. كان الخالدُ الرائد د. ثروت عكاشة موسوعةً بشرية حيّة تسيرُ على قدمين. مثقّفٌ «جشتالتىّ» «Gestalt، بالمعنى الألمانى للكلمة، كما وصفه شقيقُه العظيم د. أحمد عكاشة، بروفسور الطب النفسى، حيث إدراك الكليّات الشمولية، وعدم الوقوع فى فخّ الجزئيات، بالإضافة إلى الاستبصار المستقبلى للواقع الاجتماعى والثقافى والسياسى فى مصر بعد إعلان الجمهورية الأولى إثر ثورة يوليو ١٩٥٢، ما جعله يؤسّس مع أواخر خمسينيات القرن الماضى مجموعة هائلة من الصروح الثقافية والفنية المصرية، التى منحت مصرَ وجهَها المشرق العصرى. من بين ما دشّن ذلك العظيمُ تجربةُ «الثقافة الجماهيرية»، التى غدت: «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، والتى أفرخت مئات من بيوت وقصور الثقافة فى جميع أنحاء مصر، ولعبت دورًا تاريخيًّا فى نشر الثقافة والمعرفة فى القرى والنجوع المصرية.

أنشأ كذلك المجلس الأعلى للثقافة، وأكاديمية الفنون بما تضمُّ من معاهدَ متخصصة فى: المسرح، الكونسرفتوار، الباليه، الموسيقى العربية، السينما، الفنون الشعبية، النقد الفنى. وكذلك دشّن المجلس الأعلى للثقافة، والهيئة العامة للكتاب، ودار الكتب والوثائق القومية، وأوركسترا القاهرة السيمفونى، وفرق الموسيقى العربية، ومسرح العرائس، والسيرك القومى، ومسرح سيد درويش، عطفًا على مجموعة من المتاحف المصرية، وكذلك معجزة مصر اليومية: «الصوت والضوء». ويعود إليه الفضلُ فى إنقاذ معبدى فيلة وأبى سمبل وآثار النوبة، من الضياع أثناء بناء السد العالى، بعدما قام بحملات دولية موسعّة لاستحثاث المؤسسات العالمية الثقافية للمساهمة فى الحفاظ على تلك الكنوز المصرية الخالدة.

لهذا قالت عنه وزيرة الثقافة الفنانة د. إيناس عبدالدايم إنه «فارسُ الثقافة» الذى يمثّل الوجه الجميل لمصر والعبقرية الاستثنائية التى أعادت صياغة وجدان المصريين، إذ أدرك أهمية الإبداع والتنوير فى إحياء الحضارة المصرية المعاصرة. افتتحت وزارةُ الثقافة المصرية سلسلة احتفالات بمئوية الأسطورة المصرية «ثروت عكاشة» أمس الأول «بدولة الأوبرا المصرية» على موسيقى «ريتشارد ڤاجنر»، الذى عشقه ثروت عكاشة وألّف عنه كتابًا مهمًّا بعنوان: «مولعٌ بڤاجنر». بقيادة المايسترو الكبير «أحمد الصعيدى» عزف «أوركسترا القاهرة السيمفونى» مجموعةً منتقاه من خوالد ڤاجنر، من بينها المقطوعةُ المحفورة فى ذاكرة كلِّ عشّاق العالم الذين توّجوا عشقَهم بالزواج: «مارش الزفاف».

وبالحق كان «ثروت عكاشة» مثقفًا موسوعيًّا من حيث الدراسة والملكات الشخصية. فقد حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية، ثم ماچستير الصحافة ودكتوراة فى الآداب من جامعة السوربون. وعمل ملحقًا عسكريًّا للسفارة المصرية فى باريس وبون ومدريد، وسفيرًا لمصر فى روما، وخاض حرب فلسطين عام ١٩٤٨، وكان أول وزير ثقافة مصرى عام ١٩٥٨، ثم مساعدًا لرئيس الجمهورية للشؤون الثقافية، وأستاذًا زائرًا بعدد من جامعات العالم، وزميلا بالأكاديمية الملكية البريطانية، وحصل على الميدالية الذهبية من اليونسكو لجهوده المشهودة فى إنقاذ آثار مصر، وغيرها من الجوائز العالمية والمحلية العديدة. وبالإضافة لملكاته العسكرية والأدبية اللافتة، كان له باعٌ فى العمارة والفنون، فألّف موسوعات: «تاريخ الفن: العيُن تسمعُ والأذنُ ترى»، «الفن المصرى القديم»، «الإغريق بين الأسطورة والإبداع»، «الفن البيزنطى»، «الفن العراقى»، «الفن الفارسى»، «فنون العصور الوسطى»، «فنون عصر النهضة»، وغيرها من أمهات الكتب تلك التى تحكى تطور العمارة والفنون من سكّان الكهوف مرورًا بالعصور الوسطى، والفن الإسلامى، وحتى عصر الرينيسانس الأوروبى وصولاً إلى فنون القرن الثامن عشر. وكان له فى مجال اللغات والترجمات إسهاماتٌ جذرية كوّنت معيننا الثقافى. فبفضل ترجماته المدهشة تعرفنا على إبداعات «جبران» و«أوفيد» و«ثورن سميث»، و«هنرى لنك»، وغيرهم من أدباء ومفكرى العالم.

شكرًا وزارة الثقافة وشكرًا لرئيس دار الأوبرا الفنان د. «مجدى صابر» على هذا الافتتاح الباذخ، وتلك الليلة الساحرة بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية. ونعدُ أنفسَنا بشهور ثرية قادمة تمتد خلالها الاحتفالاتُُ بمئوية عظيم مصر «ثروت عكاش» حتى نهاية ٢٠٢١ فى مكتبة الإسكندرية والمجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة. شكرًا للكلمات الفاتنة التى قالها كلٌّ من د. مصطفى الفقى ود. أحمد عكاشة ود. إيناس عبدالدايم، عن أسطورة مصر: ثروت عكاشة، الذى لولا ما أسّس من صروح ثقافية وفنية هائلة فى مصر منذ خمسينيات القرن الماضى، لما كان لمصر هذا الوجه المشرق ثقافيًّا وفكريًّا وفنيًّا وأثريًّا. شكرًا يا مصرُ لأنك تنجبين عباقرةً خالدين. وأشعرُ الآن بالخجل من كلماتى القليلة فى حقّ مَن يستحق مجلداتٍ ضخمةً، لن توفيه حقّه. «الدينُ لله والوطن لبُناة وجه الوطن».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثروت عكاشة أسطورةٌ مصريةٌ خالدة ثروت عكاشة أسطورةٌ مصريةٌ خالدة



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 17:19 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا
  مصر اليوم - لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا

GMT 11:25 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تهاجم الشللية في الوسط الفني بسبب نجلها
  مصر اليوم - شمس البارودي تهاجم الشللية في الوسط الفني بسبب نجلها

GMT 06:13 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 02 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 04:43 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تدعم حظر الهواتف المحمولة في المدارس الابتدائية

GMT 02:17 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

فيسبوك تقضي على Zoom بعد إطلاق App Lock

GMT 19:18 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حريق محدود بـ كابل كهرباء في الطالبية بمحافظة الجيزة

GMT 17:32 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

22 لاعبًا في قائمة الزمالك لمواجهة الإسماعيلي في الدوري

GMT 14:01 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 10:28 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إنفانتينو يقرب السعودية من تنظيم كأس العالم 2034

GMT 20:45 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

انطلاق كأس العالم للرماية الأحد المقبل

GMT 23:18 2021 الأربعاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

أبرز 5 سيارات كورية طرحت في السوق المصري لعام 2021

GMT 09:05 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

طريقة عمل الروستو

GMT 10:12 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

والدة طفلة التعرية ترفع قضية إثبات نسب جديدة

GMT 06:22 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

السيسى يصدق على تعديل بعض أحكام قانون السجل التجارى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt