توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن يعبث بقرار السودان؟

  مصر اليوم -

مَن يعبث بقرار السودان

بقلم - فيصل العساف

 ما معنى أن تتداعى وسائل إعلام محسوبة على التيار الإخواني الغارق، تروّج إلى ما يمكن تسميته بالخديعة الكبرى التي تمارس في حق السودان والسودانيين؟ لماذا يحاولون وضع العراقيل أمام العلاقات المتميزة التي تربط السودان بالدول الخليجية والعربية المعتدلة؟ لماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وما علاقة ذلك بالأوضاع الاقتصادية السودانية؟

هذه الأسئلة وغيرها تفتح الباب أمام تكهنات عدة حول ما يُراد للوضع السياسي هناك، وعلاقة ذلك بموقف الرئيس عمر البشير والسودانيين من خلفه تجاه التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.

في طبيعة الحال، لا يمكن تصور تخلي السعودية ومعها الإمارات عن دعمها للسودان في قضية رفع العقوبات، مثلما أنه لا يمكن تصوّر تخلي السودان عن واجبه العروبي في القضية اليمنية، وحدها المعادن الرديئة هي التي تجعل إمكان الوقوف في القضايا المصيرية من عدمه محدوداً في إطار المصالح الآنية الظرفية، بعيداً من الهمّ المشترك الذي يتخلى في الغالب عن التقاطعات الضيقة لمصلحة الخطوط العريضة التي ترسم ملامح التاريخ والجغرافيا والأخوة الصادقة أيضاً.

من له المـــصلحة في عزل الســودان عن محيطه العربي؟

توجد سيناريوات عدة لتحقيق هذه النزعة الإقصائية، تتّحد جميـــعها مـــحاولة الظــفر في أحد أمرين يتم تكييفهما بناء على رد الفعل السوداني الحكومي، الأول انكفاء السودان لمصلحة الطرف المخادع على الطاولة الإقليمية بزعامة قطر وتركيا، ونتيجة لذلك يتم العمل على دعم فض النزاع الدائر في الداخل السوداني حول الرئيس البشير، من خلال جزَرة المسكنات المالية والإعلامية «حتى حين».

ويندرج تحت ذلك دعم النهج القائل بتعديل الدستور، في سبيل إتاحة الفرصة أمام البشير للبقاء فترة رئاسية جديدة. الأمر الثاني معاكس لهذا التوجه في كل تفاصيله، ويقضي بمعاقبة «سودان البشير»، والعمل جنباً إلى جنب مع جماعة الأخوان المســـلمين، الفاعل الرئيس في ما تشهده المنطقة العربية من حال الدمار واللاسلم، هذا الخيار «المطروح» هو العصا المهترئة التي تمسك بها قطر، ويمكن أن تتحول إليها مباشـــرة متى قرر السودانيون ضرب الأصوات المندّدة بالطموح العربي الساعي إلى ضمان «رسوِّ» سفينته على شاطئ الأمان عرض الحائط، والبقاء في معسكر الاعتدال الرامي إلى لملمة ما تناثر على الساحة السياسية الإقليمية جراء «أحلام» القطريين التوسعية.

تدور هذه الأيام حالة من اللغط تقودها الآلة الإعلامية القطرية، تراهن بخبث على الوضع الاقتصادي السوداني، لتضغط بشدة على موقف السودانيين من الحرب في اليمن ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية، وتسعى في ما تسعى إلى تقويض الجهد العربي المشترك بزعامة السعودية والإمارات، وذلك بالإخلال في تحالف دعم الشرعية اليمنية والترويج لفكرة انسحاب القوات السودانية!

وبغض النظر عن النفي السوداني المعلن لذلك، إلا أن الأصوات التي تتعالى قطرياً في هذا الاتجاه تؤكد جنوح قطر من جديد إلى خيار الهرب إلى الأمام والذي استمرأت ممارسته منذ مقاطعة دول الرباعية لها، من خلال فتح الجبهة السودانية هذه المرة بنية الانتقام من مواقف البشير في ما يخص اليمن، أو انضمام السودان إلى تحالف القوى الإسلامية في حربها ضد الإرهاب.

في ظل هذه التحولات المتسارعة، يمكن التنبيه إلى خيارين استراتيجيين يجب العمل على تحقيقهما، الأول تكثيف الدعم الـــمادي والمـــعنوي للســـودان بغية المحافظة على أمنه واستقراره قبالة التحديات التي تواجهها حكومته، فيما الخيار الثاني يقع على عاتق الحـــكومة الســودانية نفســـها، ويتـــمثل في الـــمسارعة إلى ما يمكن تسميته بالضربات الاستباقية التي تقضي عـــلى أشــكال التــمرد «الإخواني» في الداخل، خدمة لأغراض إقليمية مناهضة، قطرية انتقامية كانت أم تركية توغلية.

ويبقى الرهان قائماً في جميع الأحوال على السواد الأعظم من الشعب السوداني المخلص لقضايا الأمة العادلة فهو الفيصل في معركة شد الحبل على ساحتهم، بين قوى الشر بقيادة خناجر الهدم المسمومة المدعومة خارجياً، وبين قوى الخير والاستقرار التي تطمح إلى تخطي السودان جميع العقبات من دون خسائر تذكر.

* كاتب سعودي.


نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن يعبث بقرار السودان مَن يعبث بقرار السودان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt