توقيت القاهرة المحلي 10:28:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل ينجح الديمقراطيون فى عزل «ترامب»؟

  مصر اليوم -

هل ينجح الديمقراطيون فى عزل «ترامب»

بقلم : د. حسن أبوطالب

فى أحد المقاطع المصورة والمتداولة فى وسائل التواصل الاجتماعى، يصف الممثل الأمريكى الشهير روبرت دى نيرو رئيس بلاده بالكثير من الصفات التى يُعاقب عليها القانون، أقلها الغباء، وأنه عالة على البلاد. وفى حالة انفعال زائد وحماس شديد برر «دى نيرو» ما قاله بأن رئيسه يعد سُبة لأمريكا ويؤثر على مصالحها العليا فى الداخل والخارج، وأنه يجب العمل على إيقافه بأى شكل كان. ما قاله هذا الممثل الشهير هو جزء من تيار أمريكى يناهض الرئيس «ترامب» فى الإعلام والفنون والسياسة بقوة، ويتطلع إلى اليوم الذى يمكن فيه إما عزل الرئيس وإهانته، وإما إسقاطه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عامين، فى حال ترشح «ترامب» مرة ثانية، وهو أمر يبدو مؤكداً إذا استطاع أن يمر من كافة الأزمات القانونية التى تلاحقه يوماً بعد آخر.

«ترامب» من جانبه يصر على أمرين؛ أولهما أن ما يفعله المناهضون له ليس سوى «شو سياسى» يفتقد إلى أى أسس قانونية قوية وسليمة، وكثيراً ما شبّه ما يفعله المحقق مولر فى التحقيقات الخاصة بافتراض التدخل الروسى فى انتخابات 2016 بعلم القائمين على حملته الانتخابية بأنه نوع من «مطاردة الساحرات» التى ستنتهى آجلاً أو عاجلاً بخيبة أمل كبيرة لمن يتمسكون بها. والأمر الثانى هو أنه رئيس ناجح استطاع أن يجعل الاقتصاد الأمريكى مزدهراً مرة أخرى، ويفعل الكثير من أجل إثراء الأمريكيين، ولذا يتصور أنه فى حالة عزله فسوف يتدهور الاقتصاد ويثور الأمريكيون.

قضية عزل «ترامب» ثارت بقوة فى أغسطس الماضى حين تم توجيه اتهام لمحاميه مايكل كوهين، الذى أقر بذنبه فى ارتكاب انتهاكات تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية الرئاسية 2016، وبدفع مبالغ مالية لامرأتين مقابل السكوت عن علاقات غير شرعية مع «المرشح ترامب»، وكذلك إدانة رئيس حملته السابق بول مانافورت، بالاحتيال الضريبى والمصرفى. غير أن التحليل القانونى انتهى إلى أن «ترامب» لا يمكن عزله نظراً لسيطرة الجمهوريين آنذاك على مجلسى النواب والشيوخ، وهو ما يحول دون إمكانية نجاح أى محاولة لعزله لأنها لن تحصل على موافقة غالبية الثلثين فى المجلسين. وحتى بعد فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب، كما حدث فى انتخابات التجديد النصفى نوفمبر الماضى، سيظل تحقيق هذه الأغلبية فى المجلسين معاً متعذراً نظراً لاستحواذ الجمهوريين فى مجلس الشيوخ على أغلبية بزيادة نائبين عن النصف، وهو ما يحول دون تحقيق أغلبية الثلثين التى تُقر العزل. وبالتالى لا يمكن تصور عزل «ترامب» إلا فى حالة واحدة فقط وهى أن يتحول عدد من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ الجمهوريين إلى معارضة «ترامب»، وبالتالى دعم مساعى الديمقراطيين وإنجاحها. ووفقاً للتقاليد الحزبية فإن معارضة نائب أو سيناتور جمهورى للرئيس فى قضية معينة لا تعنى أنه يقبل المشاركة فى هزيمة حزبه أو إلقاء العار عليه من خلال الموافقة على عزل الرئيس المنتمى للحزب، فالمسألة هنا ستشكل سابقة تاريخية سوف تضعف الحزب سياسياً ومعنوياً أمام المواطنين، وهو حاجز يصعب القفز عليه.

بيد أن عالم السياسة لا يعرف البقاء فى مربع وحيد، والمفاجآت دائماً محتملة والحنكة السياسية تفرض توقعها والتحسب لها، وأبرزها أن تتجمع أدلة يقينية تثبت إدانة الرئيس سواء فى التهرب الضريبى أو مخالفة قوانين تمويل الحملات الانتخابية أو التدخل الصارخ لإعاقة العدالة، أو أية جريمة أخرى تخل بالشرف وبما يتعذر على مجلسى النواب والشيوخ التغاضى عنها، ومن ثم تبدأ دورة العزل القانونية، وحينها إما أن يستمر الرئيس «ترامب» فى المواجهة، وإما تتزايد عليه الضغوط من رموز الحزب الجمهورى وينتهى الأمر بتسوية تؤدى إلى استقالته نظير الحصانة من الملاحقة القضائية لاحقاً، وهو ما تم مع الرئيس الأسبق نيكسون. وفى هذه الحالة يصبح نائب الرئيس، مايك بنس، رئيساً للبلاد المدة المتبقية من رئاسة «ترامب»، وقد تتراوح بين عام وعام ونصف. وفى الحالتين فإن الأشهر الستة الأولى من العام الجديد سوف توضح إلى أى مدى سيتمكن الديمقراطيون، بعد تسلمهم قيادة مجلس النواب، من الوصول إلى هدفهم الأكبر وهو عزل «ترامب».

ومع افتراض أن حقق الديمقراطيون هدفهم الأسمى وتم عزل «ترامب»، فإن نائبه مايك بنس لن يكون رئيساً مختلفاً عن «ترامب» فى سياساته وتوجهاته الرئيسية سواء الاقتصادية أو المتعلقة بقضايا اجتماعية أو تخص الهجرة. وبالنسبة للقضايا العربية، لا سيما القضية الفلسطينية، فالرجل يرى أن «القدس» هى عاصمة أبدية لإسرائيل، وينتمى إلى طائفة الإنجيليين المتشددين التى تؤمن بأن وجود إسرائيل التزام عقيدى لا يجوز التراخى فيه، وأن الله يخطط له أن يكون رئيساً للولايات المتحدة، حسب ما ورد فى صحيفة لوس أنجلوس تايمز.

السائد فى أروقة الحكم الأمريكية أن الديمقراطيين سوف يسيطرون على غالبية اللجان المُسيرة لأعمال مجلس النواب، وسوف يوجهون أعمالها لتعطيل عمل إدارة «ترامب» قدر الإمكان والوقوف أمام قراراته التى يرونها تُفقد الولايات المتحدة دورها العالمى والأخلاقى، وتربك الحياة الأمريكية، وقد بدأ الأمر مبكراً إلى حد ما من خلال الاعتراض على طلب الرئيس «ترامب» تضمين الموازنة الجديدة مبلغ 5 مليارات تخصص لبناء الجدار الحدودى الفاصل مع المكسيك، وحتى بعد تخفيف الطلب إلى مجرد تخصيص مبلغ محترم من أجل حماية الحدود، رفض الديمقراطيون، فكان أن عطل «ترامب» عمل الأجهزة الحكومية جزئياً فى انتظار تسوية تبدو صعبة إلى حد كبير. هذه البداية تعنى أن الطرفين متمسكان بالمواجهة وكل منهما يفترض أن موقف الطرف الآخر سيؤثر سلباً على شعبيته لدى الناخبين. وحتى فى حالة التوصل إلى تسوية ما بعد أسبوع أو أكثر، فإن عمل اللجان المتخصصة التى سيرأسها الديمقراطيون لن يتوقف عن إثارة المشكلة تلو أخرى لـ«ترامب» وأعوانه المقربين، ما يجعل إدارته فاقدة القدرة على العمل الكفؤ، كما لن تتوانى عن تشكيل العديد من اللجان البرلمانية والقانونية لفحص وتدقيق العديد من الملفات الضريبية الخاصة بأعمال «ترامب» قبل أن يُنتخب رئيساً، على أمل التوصل إلى أدلة إدانة تطيح برئاسته. وحتى لو لم تتوصل تلك اللجان إلى مثل تلك الأدلة، فمجرد عملها وما يصاحبه من تشويش دعائى ومساجلات قانونية من شأنها أن تثير مناخاً من الشكوك على نزاهة الرئيس، وهو ما يأمل الديمقراطيون فى أن يكون أحد مداخلهم الأساسية فى الإطاحة بـ«ترامب» إذا ترشح مرة ثانية فى الانتخابات الرئاسية 2020.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ينجح الديمقراطيون فى عزل «ترامب» هل ينجح الديمقراطيون فى عزل «ترامب»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي

GMT 09:23 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

ضغوط متزايدة على لامبارد بعد أحدث هزيمة لتشيلسي

GMT 04:38 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

نفوق عشرات الآلاف من الدواجن قرب بلدة "سامراء" شمال بغداد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon