توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تكفى يا نيكولاس»!

  مصر اليوم -

«تكفى يا نيكولاس»

بقلم - فيصل العساف

تجرى هذه الأيام محاكمة «الداعشي» الذي هزت جريمته المجتمع السعودي. أحكم وثاق ابن عمه بعد أن استدرجه إلى الصحراء، ثم وثق خيانته بمقطع فيديو مقزز، كانت فيه كلمات الرجاء، التي أطلقها المغدور، أيقــــونة تدل على مدى بشاعة النفس البشرية عندما تحتكم إلـــــى ذاتها، وتقرر نيابة عن المعاني السامية للإنسانية، أن تقطع طريق حياة أحدهم بدم بارد، كأنها بلا قلب، أو أن لها قلباً لكن الرحمة لم تعرف إليه مسلكاً في يوم من الأيام!

«تكفى يا سعد»، كانت كفيلة بردع سعد، الذي صوب سلاحه مع سبق الإصرار والمكر، لكنه بخبثه لم يكن ليفتح عقله لنداء المنطق والرحم، إنه وشقيقه الذي صور بشاعة الحادثة، مرضى، قتلة، مجرمون بالفطرة، علاقتهم بالإسلام علاقة وراثة فقط. أما «الله أكبر»، التي تعالت من أفواههم بعد تنفيذ قباحتهم، فإن صداها سيظل يتردد في ذلك الغار الذي تركوا فيه جثة قريبهم هامدة، تشهد بأنهم «سفهاء أحلام» مارقين، يتشدقون في «خير قول البرية».

في ضفة أخرى من هذا العالم الغريب العجيب، الذي يمكنك الشعور بعدم الانتماء إليه، أو عدم انتمائه هو إليك، لا فرق ما دمت بشراً سوياً، فإنه قد نمى إلى علمك، ولا بد، نبأ نيكولاس كروز، منفذ العملية الرقم 18، التي سُجّلت منذ مطلع العام الحالي، الذي لم يكمل بعد شهره الثاني، من سلسلة إطلاق النار على مستوى المدارس الأميركية!

ولسائل أن يسأل: هل كان للكنيسة، أو لتعاليم الإنجيل الذي قد تحض بعض آياته على «قتل المخالف»، دور في مجزرة مدرسة مارجوري الثانوية، التي ذهب ضحيتها 17 طالباً وطالبة؟ أم تُراها الموسيقى، تعلق بها فؤاده، بعد أن اعتاد سماعها في بيته وفي مدرسته، وفي شوارع ولاية فلوريدا الأميركية الصاخبة، حتى خامرت عقله، وشلت قدرته على التمييز، ليتمكن أخيراً، من إزهاق أرواح كل أولئك الأبرياء؟

ساذجة هي هذه الاحتمالات، مثل سذاجة تلك الادعاءات التي تقابلها، زاعمة العلاقة بين تعاليم الإسلام، وبين «الدواعش»، أو «القاعديين»، الذين أثخن الإجرام عقولهم، مورثاً إياهم حب القتل ومناظر الأشلاء التي تتناثر على جدران عطشهم إلى الدماء. ربما يطرح قائل مسؤولية الأيديولوجيا، أو العقيدة، التي تنطلق منها الجماعات المسلحة ذات الصبغة الدينية الإسلامية، على أنها أسهمت في تغذية النزعة الإجرامية عند أولئك، لكن ذلك تبسيط في الحقيقة، يرتقي إلى مستوى تهميش الوقائع، التي أدت إلى انسياق هؤلاء القتلة خلف الشعارات «البراقة» التي تتستر على ميولهم، فأسامة بن لادن لم يكن- بالإسلام- ليحشد خلفه كثيرين، ولذلك استدعى شماعة القدس التي علق على مشجبها ذنب الـ11 من أيلول (سبتمبر) ليجر على العالم الإسلامي النكبات. وفي العراق وسورية لم تكن «داعش» لتطرأ لولا احتلال أميركا وطائفية إيران وفظاعات بشار الأسد.

الإسلام ليس السبب على الإطلاق، فخيوط الزينة والأنوار، التي يعلقها أهل العروس على منازلهم قديماً، تتم إزالتها فور انتهاء الحفلة، وكذلك الإسلام، يطوى في جبهات الجشع، ثم يقذف به في مستودعات الفضيلة المزعومة، أو يعار إلى منابر التحريض الدعيّة، ليتم التصويب على هدف آخر يحتاج إلى سلالم من جماجم.

نيكولاس، هو النسخة الأميركية من سعد. وجهان لعملة واحدة، تصرف في سوق الدمار والهدم الذي هو في حاجة إلى الاستعداد النفسي لارتكاب الفظائع. أصحاب الدكاكين فيه محترفو إجرام، بضاعتهم الدم، تحركهم رغباتهم، يشبهون غيرهم في الشكل فقط، لكن حقيقتهم مختلفة جداً، لا تهزها اعتبارات التوسل ولا المناصحة، وعلاجهم الوحيد النفي من الأرض، وصلب معتقداتهم على جذوع ضلالاتهم.

 

 

نقلا عن الحياه اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تكفى يا نيكولاس» «تكفى يا نيكولاس»



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt