توقيت القاهرة المحلي 12:28:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كابوس جديد

  مصر اليوم -

كابوس جديد

بقلم : جيهان فوزى

 طائرات ورقية آخر الابتكارات والإبداع للشباب الفلسطينى أصبحت تقض مضاجع المستوطنين القاطنين على ربوع الحدود مع قطاع غزة، طائرات خفيفة يعرفها الأطفال ويلعبون بها للهو والتسلية فى أرجاء الدنيا، لكنها فى لحظة تحولت إلى كابوس مفزع للمستوطنين، بعد أن التهمت آلاف الدونمات من الأراضى الزراعية المتاخمة لحدود غزة، وبعد أن استفاقوا على النيران التى التهمت حقولهم ومحاصيلهم وكبدتهم خسائر هائلة، اعتقدوا فى البداية أنها «مزحة» وسرعان ما انقلبت المزحة إلى خطر محدق وتهديد حقيقى جعل سكان المستوطنات فى غلاف غزة يعلنون حالة الاستنفار القصوى ومراقبة الطائرات على مدار الساعة وحركة طيرانها، مثل مراقبة رادارات الطائرات الحقيقية التى تهبط وتقلع فى المطارات، خشية أن يسقط أحد تلك الأطباق الورقية الحارقة على أحد الحقول وتحرقه بالكامل كما حدث فى حالات متكررة خلال الأيام الماضية، فقد تحولت تلك الطائرات إلى قنبلة موقوتة تهدد اقتصادهم لأنها تتجول فى الأرجاء وتخلف الدمار لمزارعهم دون أن يستطيعوا فعل شىء.

لقد فعلها الشباب الفلسطينى فى الجمعة الماضية التى حملت عنوان «الشهداء والأسرى» فى إطار مسيرات العودة الكبرى التى بدأت منذ قرابة شهر وتتصاعد وتيرة إبداعاتها فى كل مرة، يقولون إن الحاجة أم الاختراع، وقد أثبت الشباب الفلسطينى اليائس أنه مبدع ومبتكر وقت الأزمات والظروف الحالكة، بعد أن أطفأ الرئيس محمود عباس مصابيح الأمل فى التئام جرح الانقسام بقراراته التعسفية بحق أبناء القطاع بغية إذعان ورضوخ حماس، من خلال مسلسل تجويع القطاع وإذلاله والضغط عليه فى لقمة عيشه لإعلانه فيما بعد «إقليم متمرد» إذا لم ترضخ حماس لقرار تسليم مفاتيحه كاملاً إلى سلطة رام الله، فقد هدد الرئيس عباس بأن ثمة خيارين أمامه، إما أن يتسلم الحكم بصورة كاملة فى قطاع غزة، أو يتركه بصورة كاملة لحماس، وذهب لأكثر من ذلك حين أعلن أنه سيتم البحث فى إمكان اتخاذ المجلس الوطنى المقرر انعقاده نهاية هذا الشهر قراراً بحل المجلس التشريعى الذى تحظى فيه حماس بغالبية الثلثين، بما يجعل مصير قطاع غزة فى مهب الريح وأهواء الغلبة فيه، فى الوقت الذى يتحتم فيه على رئيس السلطة «أبومازن» أن يضاعف ما يقدم لأهل القطاع المحاصر الذى يعيش ظروفاً من البؤس ويحاول أبناؤه الصمود والنهوض بمقاومة الاحتلال ومقارعته فى مسيرات العودة المستمرة وبما يبتكره متصدياً لعدوانه.

لقد أعطت السلطة الفلسطينية إشارات جدية إلى بدء انسحابها من غزة بوقف دفع رواتب موظفيها للمرة الأولى منذ الانقسام عام 2007، وتدرس إحالة جميع الموظفين إلى التقاعد، بعد فشل الجهود فى تمكين حكومة الحمد الله من إدارة شئون القطاع دون تداخلات من حماس، ما عمق من أزمة الانقسام الوطنى أكثر فأكثر، وقد يترتب على ذلك أن يتحول الانقسام إلى انفصال دائم وربما نشوء نظام سياسى فى غزة تشكل حماس العمود الفقرى فيه، سيكون نظاماً قائماً على الهيمنة الحزبية والفردية على غرار حكم السلطة فى الضفة الغربية! لأن حماس تدرس خياراتها المحدودة فى ظل تضييق الخناق عليها من الرئيس محمود عباس، وبدلاً من البحث عن مخرج وطنى لصالح المواطن، تثبت هى الأخرى أن المواطن ليس فى الحسبان ولا تقيم له وزناً فى ضوء الإشارات التى تصدر عنها بدراسة خياراتها واحتمالات تشكيل حكومة وطنية لعموم الأراضى الفلسطينية تضم القوى المختلفة أو شخصيات مستقلة لإدارة القطاع، تتخذ من غزة مركزاً لها فى حال انسحاب السلطة، واعتبار الضفة الغربية محتلة ويتم العمل على تحريرها، الأمر الذى يهدد مصير القطاع بالكامل. التصعيد الحادث من الطرفين لا يصب إلا فى مصلحة إسرائيل والمخطط الأمريكى، ويدفع ثمنه أبناء القطاع القابعون على خط المواجهة مع إسرائيل، صناع القرار منشغلون فى تصفية الحسابات فيما بينهم فى الوقت الذى يقف فيه شباب مسيرة العودة عارى الصدور فى مواجهة محتل غاشم، لم يمنعهم ضعف إمكاناتهم من الإبداع والابتكار بأقل التكاليف ليحولوا تخوم غزة المستوطنة إلى قطعة من نار تقض مضاجع المستوطنين وتنهك اقتصادهم وتؤرق راحتهم، بينما حكامهم يتصارعون على السلطة والنفوذ، فأى وطن يبتغون؟!

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كابوس جديد كابوس جديد



GMT 03:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

متى وكيف يحاسب المسؤول؟ وكيف نواجه الفساد؟

GMT 03:20 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

رسائل الحصاد

GMT 03:07 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

علم يرفرف على ركام البيوت

GMT 03:05 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 10:34 2021 الأحد ,04 تموز / يوليو

إصابة بيريسيتش نجم منتخب كرواتيا بكورونا

GMT 04:40 2021 الأربعاء ,31 آذار/ مارس

طريقة عمل جلاش ملفوف بالمكسرات

GMT 09:35 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين جريئة من وحي لين أبو شعر

GMT 03:19 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

العلماء يحلون لغزا عمره 100 عام بشأن مرض "السرطان"

GMT 11:05 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يتحدى نابولي على كأس السوبر الإيطالي

GMT 15:58 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

شوبير يكشف سر استبعاد الشناوي من مواجهة الاهلي وبطل النيجر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon