توقيت القاهرة المحلي 17:56:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب وكيم.. الصفقة لم تنضج بعد

  مصر اليوم -

ترامب وكيم الصفقة لم تنضج بعد

بقلم : د. حسن أبوطالب

انتهى لقاء هانوى بين الرئيس الأمريكى ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون بدون بيان أو وثيقة تعبر عما دار فى اجتماعاتهما الثنائية المنفردة أو التى شارك فيها بعض المساعدين من كلا الطرفين. وذلك على عكس ما جرى فى القمة الأولى فى سنغافورة يونيو 2018.

ورغم أن الأمر يبدو وكأنه دليل دامغ على فشل اللقاء، الذى عول عليه كثيرون فى تحقيق خطوة كبيرة لنزع أسلحة بيونج يانج النووية وصواريخها الباليستية بعيدة المدى، إلا أن الطرفين ألمحا بأن القمة فى حد ذاتها ليست نهاية المطاف وأن الخبراء سوف يستمرون فى بحث الأمور الفنية.

ولعل تصريح الرئيس ترامب بأن مغادرة الاجتماع مع كيم جون كانت ودية، بمثابة إشارة إلى أن الأمور لم تصل بعد إلى نقطة اللاعودة.

إذا تَركْ المجال مفتوحا لمزيد من لقاءات الفنيين يعنى أن المسائل الفنية لم تنضج بعد، وأن أى صفقة وفقا للتعبيرات التى يفضلها الرئيس ترامب لم تصل بعد إلى إلشروط والمواصفات التى يفضلها شخصيا ويعتبرها بمثابة انتصار كبير، ولكن يقبلها الزعيم كيم أيضا.

وهنا يلفت النظر ما قاله ترامب فى المؤتمر الصحفى الذى أعلن فيه مغادرة اللقاء بأن عدم توقيعه أية وثيقة تصدر عن المباحثات كان بناء على نصيحة وزير خارجيته بومبيو. وأهمية هذه النصيحة تبدو فى ضوء أمرين؛ كلاهما مرتبط بالداخل الأمريكى وما فيه من تربص سياسى وإعلامى بالرئيس ترامب، أولهما أن وعود الرئيس ترامب للأمريكيين مفادها أنه يبرم صفقات كبرى لصالح البلاد وأمنها ورفاهيتها دون أعباء تذكر بل تحقق ميزات بلا مقابل.

وثانيهما أن انسحابه من الاتفاق الخاص بالبرنامج النووى الإيرانى تم تفسيره بأن هذا الاتفاق الذى أبرم فى عهد الرئيس السابق أوباما ويقوم على معادلة فى اتجاهين حيث تلتزم إيران بشروط معينة فى برنامجها النووى مقابل رفع تدريجى للعقوبات التى فرضها الغرب سابقا- هو اتفاق كارثى لأنه حسب ترامب لم يحقق نزعا كاملا للقدرات النووية الإيرانية بالكامل قبل أى رفع للعقوبات.

والأمران معا غالبا ما قيدا الرئيس ترامب من توقيع أى وثيقة قد تبدو وكأنها مخالفة تماما لما يَعد به الشعب الأمريكى وتثبت نجاحه فى عقد الصفقات الناجحة، وقد تبرز فى الواقع تناقض مواقفه، وقد يستغلها المتربصون من الديمقراطيين أو بعض الجمهوريين لبيان عدم توازنه السياسى.

هنا نلاحظ أن التفسير المباشر الذى قاله الرئيس ترامب لعدم التوصل إلى اتفاق مع الزعيم كيم، هو أن الأخير طالب برفع العقوبات كاملة، وهو ما رفضه. وهو تفسير يبدو غير صحيح فى ضوء ما أعلنه وزير خارجية كوريا الشمالية فى اليوم ذاته، وأشار فيه إلى أنهم طالبوا برفع جزئى للعقوبات الأممية، وليس كلها، لاسيما خمسة بنود تتعلق بالاقتصاد المدنى وحياة عامة الشعب من بين 11 بندا تشملها العقوبات، مقابل تدمير نهائى لجميع المنشآت النووية فى يونجبيون والتى تنتج مواد نووية عبر عملية تدمير مشترك يشارك فيه خبراء أمريكيون، مضيفا أن هذه هى أكبر إجراءات ممكنة للتفكيك النووى فى الوقت الراهن نظرا لمستوى الثقة القائم بين بلاده والولايات المتحدة.

أهمية تصريحات الوزير الكورى الشمالى أنها تعكس رؤية متدرجة لنزع القدرات النووية مقابل تخفيف العقوبات الأممية وليس رفعها كاملة، وتربط ذلك بمستوى الثقة مع واشنطن والذى لم يصل بعد إلى الحد الذى يتيح الاطمئنان الكامل للوعود الأمريكية، خاصة فى ضوء انقلاب الرئيس ترامب على الكثير من المعاهدات الدولية.

فى المقابل يبدو الرئيس ترامب وكما قال ليس متسرعا فى الوصول إلى صفقة متكاملة، ولا يقبل بأٌقل من نزع كامل لقدرات كوريا الشمالية النووية قبل تقديم أى محفزات من أى نوع. وكأن المطلوب هو أن تذعن بيونج يانج للشروط الأمريكية دون أى مقابل محدد، ومثل هذه الرؤية لا نظير لها فى عالم المفاوضات الدولية، اللهم فى حالة واحدة تعقب حربا ينتصر فيها طرف على طرف آخر انتصارا ساحقا، ويفرض فيها ما يحلو له من شروط مذلة ومهينة.

وهو ما حدث مع اليابان التى هُزمت فى الحرب العالمية الثانية بعد تعرضها لضربتين نوويتين أمريكيتين دمرتا هيروشيما وناجازاكى وقتلت مئات الألوف من أبنائهما، ما دفع طوكيو آنذاك إلى الاستسلام وقبول الشروط الأمريكية كاملة، بما فيها الوجود العسكرى الدائم، وتغيير الدستور، وعدم تكوين جيش يحمى البلاد، والاكتفاء بقوات للدفاع الوطنى.

حالة اليابان التاريخية التى توجه السياسة الأمريكية فى الوقت الراهن لا تفيد فى الحالة الكورية الشمالية، فبالرغم من الصعوبات والقيود الدولية التى يتحرك فيها نظام كوريا الشمالية والتخلف الاقتصادى ومعاناة الشعب، إلا أنه ليس مهزوما بالمعنى العسكرى، وهو قادر على العيش وصنع أسلحة متقدمة رغم القيود، بما يعنى أن لديه قاعدة علمية وصناعية عسكرية متطورة. والغريب أن دول الجوار التى تتمركز فيها قوات أمريكية تصل إلى خمسين ألف جندى وكم هائل من الأسلحة المتقدمة، فضلا عن مظلة حماية نووية أمريكية، فهى التى تخشى القدرات التسليحية لكوريا الشمالية سواء التقليدية أو النووية أو الصاروخية بمدياتها المختلفة.

ويبدو هنا موقف اليابان مؤشرا على مدى القلق الذى يعترى ساستها، فرئيس الوزراء هو من أشد المدافعين عن مطالب واشنطن بنزع كامل لقدرات كوريا الشمالية دون أى مقابل، وكأن اليابان تريد استنساخ تجربتها التاريخية ولكن دون أسس موضوعية. وما يجعل رغبة الولايات المتحدة، والرئيس ترامب شخصيا فى الحصول على كل شيء دون مقابل، نوعا من السذاجة السياسية، هو أن نزع القدرات النووية لكوريا الشمالية لا يتعلق بهذا البلد وحسب، وإنما بمجمل التوازن القائم فى منطقة شرق آسيا، حيث مصالح الصين وروسيا وقدراتهما الاقتصادية والعسكرية تظل حاضرة فى أى مفاوضات بين واشنطن وبيونج يانج، حتى ولو غاب حضورهما المباشر، فهما متفاهمان مع كوريا الشمالية على حدود الخطوات التى يمكن الاتفاق عليها مع واشنطن.

وإذا كان الرئيس ترامب يراعى مطالب اليابان، فإن الزعيم كيم يراعى بدوره من يقفون معه ويمثلون له شريان الحياة فى الوقت الذى ابتعد كثيرون جدا عن تقديم أى دعم لبلاده.

نقلا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع    

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب وكيم الصفقة لم تنضج بعد ترامب وكيم الصفقة لم تنضج بعد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt