توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية

  مصر اليوم -

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية

بقلم - جبريل العبيدي

بمجرد أن أطلق الجيش الليبي عملية غضب الصحراء لملاحقة فلول العصابات والجماعات الإرهابية في الصحراء الليبية، حتى سارعت الحكومة الإيطالية بتزكية من البرلمان الإيطالي إلى الموافقة على إرسال قوات إضافية للأراضي الليبية، ضمن أجندة لا تخفيها الحكومة الإيطالية بلسان رئيسها باولو جينتيلوني الذي قال: «لدينا أجندتنا بشأن ليبيا». هكذا قال، كأن ليبيا جزء من الأراضي الإيطالية.

بيد أن الوجود الإيطالي، مهما كانت مبرراته، لا يمكن فهمه إلا أنه انتهاك للسيادة الترابية والمياه الإقليمية الليبية، فوجود قوات برية أو غيرها تحت أي اسم دون إذن من البرلمان الليبي (السلطة العليا في البلاد)، يجعلها قوات غازية، ما يعطي الجيش الليبي حق الرد، فالتعاطي الإيطالي مع الأزمة الليبية تقلب من حالة الابتعاد إلى حالة التدخل المافيوي المباشر.
وقد سبق لإيطاليا أن أرسلت قطعاً بحرية عسكرية استفزازية إلى الشواطئ الليبية، بمجرد الإعلان على توافق بين المشير خليفة حفتر وفائز السراج في باريس تنافساً على من تكون له اليد الطولى في ليبيا.

في المقابل، هناك أصوات سياسية إيطالية تطالب بالتنسيق والاتفاق مع الجيش الليبي، ومن هؤلاء النائب الإيطالي المعارض السندرو باجانو، الذي أشار صراحة إلى ضرورة «الاتفاق مع المشير حفتر وقوات الجيش الليبي في شرق البلاد للتعاون في مجال بسط الاستقرار في ليبيا»، إلا أن الحكومة الإيطالية لا تزال تركن إلى العمل مع الميليشيات في محاولتها الحد من تدفق المهاجرين عبر البحر.

التدخل الإيطالي بل والاستقواء به جاء في أوضح صورة له في نقل السراج وحكومة «الوفاق» على متن فرقاطة إيطالية من تونس إلى ليبيا، في أول دخول لهم للأراضي الليبية في عام 2016، بعد أن هددت حكومة «الإنقاذ» التي شكلها المؤتمر الوطني، منتهي الولاية، والمسيطر عليه من جماعات الإسلام السياسي بمنعهم من دخول طرابلس.
قرار البرلمان الإيطالي - الذي لا يزال بعض أعضائه المهيمنين يعيشون في جلباب الفاشي موسيليني ويتعاطون مع ليبيا على أنها الشاطئ الرابع - إرسال قوات إضافية إلى ليبيا تتمركز في أجزاء من الأراضي الليبية، يجعل من إيطاليا طرفاً في الصراع وليس وسيطاً يمكن التعويل عليه لتحقيق الاستقرار، كما أنه يطيل من أمد الصراع في بلد يعاني التشظي السياسي منذ سنين.

التدخل الإيطالي والاستهتار بالسيادة الليبية جاهر به بعض السياسيين الطليان، ومنهم السياسي الإيطالي (من الحزب الفاشي) سيمون دي ستيفانو بتغريدة على «تويتر» صحبة سياسي آخر، عبرا فيها عن رغبتهما الصريحة في الاستحواذ على النفط الليبي، ولكن «خطوة، خطوة»، حسب قولهما.

التدخل الإيطالي تسبب في غضب الشارع الليبي، واعتبرته النخب الليبية عودة للمستعمر القديم بترحيب ممن صفق أجدادهم للمستعمر قبل مائة عام، ليتكرر التاريخ بحنينهم للمستعمر والاستقواء به والتحصن خلفه، رغم خروج النخب المختلفة في بيانات استنكار وتنديد بهذا التطاول الإيطالي على الأراضي الليبية، في ظل صمت حكومة «الوفاق»، إلا من بيان خجول هزيل وضعيف عبر مطلبه الإيضاح من الحكومة الإيطالية دون الجرأة على إدانة انتهاك السيادة الوطنية.

ليبيا في زمن السيادة الوطنية، قام الملك الراحل إدريس السنوسي بمعاقبة والي برقة سنة 1954، لمجرد استضافة الإقطاعي الإيطالي مازاروتو، الذي كان يستغل مساحات شاسعة من الأراضي الليبية زمن الاحتلال الإيطالي، حيث رتّب له استقبالاً حافلاً، ورتب له أيضاً جولة على «أملاكه» السابقة، ما تسبب في احتجاج القبائل الليبية، فصدرت الأوامر الملكية بإيقاف والي برقة حينها عن العمل. وحتى في زمن القذافي الذي طرد المستوطنين الطليان الذين اغتصبوا مزارع الليبيين زمن الاحتلال الإيطالي في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1970، وقام بتأميم المزارع التي كانوا يسيطرون عليها، وأصدر أوامر مشددة للجوازات والهجرة بمنعهم من الدخول إلى ليبيا، أو إعطائهم تأشيرات دخول للأراضي الليبية تحت أي مسبب لسنوات طويلة.

اليوم وفي زمن «الربيع» العربي، يتم انتهاك السيادة الليبية في ظل تهاون وتراخٍ ممن يزعمون الشرعية الدولية ومنها حكومة «الوفاق»، وتسويف الجانب الإيطالي الذي يظنّ أن ليبيا مجرد بئر بترول من دون راعٍ يحرسه أو يذود عنه، وتناسى أنها شعب وأرض وتاريخ أنجب عمر المختار، الذي حاربهم لعشرين عاماً وهو شيخ طاعن في السن، وما ترك السلاح حتى أسقط بالرصاص عن فرسه واستشهد قائلاً: «نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت، وستكون عليكم محاربة الجيل القادم والذي يليه».

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt