توقيت القاهرة المحلي 23:07:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا والتدخل التركي

  مصر اليوم -

ليبيا والتدخل التركي

بقلم: د. جبريل العبيدي

ليبيا تتعرض لتدخل تركي سافر تجاوز الدعم لطرف في الصراع الليبي إلى دخول تركيا طرفاً مباشراً في الحرب، من خلال ضباط أتراك يقودون معارك الميليشيات ضد الجيش الوطني الليبي وفق ما أعلنه الناطق باسم الجيش اللواء المسماري، الأمر الذي يعتبر تدخلاً سافراً وعدواناً على الأراضي والسيادة الليبية.

تركيا التي أرسلت، أكثر من خمسة ملايين رصاصة إلى ليبيا، بمعدل رصاصة لكل ليبي، هي تركيا التي أرسلت السفن الأربع محملة بأسلحة متنوعة؛ ومنها مسدسات كاتمة الصوت، التي تستخدم في عمليات الاغتيالات، مما يؤكد أنها تعبث بالأمن والاستقرار الليبي، هي تركيا التي أرسلت ضباطاً وجنوداً ومدرعات عسكرية وعتاداً حربياً، وطائرات من دون طيار. وجاهر إردوغان نفسه بأنه من أرسلها إلى طرابلس لدعم أنصاره من جماعة الإخوان، بالإضافة إلى الدعم الإلكتروني واللوجيستي عبر طائرات الإنذار المبكر التركية التي تحلق بالقرب من الأجواء الليبية.

رغم أن عملاء تركيا في ليبيا، يزعمون أن لتركيا فضلاً على ليبيا، بينما الحقيقة غير ذلك، فتركيا التي يربطها بليبيا تاريخ استعماري مظلم استمر لأكثر من 400 عام لم تبنِ فيه أي عمران سكني ولا حكومي، وما أنشأت نظاماً تعليمياً ولا صحياً يمكن الاستشهاد به اليوم على حجم التنمية التركية أو العثمانية، التي من المفترض أن ولاة السلطان العثماني قد قاموا بها في ليبيا، رغم جمعهم للضرائب والخموس من السكان المحليين وإذلالهم، وتشغيلهم بالسخرة، في أعمال تخص الآستانة أو القسطنطينية حيث يجلس السلطان العثماني في بذخ.

ليبيا التي غيبتها تركيا 400 سنة عن الحضارة وسلمتها لمستعمر فاشي إيطالي بعد انسحابها من ليبيا، وترك الليبيين يواجهون مصيرهم مع مستعمر استيطاني جديد، فالخذلان التركي لليبيا، ليس فقط في هذه المرة الأولى، فقد سبق لتركيا العثمانية أن سلمت ليبيا المسلمة إلى الطليان الكاثوليك، وفق معاهدة أوشي التي تم توقيعها إثر الحرب العثمانية الإيطالية (1911 - 1912). عقدت في قلعة أوشي في ضواحي لوزان السويسرية في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 1912، والتي بموجبها انسحبت الدولة العثمانية من ليبيا، تاركة الليبيين، عزلاً بلا سلاح، لمصيرهم أمام الغزو الإيطالي الاستيطاني، فعن أي حماية يتحدث عملاء تركيا؟!

ليبيا اليوم لم تغزُ تركيا ولم تتدخل في شؤونها، ولا دعمت أكراد تركيا في قضيتهم ولا حتى الأرمن، بينما تركيا لا تزال تقف في الضفة الخطأ وتهدد الجيش الليبي، بقصف مقراته، فوق أرضه وتحت سماء بلاده، مما يؤكد حالة العربدة واللامسؤولية في احترام سيادة الدول.

تركيا تؤوي جميع المحرضين على العنف في ليبيا من كبيرهم المفتي المعزول صادق الغرياني، إلى قيادات الجماعة الليبية المقاتلة من عبد الحكيم بلحاج، إلى سامي الساعدي وعبد الوهاب القايد شقيق أبو يحيى الليبي الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة»، الذي قتلته القوات الأميركية.

تركيا تعالج جرحى الميليشيات بل وحتى الإرهابيين، ومنهم الهالك محمد الزهاوي زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» الإرهابي، وفق تصنيف مجلس الأمن.

مئات من جرحى الميليشيات تعج بهم مستشفيات تركيا، ولم تتوقف عن دعم الميليشيات بل وتجاهر بالدعم المستمر واللامحدود.

فمن حق القوات المسلحة العربية الليبية الدفاع عن سيادة الأراضي الليبية المنتهكة من الجنود الأتراك، فليبيا لم ترسل جنوداً إلى تركيا ولا سلاحاً إلى معارضين أتراك، ولكن الحكومة التركية فعلت، فتركيا لا تزال معول شر في ليبيا للأسف، في حين هي دولة إقليمية كان يجب أن تكون وسيطاً نزيهاً في الأزمة الليبية لتتمكن تركيا من تحقيق شراكة اقتصادية ناجحة في ليبيا، ولكن هوس إردوغان بالخلافة العثمانية والهيمنة والنفوذ بدلاً من الشراكة جعله يتقاطع المصالح مع جماعة «الإخوان» التي مشروعها «الخلافة» ودولة المرشد، ولهذا تكون العلاقة بينهما، علاقة مصلحة مؤقتة، في حين كل منهما يسعى إلى الزعامة، دون الآخر، مما قد ينبئ بصراع وشيك بينهما حين تستقر الأمور لأحدهما.

مشروع إردوغان جعل الحكومة التركية تقف في الضفة الخطأ في ليبيا، وهي بذلك تناصب أغلب الليبيين العداء، بدلاً من أن تمارس دور الوسيط النزيه في الأزمة الليبية، بحكم حجمها الإقليمي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا والتدخل التركي ليبيا والتدخل التركي



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 11:56 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

نجم تشيلسي أندي تاونسند يعتقد أن صلاح فقد الشغف
  مصر اليوم - نجم تشيلسي أندي تاونسند يعتقد أن صلاح فقد الشغف

GMT 11:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
  مصر اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 08:53 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزل الحب يساعدك على التفاهم مع من تحب

GMT 03:08 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الجمباز المصري يعلن رفع الإيقاف عن ملك سليم لاعبة المنتخب

GMT 11:19 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على آداب تناول الطعام

GMT 22:15 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

حادث سعيد سبب ابتعاد كندة علوش عن الساحة الفنية

GMT 11:37 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعيين الأمير بدر بن عبدالله رئيسًا لمجموعة قنوات "mbc"

GMT 16:36 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"CHANEL" تطلق مجموعة الملابس الجاهزة لربيع وصيف 2022

GMT 04:24 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

المؤشر نيكي يرتفع 0.53% في بداية التعامل طوكيو

GMT 02:34 2021 السبت ,20 آذار/ مارس

علاج خراج الأسنان بالمضاد الحيوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon