توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل وإيران بين الحرب والردع

  مصر اليوم -

إسرائيل وإيران بين الحرب والردع

بقلم - حسن أبوطالب

للمرة الأولى تضرب إسرائيل أحد أبرز المنشآت المدنية فى سوريا وتخرجه من الخدمة لمدة غير معروفة. فقد طال القصف مدارج مطار دمشق الدولى والبنية التحتية الكهربائية ومبنى إدارياً. الأكثر من ذلك صدر اعتراف إسرائيلى صريح بالمسئولية عن القصف، ولم يخرج التبرير عن استهداف تعده «تل أبيب» مشروعاً ضد إيران وأذرعها، وضد مساعيها لإرسال مكونات عسكرية متطورة عبر سوريا إلى حزب الله اللبنانى، بهدف تطوير قدراته الصاروخية وجعلها صواريخ دقيقة التوجيه تهدد إسرائيل.

إسرائيل منذ العام 2018 قامت بتوجيه ضربات إلى الأراضى السورية تفوق ألفين ومائتى مرة، ولم تكن تعترف بأنها المعتدى. تحول سياستها مؤخراً للتصريح بضرب العمق السورى يُعد تحولاً استراتيجياً من حيث الأداء ومن حيث التباهى الإعلامى، وكلاهما موجه لإيران وحلفائها من جهة، وللداخل الإسرائيلى من جهة ثانية، وهو الآخذ فى التحول المتسارع نحو اليمين المتطرف، والمؤمن بأن حل أزمة إسرائيل يكمن فى شن الحروب واغتصاب الأراضى، باعتبارها الاستراتيجية الأمثل للحفاظ على وجود إسرائيل ذاتها.

استهداف الداخل الإيرانى جزء آخر من الصورة، حيث قُتل علماء ومهندسون يشاركون فى برنامج إيران الصاروخى والنووى، كما استهدفت منشآت نووية بطائرات مُسيرة تطلق من الداخل الإيرانى، وعمليات استخبارية وتخريب سيبرانى لبعض المرافق الحيوية، وهو ما وصفه رئيس الوزراء نفتالى بينيت بأنه تطبيق جديد لاستراتيجية مواجهة الأخطبوط، فبدلاً من ضرب أذرعه، كما كان يحدث سابقاً، جاء الجديد مستهدفاً ضرب رأسه، بهدف القضاء عليه. وهو ما فسرته إحدى المجلات الأمريكية الشهيرة بكونه أحد أهم الشواهد على قرب اندلاع حرب إقليمية تعد لها إسرائيل. وذلك بالرغم من أن إيران لم ترد على كل تلك الضربات إلا بالتصريحات حول قرب الانتقام فى الداخل الإسرائيلى وليس خارجه.

فى السياق ذاته، ترتفع بحدة التصريحات والتهديدات المتبادلة بين السيد حسن نصر، أمين حزب الله اللبنانى، ورئيس الأركان الإسرائيلى، أفيف كوخافى، على خلفية قيام إسرائيل بالبحث عن الغاز فى منطقة بحرية محل نزاع، يعتبرها حزب الله مبرراً قوياً للدفاع عن ثروات لبنان المشروعة، بينما تعتبرها إسرائيل حقاً لها ما دام لم يصل الطرفان إلى اتفاق بشأن تحديد الحدود البحرية بينهما، بينما يعمل وسيط أمريكى لحل الخلاف. ويلاحظ فى تهديدات «كوخافى» التى توعدت لبنان بضرب آلاف الأهداف المدنية والعسكرية، أنها جاءت فى سياق تعريف الإسرائيليين باستعداد جيشهم للتعامل مع ستة تهديدات فى آن واحد، أبرزها تهديدات نووية، فى إشارة إلى ضربات إيرانية محتملة ضد المنشآت النووية الإسرائيلية، وهو ما أشار إليه موقع «سايبر شافارات تريدستون 71»، الإسرائيلى المختص بتحليل البيانات الاستخبارية بأن إيران لديها سبعة أهداف استراتيجية داخل إسرائيل ستوجه إليها الصواريخ بمجرد أن تتعرض لهجوم إسرائيلى؛ منها مركز البحوث النووية فى «ديمونا» وقاعدتا الصواريخ «تيروش»، القريبة من القدس، و«عيلبون»، القريبة من مدينة الخليل، ومركز «كفار زخاريا»، وهى منشآت تُستخدم لتخزين رؤوس حربية نووية وتكتيكية وصواريخ نووية، فضلاً عن ثلاث منشآت للبحوث النووية فى وسط وشمال إسرائيل.

ما سبق يشير إلى حالة ردع متبادل تحد من فكرة الاندفاع نحو حرب مفتوحة كما توحى بذلك التصريحات الإسرائيلية، التى عادة ما تركز على أن فشل التوصل إلى اتفاق بين إيران والولايات المتحدة بشأن برنامج «طهران» النووى يعد سبباً كافياً للقيام بتحرك ذاتى ضد المنشآت النووية الإيرانية، ولكن بموافقة أمريكية ولو كانت غير معلنة. ومعروف أنه تم تخصيص مبلغ مليار و200 مليون دولار فى الميزانية الإسرائيلية للعام الجارى لحشد القدرات العسكرية والتدريب المناسب للقيام بعمل عسكرى ضد إيران.

لكن الأمور العملية ليست بهذه البساطة. وبدون موافقة أمريكية صريحة لن تستطيع إسرائيل أن تقوم بأى عمل عسكرى منفرد ضد إيران. الأكثر من ذلك فمثل هذا العمل المُعقد فنياً وتنفيذياً يتطلب مشاركة أمريكية صريحة، وهو ما تتردد فيه «واشنطن»، لأنه سيثير الكثير من الاحتمالات التى يصعب السيطرة عليها، وكلها احتمالات تفترض ردود فعل إيرانية انتقامية من الحرس الثورى ومن قبَل حلفائها المنتشرين فى بلدان مختلفة فى المنطقة، قد تدفع الإقليم كله إلى حرب مدمرة بكل المعانى. كما أن الوجود العسكرى الأمريكى نفسه المنتشر فى سوريا والعراق وفى الخليج سيكون عرضة لأعمال انتقامية إيرانية ومن أذرعها فى تلك البلدان وفى غيرها، وهو ما يتضارب مع مبدأ يحرص عليه الرئيس جو بايدن بعدم تعريض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.

وفى الداخل الأمريكى تجرى محاولة إصدار تشريع من الكونجرس، يشارك فى صياغته نواب جمهوريون وديمقراطيون بهدف إجبار البنتاجون الأمريكى على إعداد خطة لمواجهة مصادر التهديد الإيرانىة من الصواريخ والطائرات الدرون، خلال ستة أشهر، بحيث تشمل إعداد منظومة دفاع صاروخى ذات نطاق إقليمى خليجى تشارك فيه إسرائيل ودول عربية أخرى كالأردن والعراق. وهنا نلاحظ أن تشريعاً كهذا وصفه البعض بأنه يؤسس لناتو عربى بقيادة أمريكية، أنه يعبر عن قصر نظر استراتيجى خطير.

فمن جهة يتصور المشرعون الأمريكيون أنهم يسيطرون على حركة دول المنطقة، وهو تصور غير موجود سوى فى أذهانهم وحسب، ومن جهة ثانية فإن الدول الواردة فى هذا المشروع لديها بالفعل قدرات ذاتية لحماية نفسها وفقاً لآليات تراعى عدم الزج بالمنطقة إلى حروب لا نهاية لها، كما أن كل الدول العربية الُمشار إليها وحتى التى لديها مشكلات مع إيران، فليست لديها الحماسة إلى الحرب وفقاً للتصورات الأمريكية / الإسرائيلية. وبعض هذه الدول لديها بالفعل علاقات قوية مع إيران، والعراق نموذج واضح رغم الخلافات حول عدد من القضايا الثنائية، وهو البلد الحريص ألا يكون ساحة لتصفية الصراعات بين قوى خارجية على أرضه وموارده. ويجب ألا ننسى أن هناك منظمات عراقية أبرزها «الحشد الشعبى»، ذات صلات وثيقة بإيران، وقادرة على التحرك ضد الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق، إذا ما جرت الأمور على هذا النهج المتهور، كما أن هناك أطرافاً أخرى لديها القدرة على الحركة المضادة ضد إسرائيل ونواياها.

وفى المجمل فإن مشروع القانون يستهدف دفع العرب إلى حرب إقليمية للدفاع عن إسرائيل ودفع تكلفتها دون أن تتحمل أمريكا شيئاً. وهو أمر تدركه تماماً جميع القيادات العربية المعنية، وقطعاً لن تشارك فى تطبيقه. فليس كل ما تروج له المصادر الأمريكية قابل للتطبيق، لا سيما إن افتقد للمنطق السليم. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل وإيران بين الحرب والردع إسرائيل وإيران بين الحرب والردع



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt