توقيت القاهرة المحلي 02:07:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد الصدمة.. مآسٍ بلا حلول

  مصر اليوم -

ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول

بقلم - جيهان فوزى

أطفال غزة بالتحديد يعيشون تبعات ما بعد الصدمة، بعد تعرضهم لويلات الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة، فالصدمة العاطفية مشكلة تواجه عدداً كبيراً من الأشخاص. بحسب الأبحاث والإحصائيات العلمية فإن 70% من البشر عانوا منها فى مرحلة ما من حياتهم، وهى مشكلة خطيرة قد تؤدى إلى اضطرابات نفسية واجتماعية قوية. والصدمة تأتى نتيجة حدث سلبى فى الحياة يؤدى إلى الشعور الحاد بالأذى العاطفى أو العقلى.الحروب المتتالية التى يشهدها قطاع غزة خلقت جيلاً جديداً من الأطفال يعانى من ضغوط هائلة واضطرابات نفسية عديدة، أقلها التبول اللاإرادى والخوف والقلق والاهتزاز النفسى والعاطفى، أطفال فتحوا أعينهم على الحياة ليجدوا أنفسهم بين حطام البيوت المدمرة، وسماع دوى القذائف والصواريخ، وأزيز الطائرات التى تحلق فى أجواء غزة ليلاً ونهاراً دون انقطاع (الزنانة)، بدلاً من استقبال الحياة باللهو واللعب فى الحدائق والملاهى وتلقى التعليم فى مدارس بأمان، لكن الذى يحدث فى غزة غير ذلك، فمتعة الأطفال الوحيدة هى اللهو بالبنادق البلاستيك وتداول الألفاظ والكلمات التى لا تخرج عن أجواء الحروب والموت والدمار، فلا يوجد عائلة فى غزة لم تفقد أباً أو أماً أو أخاً أو قريباً أو جاراً، عندما يتفتح ذهن الطفل الذى يستقبل الحياة بموت أحد عائلته أو أقربائه، وكل ما يصل أذنيه هو صوت أزيز الطائرات والقصف والانفجارات، فبالتأكيد لن يكون طفلاً سوياً، إما أن يصيبه الهلع والاكتئاب أو يتحول إلى مجرم مجرد من المشاعر الإنسانية، وبالتصنيف الدولى «إرهابى» وربما مشروع قاتل بالفطرة! مشاهد الدمار والقتل التى تسكن خيال الأطفال فى غزة وتداعب أحلامهم، ستصبح عادة مألوفة مع الوقت من كثرة تكرارها. تشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، إلى أن هناك مليون طفل يعيشون فى غزة، ويبدو أن قدر هؤلاء بالعيش فى تلك البقعة، حتم عليهم رؤية الموت رؤى العين، بين حرب تنتهى وأخرى تبدأ، إذ تشير «اليونيسيف» أيضاً إلى أن هناك نحو250 ألف طفل من أطفال غزة يعانون من مشكلات نفسية، وهم بحاجة إلى المساعدة والدعم النفسى، ومن مفارقات القدر أن يستشهد 11 طفلاً من غزة نتيجة القصف الجوى الأخير على غزة من أصل 60 طفلاً كانوا يشاركون فى برنامج «مجلس اللاجئين النرويجى» التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، الذى يهدف إلى مساعدتهم على التعامل مع الآثار النفسية الناجمة عن المآسى التى يعيشونها ما بعد الصدمة.خلال الجولة الأخيرة من الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين فى غزة، تحدث كثير من السكان ومن المختصين بالدعم النفسى للأطفال، عن معاناة نفسية هائلة وضغوط شديدة يتعرض لها الأطفال الذين كانوا يفزعون من النوم خلال ساعات متأخرة من الليل، على أصوات انفجارات هائلة، ربما تكون قريبة جداً من منازلهم، وهو ما يصيبهم بحالة من الفزع، ويجعلهم فى حالة خوف من العودة إلى النوم، خشية احتمالات موتهم نائمين فى واحد من تلك الانفجارات. الآثار النفسية على الأطفال التى خلفتها مشاهد الدمار والعدوان الإسرائيلى على غزة فى جولته الأخيرة، وفقاً لأطباء نفسيين، ستمتد لفترة طويلة، والأعراض النفسية المرتبطة بالخوف تصيب أطفال غزة بالاكتئاب والقلق والاضطرابات السلوكية، وعصبية المزاج والعدوانية وغيرها من الأعراض السلوكية العنيفة، والمهزوزة. لقد حذرت منظمة «أنقذوا الأطفال» من أن أطفال غزة سيعانون لسنوات قادمة من الخوف والقلق وقلة النوم، وتظهر عليهم علامات القلق مثل الاهتزاز المستمر والتبول اللاإرادى.إن التعامل مع الأطفال، خصوصاً الذين يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة ليس سهلاً، كما أن قطاع غزة غير مؤهل لمثل تلك الحالات، فهو يعانى من أزمة اقتصادية مزمنة، فضلاً عن أنه لا يتمتع برفاهية التأهيل النفسى لعدم توافر الإمكانات اللوجيستية الضرورية، صحيح أنه يوجد برنامج غزة للصحة النفسية الذى يقدم نصائحه للعائلات فى كيفية التعامل مع الأطفال ما بعد الصدمة، لكنه غير كافٍ، مطلوب دعم مؤسسات دولية مؤهلة، عبر برامج علمية متطورة تستهدف معالجة اضطرابات ما بعد الصدمة لدى الأطفال الذين تعرضوا لصدمة الحرب، فهم يحتاجون إلى عناية طويلة الأمد، عبر منحهم المزيد من الدعم النفسى والاهتمام، والأمهات على وجه الخصوص، مطالبات بمراقبة أطفالهن الذين عاشوا تجربة الحرب، تحسباً لظهور اضطرابات نفسية، مثل اضطرابات المزاج والشخصية، وعدم الإحساس بالذات، وفقدان الذاكرة وضعف التركيز، غير أن الاعتماد على الأمهات فى المنازل لا يكفى، فالغالبية العظمى منهن غير مؤهلات لمثل هذه الحالات، ولا يملكن سوى التجربة التى عايشنها مع أطفالهن والخبرة الفطرية التى نتجت عن تجاربهن مع الحروب. أطفال غزة بحاجة إلى إنقاذ، وتسليط الضوء على ظروفهم عبر برامج تأهيل نفسى متكامل، قبل فوات الأوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول



GMT 01:38 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 01:34 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مصر بين اختراق رفح وانتهاك المعاهدة

GMT 01:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 01:27 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

GMT 01:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

فرنسا العظمى «سابقاً»

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 10:34 2021 الأحد ,04 تموز / يوليو

إصابة بيريسيتش نجم منتخب كرواتيا بكورونا

GMT 04:40 2021 الأربعاء ,31 آذار/ مارس

طريقة عمل جلاش ملفوف بالمكسرات

GMT 09:35 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين جريئة من وحي لين أبو شعر

GMT 03:19 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

العلماء يحلون لغزا عمره 100 عام بشأن مرض "السرطان"

GMT 11:05 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يتحدى نابولي على كأس السوبر الإيطالي

GMT 15:58 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

شوبير يكشف سر استبعاد الشناوي من مواجهة الاهلي وبطل النيجر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon