توقيت القاهرة المحلي 12:59:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاتحاد الأوروبى.. البطة العرجاء

  مصر اليوم -

الاتحاد الأوروبى البطة العرجاء

بقلم : جيهان فوزي

على هامش المؤتمر الأمنى الذى انعقد فى ميونخ يوم الاثنين الماضى، بحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى إمكانية بلورة مبادرة تكون بديلاً لخطة السلام الأمريكية المقترحة من جانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والمعروفة بصفقة القرن، على اعتبار أن دول الاتحاد الأوروبى متمسكة بحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، لكن عملياً فإن أوروبا ليست لاعباً رئيسياً فى الشرق الأوسط، ولم تكن يوماً، فهناك قوى دولية أكثر تأثيراً هى أمريكا وروسيا تستطيع قلب المعادلة بسهولة، ولو كان لدول أوروبا هذا الدور لاستطاعت على الأقل اتباع سياسة فرض العقوبات على إسرائيل، مثلاً فرض عقوبات اقتصادية، أو سياسية بتخفض التمثيل الدبلوماسى والاعتراف العلنى بدولة فلسطينية على حدود 1967، لكن هذه القدرة شبه معدومة بسبب ثقل ووضع الاتحاد الأوروبى فى منطقة الشرق الأوسط الذى يكاد يكون معدوماً، لذا فإن التوقعات من تلك المبادرة ليست بالكثير، وإسرائيل تعرف يقيناً أنه لن يكون هناك اتفاق فى الشرق الأوسط على هذه المبادرة ولن تتحول إلى الصيغة المقبولة مهما كان الثمن.

يبحث الفلسطينيون عن حل، هذا صحيح بعد الصفعة المدوية التى وجهها الرئيس الأمريكى لهم، وبعد تغير خريطة التحالفات العربية والإقليمية فى المنطقة، وانفراد إسرائيل بالسلطة الفلسطينية فى الضفة وعزل حماس فى غزة، لذا يحاول مهندس الصفقة جاريد كوشنر التسويق لها عبر بث الاتهامات للفلسطينيين بأنهم أفضل من يجيدون لعبة إضاعة الفرص التى أوصلتهم إلى هذا المآل!. قد ينطلى هذا القول على الكثيرين ممن لا يقرأون التاريخ ولا يتابعون تسلسل الأحداث، فمن الأدلة التى تظهر أن الفلسطينيين لم يضيعوا أى فرصة الكثير، وأبدأها بمسألة الحوار الأمريكى - الفلسطينى الذى تم طرحه فى ثمانينات القرن الماضى ووافق الفلسطينيون حينها على إعلان نبذ العنف والعمليات العسكرية، وبدأت جولات من الحوار الأمريكى الفلسطينى للوصول إلى فرصة للسلام، وعندما انعقد مؤتمر مدريد لم يضيع الفلسطينيون تلك الفرصة وشاركوا فيها على الرغم أنهم كانوا تحت مظلة الوفد الأردنى، وعندما بدأت محادثات أوسلو انخرط الفلسطينيون فيها من أجل الوصول إلى إعلان المبادئ، ثم دخل الفلسطينيون فى مفاوضات القاهرة للوصول إلى اتفاق غزة - أريحا أولاً، ثم عندما طرح الرئيس الأمريكى الأسبق بل كلينتون مبادرته، دخل الفلسطينيون بكل ثقلهم فى «كامب ديفيد2» عام 2000، وحاولوا الاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية، لكن الوضع كان قد حسم فى إسرائيل بعد اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين، وانقلب اليمين الإسرائيلى على كل الاتفاقات مع الفلسطينيين، وبدأ فى محاولاته اليائسة لتوسيع الاستيطان وضم القدس وإنهاء قضية اللاجئين.

ما يريده «كوشنر» فى الحقيقة هو التراجع عن ربع قرن من المفاوضات والاتفاقات والمبادئ التى تم الاتفاق عليها وطرح مرجعية دولية جديدة تنسف كل ما تم الاتفاق عليه سابقاً!. ومن هنا فإن هناك شكاً أن يتمكن الاتحاد الأوروبى من إعلان مبادرة موازية لخطة «ترامب»، ويكاد يكون من المؤكد أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً شديدة على أوروبا لمنعها من إعلان مثل هذه المبادرة، أما صفقة ترامب نفسها فلن تتحول إلى صيغة دولية مقبولة، لكن سيعمل الإسرائيليون على تنفيذها (step by step) لتحويلها إلى أمر واقع، ومن المتوقع أن تبدأ هذه السياسة فور الانتهاء من الانتخابات فى شهر مارس المقبل، بالضم التدريجى للأراضى خاصة غور الأردن والكتل الاستيطانية الكبرى، ورغم المقاومة والرفض الفلسطينى للصفقة والمحاولات الحثيثة لإفشالها، إلا أن ذلك لا يستطيع تقييد الإجراءات الإسرائيلية أو منعها على الأقل فى الضفة الغربية، وبالتالى لن يكون هناك تغيير جوهرى فى عملية السلام. فعندما يكون الاتحاد الأوروبى فى مواجهة الولايات المتحدة، فإن الكفة الراجحة ستكون للولايات المتحدة وإسرائيل، ولا عزاء للضعفاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتحاد الأوروبى البطة العرجاء الاتحاد الأوروبى البطة العرجاء



GMT 09:47 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

مواسمُ الأعياد.. والقلوبُ الحلوة

GMT 09:43 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

بورصة التغيير!

GMT 09:40 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

فنى ثم فنى ثم بيتى!!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

القبطى الوحيد

GMT 09:35 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

صناعة البديل

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:23 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء
  مصر اليوم - طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر

GMT 07:37 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

أجنّة سمكة قرش منقرضة أكلت أشقائها في الرحم

GMT 04:22 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

موديلات جمبسوت خطوبة للعروس العصرية تعرفي عليها

GMT 06:59 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تتغير الظروف في الشهر الاول عما كانت عليه مؤخراً

GMT 09:34 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يسأل عن 8 ملايين دولار مستحقة لمصر لدى الكاف

GMT 01:44 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

"بسنت" يتصدر مؤشرات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon