توقيت القاهرة المحلي 05:26:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد الصدمة.. مآسٍ بلا حلول

  مصر اليوم -

ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول

بقلم - جيهان فوزى

أطفال غزة بالتحديد يعيشون تبعات ما بعد الصدمة، بعد تعرضهم لويلات الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة، فالصدمة العاطفية مشكلة تواجه عدداً كبيراً من الأشخاص. بحسب الأبحاث والإحصائيات العلمية فإن 70% من البشر عانوا منها فى مرحلة ما من حياتهم، وهى مشكلة خطيرة قد تؤدى إلى اضطرابات نفسية واجتماعية قوية. والصدمة تأتى نتيجة حدث سلبى فى الحياة يؤدى إلى الشعور الحاد بالأذى العاطفى أو العقلى.الحروب المتتالية التى يشهدها قطاع غزة خلقت جيلاً جديداً من الأطفال يعانى من ضغوط هائلة واضطرابات نفسية عديدة، أقلها التبول اللاإرادى والخوف والقلق والاهتزاز النفسى والعاطفى، أطفال فتحوا أعينهم على الحياة ليجدوا أنفسهم بين حطام البيوت المدمرة، وسماع دوى القذائف والصواريخ، وأزيز الطائرات التى تحلق فى أجواء غزة ليلاً ونهاراً دون انقطاع (الزنانة)، بدلاً من استقبال الحياة باللهو واللعب فى الحدائق والملاهى وتلقى التعليم فى مدارس بأمان، لكن الذى يحدث فى غزة غير ذلك، فمتعة الأطفال الوحيدة هى اللهو بالبنادق البلاستيك وتداول الألفاظ والكلمات التى لا تخرج عن أجواء الحروب والموت والدمار، فلا يوجد عائلة فى غزة لم تفقد أباً أو أماً أو أخاً أو قريباً أو جاراً، عندما يتفتح ذهن الطفل الذى يستقبل الحياة بموت أحد عائلته أو أقربائه، وكل ما يصل أذنيه هو صوت أزيز الطائرات والقصف والانفجارات، فبالتأكيد لن يكون طفلاً سوياً، إما أن يصيبه الهلع والاكتئاب أو يتحول إلى مجرم مجرد من المشاعر الإنسانية، وبالتصنيف الدولى «إرهابى» وربما مشروع قاتل بالفطرة! مشاهد الدمار والقتل التى تسكن خيال الأطفال فى غزة وتداعب أحلامهم، ستصبح عادة مألوفة مع الوقت من كثرة تكرارها. تشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، إلى أن هناك مليون طفل يعيشون فى غزة، ويبدو أن قدر هؤلاء بالعيش فى تلك البقعة، حتم عليهم رؤية الموت رؤى العين، بين حرب تنتهى وأخرى تبدأ، إذ تشير «اليونيسيف» أيضاً إلى أن هناك نحو250 ألف طفل من أطفال غزة يعانون من مشكلات نفسية، وهم بحاجة إلى المساعدة والدعم النفسى، ومن مفارقات القدر أن يستشهد 11 طفلاً من غزة نتيجة القصف الجوى الأخير على غزة من أصل 60 طفلاً كانوا يشاركون فى برنامج «مجلس اللاجئين النرويجى» التابع لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، الذى يهدف إلى مساعدتهم على التعامل مع الآثار النفسية الناجمة عن المآسى التى يعيشونها ما بعد الصدمة.خلال الجولة الأخيرة من الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين فى غزة، تحدث كثير من السكان ومن المختصين بالدعم النفسى للأطفال، عن معاناة نفسية هائلة وضغوط شديدة يتعرض لها الأطفال الذين كانوا يفزعون من النوم خلال ساعات متأخرة من الليل، على أصوات انفجارات هائلة، ربما تكون قريبة جداً من منازلهم، وهو ما يصيبهم بحالة من الفزع، ويجعلهم فى حالة خوف من العودة إلى النوم، خشية احتمالات موتهم نائمين فى واحد من تلك الانفجارات. الآثار النفسية على الأطفال التى خلفتها مشاهد الدمار والعدوان الإسرائيلى على غزة فى جولته الأخيرة، وفقاً لأطباء نفسيين، ستمتد لفترة طويلة، والأعراض النفسية المرتبطة بالخوف تصيب أطفال غزة بالاكتئاب والقلق والاضطرابات السلوكية، وعصبية المزاج والعدوانية وغيرها من الأعراض السلوكية العنيفة، والمهزوزة. لقد حذرت منظمة «أنقذوا الأطفال» من أن أطفال غزة سيعانون لسنوات قادمة من الخوف والقلق وقلة النوم، وتظهر عليهم علامات القلق مثل الاهتزاز المستمر والتبول اللاإرادى.إن التعامل مع الأطفال، خصوصاً الذين يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة ليس سهلاً، كما أن قطاع غزة غير مؤهل لمثل تلك الحالات، فهو يعانى من أزمة اقتصادية مزمنة، فضلاً عن أنه لا يتمتع برفاهية التأهيل النفسى لعدم توافر الإمكانات اللوجيستية الضرورية، صحيح أنه يوجد برنامج غزة للصحة النفسية الذى يقدم نصائحه للعائلات فى كيفية التعامل مع الأطفال ما بعد الصدمة، لكنه غير كافٍ، مطلوب دعم مؤسسات دولية مؤهلة، عبر برامج علمية متطورة تستهدف معالجة اضطرابات ما بعد الصدمة لدى الأطفال الذين تعرضوا لصدمة الحرب، فهم يحتاجون إلى عناية طويلة الأمد، عبر منحهم المزيد من الدعم النفسى والاهتمام، والأمهات على وجه الخصوص، مطالبات بمراقبة أطفالهن الذين عاشوا تجربة الحرب، تحسباً لظهور اضطرابات نفسية، مثل اضطرابات المزاج والشخصية، وعدم الإحساس بالذات، وفقدان الذاكرة وضعف التركيز، غير أن الاعتماد على الأمهات فى المنازل لا يكفى، فالغالبية العظمى منهن غير مؤهلات لمثل هذه الحالات، ولا يملكن سوى التجربة التى عايشنها مع أطفالهن والخبرة الفطرية التى نتجت عن تجاربهن مع الحروب. أطفال غزة بحاجة إلى إنقاذ، وتسليط الضوء على ظروفهم عبر برامج تأهيل نفسى متكامل، قبل فوات الأوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول ما بعد الصدمة مآسٍ بلا حلول



GMT 18:47 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

يوسف إدريس.. جنون الإبداع وتمرد الفكر

GMT 18:33 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

روى صلاح دياب

GMT 03:01 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

GMT 02:57 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

الخاسر يربح

إطلالات النجمة إليسا تعكس إحساسها الموسيقي

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - الإعلان عن موعد إلقاء نتنياهو كلمة أمام الكونغرس

GMT 05:16 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

وثيقة أميركية تكشف مبادئ لـ"ما بعد حرب غزة"
  مصر اليوم - وثيقة أميركية تكشف مبادئ لـما بعد حرب غزة

GMT 22:06 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مصطفى شعبان يحسم عودته للسينما بعد غياب 14 عاما
  مصر اليوم - مصطفى شعبان يحسم عودته للسينما بعد غياب 14 عاما

GMT 12:28 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:43 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

الأرصاد المصرية تكشف موعد تحسن الأحوال الجوية

GMT 12:38 2021 الخميس ,11 شباط / فبراير

معسكر مغلق لـ سموحة قبل مواجهة طلائع الجيش

GMT 05:32 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

تحقيق دولي يكشف عن مافيا متخصصة في صيد نمور الجاكوار

GMT 03:11 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

اتحاد اليد الجزائري متمسك بالمدرب الفرنسي بورت

GMT 23:25 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

كورونا في بريطانيا.. حصيلة الوفيات تتخطى حاجز الـ100 ألف

GMT 01:11 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

مصر تهزم بيلاروس بعد جارتها روسيا في كرة اليد

GMT 03:10 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسباب الشعور بآلام أسفل الظهر عند الجلوس

GMT 20:49 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل بسكويت الشوفان في المنزل

GMT 07:01 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

استنشاق 5 روائح يساعد في إنقاص الوزن تعرف عليها

GMT 04:57 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"الصحة" تُجري دراسات لرصد أي تغيّرات جديدة لـ"كورونا"

GMT 20:31 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

تجديد حبس ابنة نهى العمروسي ونجل طولان في "فيرمونت" 45 يوما

GMT 23:06 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تغريم مدرب المنتخب النرويجي بسبب خرق قواعد الحجر الصحي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon