توقيت القاهرة المحلي 10:13:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥.. عيدٌ قومى

  مصر اليوم -

رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥ عيدٌ قومى

بقلم - فاطمة ناعوت

أمس الأول، ١١ سبتمبر احتفلنا برأس السنة المصرية رقم ٦٢٦٥ على التقويم المصرى القديم، الذى بدأ قبل أكثر من اثنين وستين قرنًا من الزمان. وعلينا أن نتذكر أن «رأس السنة المصرية» هو عيدٌ «وطنىُّ» عظيم يخصُّ المصريين «جميعًا» (وليس عيدًا دينيًّا مسيحيًّا، كما يظنُّ البعض). لأن هذا التقويم العريق موجودٌ قبل نزول المسيحية وقبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام بأكثر من ٤٠٠٠ سنة. وأرجو أن تحتفل به مصرُ رسميًّا فى مقبل السنوات كـ «عيد قومىّ»، لأنه «رأسُ حَربة» اعتزازنا بهويتنا المصرية الرائدة الخالدة التى تولى الدولةُ المصرية الراهنة الكثيرَ من الاهتمام بترسيخها فى وجدان الشعب المصرى، ابن تلك الحضارة العريقة الخالدة.

ولمعرفة السبب فى خلط بعض الناس بين «رأس السنة المصرية القديمة كعيد مصرى»، وبين «رأس السنة القبطية كعيد مسيحى»، دعونا نحكى القصة من البداية. بدأ التقويم المصرى القديم منذ ٦٢٦٥ عامًا، حينما اكتشف الجدُّ المصرى العبقرى حتمية تدوين الزمن، وابتكار تقويم زمنى دقيق، من أجل تنظيم عمليات الزراعة من حيث تواقيت: الحرث والغرس والرىّ والحصاد. وظل التقويم المصرى قائمًا وحده حتى عام ٢٨٤ ميلادية، حين حدث «عصر الشهداء» الأقباط فى مصر، بسبب رفض المسيحيين المصريين الطقوسَ الوثنية فى عهد الإمبراطور الرومانى «دقلديانوس». فى ذلك العام قرّر المصريون «تصفير» التقويم المصرى القديم ليبدأ من تاريخ عصر الشهداء تخليدًا للشهداء المصريين. هنا تزامن «التقويمُ المصرى» مع «التقويم القبطى»، وظل الاختلاف فى العدّاد الزمنى قائمًا. ولهذا صار لدينا تقويمان: المصرى القديم، ووصلنا إلى عام ٦٢٦٥ مصرية، والتقويم القبطى ووصلنا إلى عام ١٧٤٠ قبطية.

وبالعودة إلى رأس السنة المصرية القديمة، فمن أسمائه عيد «النيروز» المشتقّ من الكلمة المصرية القديمة: «ني- يارؤو»، وتعنى: (الأنهار). لأن شهر (توت/ تحوت) وهو أول الشهور المصرية والقبطية، يتوافق مع موعد اكتمال فيضان نهر النيل (حابى)، أصل الحضارة والحياة عند سلفنا المصرى العبقرى. وسبب تحوّر الكلمة المصرية: «ني- يارؤو»، إلى «النيروز»، يعود إلى الإغريق الذين دخلوا مصر غزاةً عام ٣٢٣ ق. م.، وكعادة الإغريق اللغوية فى إضافة حرف (س) إلى أسماء الأعلام، فقد أضافوا للكلمة القبطية حرف (س)، فتحولت كلمة (نى يارؤو) إلى (نيروس)، التى تَحوَّر نطقُها مع الوقت إلى: (نيروز).

التقويم المصرى القديم يحفظُه عن ظهر قلب كلُّ فلاح مصرى، إذ يحسِبُ من خلاله مواعيدَ غرس البذور وحصاد المحاصيل وفق شهورها الثلاثة عشر: (توت، بابة، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرا، النسى)، وهى ما تُعرف اليوم بالشهور القبطية. أما العالم المصرى الكبير «تحوت»، أو «توت» كما اشتُهر، فيعود إليه الفضلُ فى ابتكار التقويم المصرى القديم، ولهذا تبدأ الشهورُ المصرية باسمه (توت) تخليدًا لمقامه الرفيع فى العلوم والمعرفة والفلك واللغة والرياضيات والحساب والألسنيات والفلسفة. وهو كذلك مخترعُ حروف الأبجدية الهيروغليفية التى خلّدت حضارتنا المصرية الثرية. وهى الحروف المكتوبة على حجر رشيد والتى من خلالها تعرفنا على شطر من تاريخنا العظيم. لهذا يُعرف «توت» أو «تحوت» بـ «ربّ القلم»، فكرّمه المصريون القدامى ونصّبوه إلهًا للحكمة والمعرفة، فى الميثولوجيا المصرية، تقديرًا لعلمه الموسوعى الغزير. وتُصوِّره الجدارياتُ الفرعونية بجسم إنسان ورأس طائر «أبى منجل». ويكون بهذا هو النظيرَ الذكورى للإلهة «ماعت» ربّة العدالة فى أدبياتنا المصرية، التى يحتلُّ تمثالُها جداريات جميع محاكم العالم فى صورة امرأة جميلة معصوبة العينين تمسك بيدها ميزانًا، هو ميزان العدالة الذى صار رمزًا للقانون والعدل فى التراث الإنسانى كافة. وأما عُصبة العينين فدلالة على الحياد التام للقاضية التى لا تنظر إلى وجوه الخصوم لكى تحكم بينهم بالحق والعدل بعيدًا عن الأهواء والمنازع الشخصية. فى المحكمة الأوزورية (نسبة إلى أوزوريس) التى يتم فيها محاسبة الموتى، كانت ريشة «ماعت»، رمزَ الضمير، توضع فى إحدى كفّتى الميزان مقابل الكفة الأخرى التى يوضع فيها قلبُ المتوفى لحظة حسابه، كما تقول الأسطورة المصرية القديمة. فإن ثَقُل قلبُ الميت، وهبطت كفّته عن كفة الريشة، كان المرحوم مثقلا بالآثام والخطايا فيُلقى به إلى الوحش الأسطورى «عمعموت» حتى يأكله ويفنى، أما من خفّ قلبُه عن ريشة ماعت، كان متخفّفًا من الآثام، ولا خوفٌ عليه ليدخل الأبدية فى صحبة الإله «أوزوريس». أما من يقوم بحساب حسنات الميت وذنوبه ويدوّنها فى دفتره، فكان هو الإله «تحوت»، أو «توت»، الذى نحتفل اليوم بعيده مع رأس السنة المصرية. وفى عظمة العالم المصرى «تحوت» تُكتب عشرات المقالات. ومن بين إبداعاته أنه المسؤول عن توازن قوى الخير وقوى الشر فى الطبيعة، كما ورد فى الأدبيات المصرية القديمة، وهو ما سأطرحه فى مقال قادم بإذن الله. سنة مصرية جديدة سعيدة، حاشدة بالرحمة من الله تعالى على جميع البشر فى هذا العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥ عيدٌ قومى رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥ عيدٌ قومى



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 01:05 2025 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

اجتماع الناقورة يبحث سبل منع استئناف الحرب مع لبنان
  مصر اليوم - اجتماع الناقورة يبحث سبل منع استئناف الحرب مع لبنان

GMT 03:34 2025 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تكشف أسباب فقدان التحكم في الشهية
  مصر اليوم - دراسة تكشف أسباب فقدان التحكم في الشهية

GMT 11:42 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما
  مصر اليوم - باسل خياط يعود للدراما المصرية بمسلسل سيكودراما

GMT 20:58 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

اختراق حساب نفتالي بينيت على تلغرام وتسريب مراسلات وصور
  مصر اليوم - اختراق حساب نفتالي بينيت على تلغرام وتسريب مراسلات وصور

GMT 01:57 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وروسيا تعلنان إعفاء التأشيرات المتبادل

GMT 21:56 2015 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

أميرة شوقي تُنشئ أول فريق مسرحي للأطفال المعاقين

GMT 00:46 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إجراءات أمنية جديدة في مطار بيروت

GMT 03:52 2025 الثلاثاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 09:13 2022 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

هدى المفتي تنتظر عرض "حظك اليوم" و"شماريخ" في دور السينما

GMT 23:17 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أم تقتل 5 من أطفالها وتحاول الانتحار في ألمانيا

GMT 16:51 2020 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

استدعاء الفنانة نانسي عجرم للتحقيق وعرضها على طبيب شرعي

GMT 10:43 2019 الثلاثاء ,30 تموز / يوليو

سموحة يعلن انتقال أبو جبل إلى الزمالك

GMT 06:58 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد الغيطي يكشف أهم أخطاء منتدى شرم الشيخ الإعلامية

GMT 15:08 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة شيّقة وممتعة لاكتشاف محمية القالة في الجزائر

GMT 02:31 2017 الخميس ,10 آب / أغسطس

تعرف على أسعار الأخشاب اليوم الخميس 10-8-2017
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt