توقيت القاهرة المحلي 10:04:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاتحاد الأوروبى.. البطة العرجاء

  مصر اليوم -

الاتحاد الأوروبى البطة العرجاء

بقلم : جيهان فوزي

على هامش المؤتمر الأمنى الذى انعقد فى ميونخ يوم الاثنين الماضى، بحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى إمكانية بلورة مبادرة تكون بديلاً لخطة السلام الأمريكية المقترحة من جانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والمعروفة بصفقة القرن، على اعتبار أن دول الاتحاد الأوروبى متمسكة بحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، لكن عملياً فإن أوروبا ليست لاعباً رئيسياً فى الشرق الأوسط، ولم تكن يوماً، فهناك قوى دولية أكثر تأثيراً هى أمريكا وروسيا تستطيع قلب المعادلة بسهولة، ولو كان لدول أوروبا هذا الدور لاستطاعت على الأقل اتباع سياسة فرض العقوبات على إسرائيل، مثلاً فرض عقوبات اقتصادية، أو سياسية بتخفض التمثيل الدبلوماسى والاعتراف العلنى بدولة فلسطينية على حدود 1967، لكن هذه القدرة شبه معدومة بسبب ثقل ووضع الاتحاد الأوروبى فى منطقة الشرق الأوسط الذى يكاد يكون معدوماً، لذا فإن التوقعات من تلك المبادرة ليست بالكثير، وإسرائيل تعرف يقيناً أنه لن يكون هناك اتفاق فى الشرق الأوسط على هذه المبادرة ولن تتحول إلى الصيغة المقبولة مهما كان الثمن.

يبحث الفلسطينيون عن حل، هذا صحيح بعد الصفعة المدوية التى وجهها الرئيس الأمريكى لهم، وبعد تغير خريطة التحالفات العربية والإقليمية فى المنطقة، وانفراد إسرائيل بالسلطة الفلسطينية فى الضفة وعزل حماس فى غزة، لذا يحاول مهندس الصفقة جاريد كوشنر التسويق لها عبر بث الاتهامات للفلسطينيين بأنهم أفضل من يجيدون لعبة إضاعة الفرص التى أوصلتهم إلى هذا المآل!. قد ينطلى هذا القول على الكثيرين ممن لا يقرأون التاريخ ولا يتابعون تسلسل الأحداث، فمن الأدلة التى تظهر أن الفلسطينيين لم يضيعوا أى فرصة الكثير، وأبدأها بمسألة الحوار الأمريكى - الفلسطينى الذى تم طرحه فى ثمانينات القرن الماضى ووافق الفلسطينيون حينها على إعلان نبذ العنف والعمليات العسكرية، وبدأت جولات من الحوار الأمريكى الفلسطينى للوصول إلى فرصة للسلام، وعندما انعقد مؤتمر مدريد لم يضيع الفلسطينيون تلك الفرصة وشاركوا فيها على الرغم أنهم كانوا تحت مظلة الوفد الأردنى، وعندما بدأت محادثات أوسلو انخرط الفلسطينيون فيها من أجل الوصول إلى إعلان المبادئ، ثم دخل الفلسطينيون فى مفاوضات القاهرة للوصول إلى اتفاق غزة - أريحا أولاً، ثم عندما طرح الرئيس الأمريكى الأسبق بل كلينتون مبادرته، دخل الفلسطينيون بكل ثقلهم فى «كامب ديفيد2» عام 2000، وحاولوا الاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية، لكن الوضع كان قد حسم فى إسرائيل بعد اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين، وانقلب اليمين الإسرائيلى على كل الاتفاقات مع الفلسطينيين، وبدأ فى محاولاته اليائسة لتوسيع الاستيطان وضم القدس وإنهاء قضية اللاجئين.

ما يريده «كوشنر» فى الحقيقة هو التراجع عن ربع قرن من المفاوضات والاتفاقات والمبادئ التى تم الاتفاق عليها وطرح مرجعية دولية جديدة تنسف كل ما تم الاتفاق عليه سابقاً!. ومن هنا فإن هناك شكاً أن يتمكن الاتحاد الأوروبى من إعلان مبادرة موازية لخطة «ترامب»، ويكاد يكون من المؤكد أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً شديدة على أوروبا لمنعها من إعلان مثل هذه المبادرة، أما صفقة ترامب نفسها فلن تتحول إلى صيغة دولية مقبولة، لكن سيعمل الإسرائيليون على تنفيذها (step by step) لتحويلها إلى أمر واقع، ومن المتوقع أن تبدأ هذه السياسة فور الانتهاء من الانتخابات فى شهر مارس المقبل، بالضم التدريجى للأراضى خاصة غور الأردن والكتل الاستيطانية الكبرى، ورغم المقاومة والرفض الفلسطينى للصفقة والمحاولات الحثيثة لإفشالها، إلا أن ذلك لا يستطيع تقييد الإجراءات الإسرائيلية أو منعها على الأقل فى الضفة الغربية، وبالتالى لن يكون هناك تغيير جوهرى فى عملية السلام. فعندما يكون الاتحاد الأوروبى فى مواجهة الولايات المتحدة، فإن الكفة الراجحة ستكون للولايات المتحدة وإسرائيل، ولا عزاء للضعفاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتحاد الأوروبى البطة العرجاء الاتحاد الأوروبى البطة العرجاء



GMT 13:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 12:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 06:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon