توقيت القاهرة المحلي 16:35:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا وانغلاق الحل السياسي

  مصر اليوم -

ليبيا وانغلاق الحل السياسي

بقلم - د. جبريل العبيدي

المبعوث الدولي غسان سلامة انتقل مبكراً إلى الخطة «ب»، وهذا يُعدّ قفزة على التفاهمات السابقة التي شارك هو نفسه فيها في تونس، ما يعتبر بمثابة إعلان فشلها لحل الأزمة الليبية، فالخطة «ب» متمثلة فيما سماه المؤتمر «الليبي الجامع» الذي ظهر بنسخة الملتقيات «الوطنية» المجزأة بين المدن، حيث جمع فيها مجموعات لا أحد يعرف آلية الاختيار للمشاركين فيها دون سواهم ولا طبيعتها، ولا من هي الجهة المباشرة، سوى بضعة تصريحات يطلقها مكتب سلامة، كرر فيها إشراف مؤسسة خارجية غير حكومية على هذه الملتقيات، الأمر الذي يبدو أنه فشل في الخطة «أ»، والدليل الهروب إلى الخطة «ب» حتى قبل استكمال الخطة «أ» فيما أعلن عنه سابقاً في بداية تسلمه المهام من خلفه الألماني مارتن كوبلر.
الملتقى «الوطني» الذي قال سلامة عنه هو المرحلة الثانية، ويضمن إتاحة الفرصة لضم «المنبوذين دون إقصاء» ليبقى السؤال الجوهري: من سيحاور من؟ وسلامة الذي قدّم إحاطة لمجلس الأمن تحدث فيها عن تحسن الوضع الأمني في ليبيا بضرب مثل عن الاشتباكات الأخيرة التي قال عنها: «إن ما قتل فيها لا يتعدى عدد أصبع اليد الواحدة»، وأنه وفريقه يسكنون طرابلس منذ شهرين، سلامة لم يخفِ انزعاجه من تهتك النسيج الاجتماعي الليبي بسبب الحروب، وإن كانت هذه قراءة أحادية للسيد سلامة، لكونه يتحدث عن بقعة جغرافية هي جزء من ليبيا، ولكنها ليست جميع ليبيا.
الملتقى «الوطني» الذي تشرف عليه وتنسق له مؤسسة خارجية لا أحد يضمن استقلاليتها، ولا يعرف أحد إلى أي درجة تتمتع هذه المؤسسة بالنزاهة والشفافية، لتكون وسيطاً نزيهاً بين فرقاء كُتب عليهم الاختلاف والخلاف والشك والتخوف من التفاصيل، حيث مكمن الشيطان.
سلامة الذي بدأ خطته في ليبيا بقراءة جيدة للمشهد وبخطوات تعتبر مختلفة عن سابقيه، إلا أنه بعد أن قطع شوطاً ماراثونياً في الأزمة الليبية، يبدو أن أنفاسه خانته في استكمال الماراثون وما بدأ فيه، واستعجل الانتقال إلى المرحلة الثانية دون تحقيق النجاح المطلوب في الخطة «أ»، فهو دعا إلى مؤتمر وطني «جامع» يضم جميع «المهمشين والمنبوذين» وفق تعبيره، من الذين لم يمثلوا في الأجسام السابقة، وكأن الأمم المتحدة تبحث عن «ليوجيركا» ليبية لحلحلة الأزمة الليبية.
ومن المنتظر أن يعقد ملتقى جامع خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل، ليتم فيه جمع كل التوصيات التي خرجت بها الملتقيات التشاورية الحالية، حيث تشبه الفكرة المؤتمرات الشعبية التي كان يعقدها نظام القذافي في المدن، ثم تجتمع في مؤتمر جامع يسمى مؤتمر الشعب العام، لتكون المحصلة الضرب في الرقم صفر.
يبدو أن سلامة يحاول استنساخ تجارب كثيرة، ولكن بطريقة: من كل بستان زهرة، فخلط بين فكرة المؤتمرات الشعبية للقذافي ومؤتمر الليوجيركا الأفغاني، حيث يكون «اجتماع قبائل ووجهاء ورجال الدين وساسة وأساتذة جامعات ومفكرين أشبه باجتماع مصالحة عام»، ولكن لا هذا حدث ولا ذاك.
ملتقيات سلامة في ليبيا نتمنى لها النجاح لحلحلة الأزمة الليبية الخانقة، ولكن بصيغتها الحالية، حيث غياب أي خطة واضحة ولا وجود لبرنامج محدد الخطوط والمعالم، ستكون جزءاً من سياسة الترحيل والهروب إلى الأمام، وبالتالي لن ينتج عنها سوى إطالة عمر الأزمة الليبية ومعاناة المواطن.
يحدث هذا في ظل هذه الفوضى العارمة، وتوقف تام لعمل الإدارات والمؤسسات، وخسارة ليبيا كل يوم ملايين الدولارات بسبب هذا التناحر السياسي الذي أهدر ثروات ليبيا وخاصة النفطية التي تعدّ مصدر الدخل الوحيد الحالي للبلاد التي تكاد تكون على حافة الإفلاس، رغم أن ليبيا تعد إحدى أغنى دول المنطقة نفطياً، وتقدر الاحتياطات النفطية المؤكدة فيها بنحو قرابة 47 مليار برميل، إلا أن النفط بدلا من أن يكون مصدراً لسعادة الليبيين تحول إلى مصدر تعاسة لهم، ولعنة تلاحقهم بسبب تلاحق الأزمات المصطنعة، وفشل سياسات الاستثمار الأفضل لواردات النفط المالية، والتناحر على السلطة الذي تسببه جماعات الإسلام السياسي.
خسائر القطاع النفطي كانت بسبب تضرر البنية التحتية بالحروب المتكررة، أو التوقف عن الإنتاج وقدم البنية التحتية للنفط وتهالكها وحاجتها للتطوير، كما أكد البنك الدولي في تقرير له: أنه لا يتوقع استعادة النفط قدرته القصوى في الإنتاج قبل 2020، قبل أن يتم إصلاح البنى التحتية التي تكبدت أضرارا فادحة، وكذلك بانتظار استتباب وعودة الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا.
إن من يعرقل الحل السياسي هم جماعات الإسلام السياسي، وهم من وصلوا بالبلاد إلى هذا المستوى من الانحدار.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وانغلاق الحل السياسي ليبيا وانغلاق الحل السياسي



GMT 03:37 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

وصايا صلاح منتصر

GMT 03:36 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الندم على ما فات!

GMT 03:34 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

هل لغزة «يوم تالي»؟!

GMT 03:31 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

صبر مصر

GMT 03:19 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين: كثر الكلام وقل الخبز

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:00 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة
  مصر اليوم - الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة

GMT 09:02 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 2

GMT 15:01 2021 الإثنين ,26 تموز / يوليو

أحمد مجدي يشارك كواليس مسلسل "الآنسة فرح "

GMT 11:30 2021 الأحد ,18 إبريل / نيسان

تعرف على مدة غياب هاري كين عن صفوف توتنهام

GMT 12:55 2021 الثلاثاء ,13 إبريل / نيسان

المؤشر نيكي يرتفع 0.23% في بداية التعامل في طوكيو

GMT 21:24 2021 السبت ,27 آذار/ مارس

علامات مراهقة المرأة في فترة الأربعين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon