توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأزمة الاقتصادية».. تبدد حلم جنة إسرائيل

  مصر اليوم -

«الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل

بقلم - جيهان فوزى

 

الحرب على غزة ليست نزهة لإسرائيل، ولا انتصاراً تحاول ترويجه للإسرائيليين بجلب الأمن والأمان الدائم لهم، بل إن الثمن الذى ينتظر إسرائيل على المستويين السياسى والاقتصادى باهظ التكاليف، خسرت إسرائيل سياسياً الكثير من الدعم والتعاطف الغربى سواء كان على المستوى الشعبى أو الرسمى، بينما يتأزم وضعها الاقتصادى بشكل غير مسبوق بسبب الحرب على غزة، وبعد أن فجرت وكالة موديز قنبلة إضافية أخرى ضد إسرائيل، عندما خفضت تصنيفها الائتمانى من A مكرر إلى A مفردة، استناداً إلى المؤشرات الدقيقة بتفاقم العجز فى ميزان المدفوعات من فائض قدره 4 مليارات دولار فى العام الماضى، إلى عجز قدره 6 مليارات دولار فى العام الجارى، فضلاً عن ارتفاع الدين العام إلى ما يقارب 300 مليار دولار، يمثل الدين الخارجى منها 15% وذلك بسبب الحرب على غزة.

وقد زادت وكالة فيتش الطين بلة عندما أكدت فى تقريرها الصادر قبل أسبوعين ما ذهبت إليه موديز، لكنها أضافت أن تصاعد مخاطر اندلاع حرب فى شمال إسرائيل مع حزب الله يلقى ظلالاً من الشكوك على قدرة الاقتصاد الإسرائيلى على احتمال المخاطر المترتبة على اتساع نطاق الحرب.

وذهبت إلى أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن الوضع الاقتصادى الإسرائيلى الحالى سيفضى حتماً إلى اضطرابات داخلية عميقة استناداً إلى ثلاثة مؤشرات: أولها تخفيض نسبة المدفوعات للحماية الاجتماعية، وثانيها رفع أسعار الفائدة، وثالثها انسحاب 19% من الشركات الصغيرة والمتوسطة من الأسواق، وتلك المؤشرات بمجملها تعنى نقصاً فى الدخل الذى كانت توفره الدولة للشرائح السكانية الواسعة المقبولة فى نظام التأمين الاجتماعى، ونقصاً فى القدرة على الاقتراض الاستثمارى من البنوك بسبب الفائدة المرتفعة، وزيادة نسبة البطالة المترتبة على مجموع هذه العوامل.

إن الاقتصاد الإسرائيلى بقاعدته الصناعية والإنتاجية والقوية والمتنامية، يمكنه احتمال الهزات الناجمة عن الحرب لفترة قد تستمر أشهراً، لكنه الآن وبعد أن دخلت الحرب شهرها السادس بدأ بالانكشاف أمام تحديات لم يألفها، ولم يسبق أن تعامل معها منذ عام 1973 عندما قادته حرب أكتوبر إلى ركود دام ما يقارب 10 سنوات.

ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية بغطرستها المعهودة، تراهن أولاً وقبل كل شىء على أن الجزء الأكبر من مستورداتها الحربية، سيكون بمثابة هبات مجانية من الدول الحليفة والصديقة وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، غير أن المشكلة هى أن الإنفاق على الحرب لا يتعلق بتلك المستوردات، إنما يتعلق بأوجه الإنفاق الأخرى التى تعتبر من الآثار الجانبية للحرب، مثل تعويضات المصابين والمعاقين وإسكان النازحين من مستوطنات الشمال على الحدود اللبنانية، والجنوب مع غلاف غزة، ودعم الشركات التى فشلت فى المحافظة على قدراتها الإنتاجية بسبب استدعاء موظفيها وعمالها إلى الجيش كقوة احتياط، وهذا رفع الإنفاق الجانبى من 24 مليار دولار إلى 40 مليار دولار، وسيرتفع أكثر إلى ما يقارب 55 مليار دولار، إذا ما اتسع نطاق الحرب ليشمل جنوب لبنان.

لكن لا يبدو المجتمع السياسى الإسرائيلى قلقاً إزاء تلك المؤشرات، فقد بُرمج عقل الناخب الإسرائيلى على الخوف من مخاطر حرب وجودية، تمس أسس وجود واستمرار الدولة اليهودية، لذا فمن المحتمل أن يتقبل الشارع الإسرائيلى بعض التضحيات التى يمكن وضعها أو تصنيفها ضمن مميزات الرفاهية العامة، لكن جزءاً من هذا المجتمع فقد القدرة على الاحتمال يقدر بنحو 900 ألف إسرائيلى، غادروا البلاد فعلاً سواء بشكل دائم أو مؤقت ولأسباب عدة، بعضها يتعلق بالخوف وأخرى تتعلق بالثقة فى المستقبل، وثالثة رغم محدوديتها تتعلق بصحوة الضمير. ومع ذلك لا يزال وزير المالية الإسرائيلية «بتسيلئل سموتريتش» يعاند الحقائق ويصر على أن تقديرات المؤسسات الائتمانية الدولية متسرعة وتفتقر إلى الدقة والموضوعية، وما زالت الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن حجم الدين الخارجى الذى لا يزيد الآن على 42 مليار دولار يتيح لها اقتحام سوق السندات ليس لتعويض العجز فى ميزان المدفوعات فقط، بل لتوفير احتياطى نقدى أجنبى لمواجهة احتمالات استطالة أمد الحرب أو توسعها، لكن سيكون هذا بالتأكيد على حساب مستوى الرفاهية التى تمتع بها الإسرائيليون منذ نهاية التسعينات وحتى الآن.

وباعتبار أن إسرائيل لم تتمكن من اجتذاب يهود العالم إلا بما تقدمه من حوافز لأولئك المهاجرين الجدد، فإن النقص الحاد فى مستوى الرفاهية الذى تعودوا عليه سيدفع أولئك المهاجرين إلى إعادة النظر فى قرارهم التوطن فى الجنة الموعودة. ويبدو أن «نتنياهو» فى قراره شن هذه الحرب الوحشية على غزة، لم يدر فى خلده أن هناك أثماناً غير محسوبة ولا معلنة ستضطر إسرائيل إلى دفعها من حاضرها ومستقبلها كنتيجة مباشرة لتلك الحرب، وهو فى الحقيقة أمر مألوف لدى معظم القادة العسكريين والسياسيين فى إسرائيل المحكومين بعقدة القوة والرغبة الجامحة فى السيطرة، ومثل هؤلاء يعجزون عن إدراك الصورة الشاملة للحرب التى يشعلون فتيلها، ولا يستطيعون تخيل النتائج الكارثية المترتبة على استمرار الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل «الأزمة الاقتصادية» تبدد حلم جنة إسرائيل



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon