توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ستون عامًا على استقلال الجزائر

  مصر اليوم -

ستون عامًا على استقلال الجزائر

بقلم - أحمد الجمال

أمس 5 يوليو اكتملت ستون سنة على إعلان استقلال الجزائر عام 1962، لذا فالتهنئة واجبة، خاصة من الفئة التي عاصرت جزءًا من نضالات شعب الجزائر، ورفعت صور أبطاله، وتزاحمت على شبابيك تذاكر «الترسو» في دور السينما بالأقاليم ليشاهدوا فيلم «جميلة بوحيرد»، وقد انتميت لتلك الفئة.
وأسعدنى القدر بأن التقيت الرئيس أحمد بن بلة عدة مرات، كانت الأولى بعد خروجه من السجن، الذي اقتربت مدته من عشرين سنة، وجاء إلى زيارة للشارقة، ووصل أيضًا في الوقت نفسه من قضى في السجن أحد عشر عامًا السيد محمد فائق، وكنت آنذاك أعمل صحفيًا وأكتب عمودًا يوميًا في صحيفة «الخليج»، وكان مهرجانًا وحدويًا حافلًا بالمعانى العميقة والعواطف المتدفقة.

وكان آخر لقاء في منزله المتواضع بالقرب من جنيف بسويسرا، حيث دعانا للغداء، وكنت بصحبة السيد محمد فائق والمرحوم محمد عروق، وإذ كنت في حالة جوع شديد، منيت نفسى بغداء رئاسى فخيم، وإذا بالوجبة كوجبات درجة الترسو أو السياحى في الطائرات.. نصف ربع دجاجة وملعقتين من السوتيه ومثلهما سلطة، والحلو برتقالة، ثم شاى، وسمعته بأذنى وهو يحكى عن ذكريات النضال الذي انخرط فيه مع زملائه من جبهة التحرير.

وكانوا عند لحظة القبض عليهم حفاة بدون أحذية، وبملابس خفيفة شبه بالية وبأسلحتهم، ثم أخذت نبرته وتيرة الحزن والأسى وقال: «لذلك كلما رأيت أبوعمار وزعماء المقاومة الفلسطينية يستخدمون أحدث طرازات المرسيدس ويعيشون في رغد نسبى حزنت، لأنهم لن يستطيعوا الانتصار وتحرير أرضهم وإقامة دولتهم، لأن الثورات لا ينجزها إلا الذين يلتصق جلد أقدامهم بالأرض».

احتلت فرنسا الجزائر عام 1832، ولم يستكن الشعب الجزائرى، فتصدى بقيادة الأمير عبدالقادر الجزائرى، وبدأت المقاومة، وترك الأمير مقعد خلافة والده على رأس أكبر طريقة صوفية، واستطاع عام 1837 أن يضع أسس دولة جزائرية، وبدأ يبنى جيشًا ويسك عملة، ولكن وحشية الاحتلال وقسوته وتفوقه في السلاح والعدد والخبرات هزمت الأمير عبدالقادر، وحملوه لفرنسا وحُكم بسجنه لخمس سنوات، ثم خرج وتوجه لدمشق وأدى دورًا قوميًا عظيمًا، حتى توفى ودفن هناك، ثم نقلت رفاته عام 1966 إلى الجزائر.

وحسب الوقائع التاريخية في حقب الاستعمار القديم، البريطانى والفرنسى خاصة، فإن الأخير اتسم بالشراسة والإصرار على تغيير هوية وثقافة البلاد التي يحتلها، والعنف الشديد مع أي مقاومة وبغير أدنى مبالاة بعدد الضحايا، حتى إننا نجده يرتكب المجازر- بالمعنى الحرفى للكلمة- في الجزائر، وكانت إحدى ذرى تلك المجازر مجزرة 8 مايو 1945 ضد المظاهرات السلمية التي خرجت للمطالبة بالاستقلال، ويقدر عدد الشهداء القتلى من الجزائريين بين خمسة وأربعين ألفًا وسبعين ألف شهيد، وكان أول الشهداء هو الشاب «بوزيد سعال» الذي كان في الثانية والعشرين من عمره.

ورغم ذلك، ومع الإصرار والاستمرار، ومع تصاعد حركة التحرر الوطنى العربى والعالمى، وحيث كانت مصر- آنذاك- في القلب منها، ولها دور غير منكور؛ انتصر الشعب الجزائرى وأقيمت حكومة مؤقتة، ثم كان انتخاب أول رئيس جزائرى هو أحمد بن بلة، الذي استمر في الرئاسة فترة قصيرة من 15 سبتمبر 1963 إلى 19 يونيو 1965، حيث تحرك رفيق نضاله، ووزير دفاع الجزائر، والرجل الثانى في الحكم؛ وأزاحه ووضعه في السجن.

وأيًا كانت الأسباب وكان المسار بعد ذلك، إلا أن ظاهرة الرجل الثانى قفزت إلى الصدارة بعد أن أزيح الرئيس الإندونيسى أحمد سوكارنو على يد نائبه سوهارتو، وأزيح الرئيس الغانى كوامى نكروما، مؤسس غانا وقائد نضال شعبها للاستقلال، على يد وزير دفاعه في 24 فبراير 1966.. وكان ثمة صراع صامت في مصر بين الرئيس عبدالناصر والرجل الثانى عبدالحكيم عامر، وفى ذلك وقائع ضمن مسار مؤلم انتهى بالنكسة التي انتهت بالصمود والاستنزاف والانتصار في أكتوبر.

ويبقى استقلال الجزائر بعد احتلال دام مائة واثنتين وثلاثين سنة ملحمة إنسانية فريدة وخالدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستون عامًا على استقلال الجزائر ستون عامًا على استقلال الجزائر



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon