توقيت القاهرة المحلي 20:18:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من حكايا المحبة.. التى لا تسقط (١)

  مصر اليوم -

من حكايا المحبة التى لا تسقط ١

بقلم - فاطمة ناعوت

في مقالى يوم الاثنين الماضى: «نصوم معًا... صحن فول بالبيض»، حدثتكم عن اعتزامى العكوف على وضع كتاب عنوانه «حكايا المحبة التي لا تسقط»، أسردُ فيه دلائل تجذُّر وشائج المودة بين المسلمين والمسيحيين في مصر. تلك الوشائج التي فوّتت على أعداء الوطن محاولات غرس بذور الفتن لشقّ صف هذا الشعب الطيب، العصِىّ على الشقاق والشتات. على صفحتى طلبتُ من القراء أن يحكوا لى من تجاربهم الشخصية قصصًا تؤكد المحبة التي تعقلُ أبناء مصر بوشائجَ لا تنفصم. ولم أندهش من شلال الحكايات الجميلة التي وردت صفحتى، ومازالت تنهمر، تُبهجُ القلبَ وتُطمئننا على الغد الآمن بإذن الله، وتحلُّ شفرة لغز مدهش اسمُه: «مصر»!. منها حكاياتٌ ماسّة موجعة، وقف فيها المسلم جوار جاره المسيحى، والعكس، ومنها حكاياتٌ طريفة ترسمُ الابتسامة، وتُبرّدُ القلبَ في هجير صعوبات الحياة. طوال شهر رمضان المعظّم، سوف أقتطف لكم بعض تلك الحكايا في مقالىَّ كل أسبوع بجريدتى «المصرى اليوم»؛ يومىْ: «الاثنين» و«الخميس».

■ «نبيل إسكندر»: كنّا نعيش في إحدى قرى الصعيد، وتربطنا علاقات مودّة كبيرة بالجيران، قبل هجرتنا إلى الإسكندرية للتعليم والعمل. وبعد فترة تزوجت شقيقتى وعادت للسكنى في قريتنا القديمة. وبسبب بعد المسافة، كنا بالكاد نتصل بها تليفونيًّا في المناسبات. لكن صديق والدى الحاج «عطية أحمد الهوارى» لم يتوقف عن زيارة شقيقتى في جميع أعياد الميلاد والقيامة، وتقديم ما اعتاد الوالدان أن يقدماه لابنتهما في زيارة الأعياد، من لحوم وفاكهة، والعيدية بالطبع. ولم نعرف بهذا الأمر إلا بعد مرور سنوات، حين أخبرتنا شقيقتى بأن «الحاج عطية» كان يزورها بمستلزمات العيد كما كان يفعل أبى. الله يرحمه ويحسن إليه؛ كان إنسانًا فاضلًا.

■ «محمد المريد»: لنا صديق اسمه «مينا» اشترك معنا في تجهيز عروسين من أيتام المسلمين، وكذلك والدته التي دفعت المبلغ الأكبر. وكل عام يساهم معنا في شنط رمضان.

■ أميرة منير: كان لنا جار سُنّى متشدد، لكنه كان يحترم والدى المسيحى، ويحبّه جدًّا، وبينهما مواقف لا تنتهى. ويوم وفاة أبى، أعلن في ميكروفون المسجد وحث الناس على تقديم واجب العزاء، وحضر الصلاة عليه في الكنيسة!، وكلما شاهدنى في البلد، ويكون غالبًا خارجًا من الجامع جوار منزلنا، يصافحنى ويسألنى عن أحوال أشقائى وإن كنّا نحتاج إلى شىء. كذلك أبى العظيم رحمه الله كان هو الذي بنى المسجد في شارعنا منذ زمن بعيد، وكلما احتاج المسجد إلى تجديد أو توسيع، كان هو مَن يقوم بذلك. ليس لى عمّات بالجسد، ولكن لى عماتٌ وأعمام مسلمون كثيرون، من أصدقاء طفولة أبى، إلى اليوم يكملون رسالة أبى تجاهنا بعد رحيله.

■ «نادية مكرم»: ماما الله يرحمها كان كل جيرانها مسلمين، وكانت بيننا علاقات ود ومحبة وتبادل الكعك والبسكويت والنابت في المواسم والأعياد. وكانت أمى تجمع الأطفال المسلمين لتوزيع الحلويات والفاكهة. ويوم وفاة أمى، كان الأطفال يبكون عليها كأنها أمهم. وكان جيرانها المسلمون نساء ورجالًا يملأون الكنيسة أثناء صلاة الجنازة، وهُمّه اللى فتحوا بيتها، وعملوا الطعام للمعزّين لأننا كنا في حالة صعبة. ربنا يرحمك يا ماما لى الفخر أننى ابنة هذه السيدة الطاهرة الملاك التي أحبها الجميع.

■ «حنان عزت»: في أسرتنا لا نكفُّ عن الحديث عن «تيتة أم موريس»، التي عرّضت نفسها للخطر من أجل أمى. حين كانت أمى عروسًا جديدة، وفى بداية حملها، دخل حرامى شقتها، وهددها، فصرخت أمى تستنجد بالجيران. وجاءت «أم موريس» بعصاة «الغليّة»، وضربت اللص، وأنقذت أمى المسلمة وجنينها من المجرم. وحين تزوجتُ وصرتُ أمًّا، أصابنى اكتئابُ ما بعد الولادة. لم يقف إلى جوارى إلا صديقتى المسيحية «سلفانا» ووالدها «عمو فؤاد»، وكانت تحمل طفلى وتطعمه مع ابنتها «مورين».

■ «جمال نصر عبدالنور»: اعتاد حى «الترعة البولاقية» في «شبرا» على مرأى سيدتين لا تفترقان؛ تذهبان إلى السوق معًا، وتربيان الأطفال معًا، حتى كبر الأبناءُ وصاروا آباء وأمهاتٍ لأحفادٍ مازال الحبُّ يجمع بينهم. لم تفترق هاتان الصديقتان منذ شبابهما، وكهولتهما وشيخوختهما، وحتى وفاتهما. إحدى هاتين السيدتين هي أمى التي ترمّلت في شبابها، ولم يخفف عنها مرارة الوحدة إلا صديقتها المسلمة، التي صارت جدّة لأولادنا تُحضّر لهم العصير والسندوتشات كل يوم. مستحيل أن ننسى لهذه العائلة محبتها على مرور الأجيال: عائلة المذيع المرحوم «فهمى عمر» من قبيلة الأشراف الأصلاء. رحمهم الله جميعًا.

ومن المواقف الطريفة لشقاوة شباب شبرا: عام ١٩٥٦ كنا شلّة أصدقاء، ستة مسيحيين وواحد مسلم، نعمل مهندسين في وزارة الزراعة. واتفق معنا صديقنا المسلم ألا نكشف ديانته للزملاء لكى يأتى متأخرًا ساعة ونصف الساعة يوم الأحد مثلنا.

وإلى حكايات جديدة من دفتر المحبة. رمضان كريم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من حكايا المحبة التى لا تسقط ١ من حكايا المحبة التى لا تسقط ١



GMT 02:53 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

ما حققته احتجاجات الجامعات الأمريكية

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

عودة الاحتلال الكامل

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

رفح آخر أوراق «حماس»

GMT 02:47 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

... عن «الاستعمار» بوصفه «خطيئة أصليّة»

GMT 02:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

الهدنة الحائرة

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:11 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد
  مصر اليوم - ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد

GMT 00:46 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات طبيعية للشعر بمفعول الكيراتين

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإفتاء المصرية تؤكد أن إنفاق المرأة فضل منها

GMT 14:21 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فلنتعلم من الطبيعة

GMT 22:24 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف حسم ريال مدريد صفقة ديفيد ألابا مجانًا

GMT 05:05 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بدء طرح كراسات شروط الإسكان الاجتماعي في مصر الأحد

GMT 18:08 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

رسميًا واتفورد يقيل فلوريس سانشيز من تدريب الفريق

GMT 15:07 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

أحدث موديلات فساتين السهرة للمحجبات في 2019
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon