توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة

  مصر اليوم -

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة

بقلم: د. جبريل العبيدي

أظهرت جائحة «كورونا» وجهاً آخر لبشاعة التفرقة العنصرية، واحتكار توزيع اللقاح ضمن منظومة الدول المصنعة، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي في عمومها، حيث ظهرت أصوات بل وقرارات تمنع خروج اللقاحات خارج دول الاتحاد قبل الاكتفاء الداخلي، وإتمام عملية التلقيح داخل الاتحاد، في مقابل ظهور أصوات قليلة ومبادرات محدودة تطالب بتعليق العمل باتفاقيات الملكية الفكرية المتعلقة بإنتاج اللقاح، وتطالب بتبادل التكنولوجيا المتعلقة بتصنيع اللقاح المضاد للفيروس الشرس، الذي لم يفرق في الإصابة بين شعوب العالم، وبالتالي يجب أن يكون حق العلاج ومقاومة الفيروس متاحاً للجميع، خصوصاً أن الفيروس عابر للقارات والحدود ولن تمنعه أي حواجز، وبالتالي بقاء دول وشعوب من دون تلقي اللقاحات سيكون بؤرَ وباءٍ ستعيد الجائحة إلى المربع الأول، وتفسد الجهود الضخمة التي بذلت، وبالتالي من الحكمة منع الاحتكار للقاح المضاد.
منظمة التجارة العالمية بذلت جهداً لمنع الاحتكار تحت شعار «الطريق الثالث» الذي تقترحه لمنع الاحتكار لإنتاج اللقاح، خصوصاً بعد تصريحات تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، التي جدد فيها الدعوة لمصنعي اللقاحات لتبادل المعرفة من خلال تبادل التكنولوجيا المتعلقة بـ«كورونا» (C - TAP)، وهي آلية لتبادل المعرفة والبيانات حول اللقاح.
احتكار لقاحات «كورونا» يعد انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، ولا بد من محاربته ومنعه، وطالب غيبريسوس بأن «الحصول العادل لكل دول العالم على لقاح فيروس كورونا المستجد هو في مصلحة كل بلد، واحتكار دول بعينها للقاح سيطيل من أمد الجائحة ولن يختصرها».
لا بد من إيجاد طريق ثالث لجعل اللقاح متاحاً إنتاجاً وتوزيعاً للجميع، ومنع الاحتكار، في ظل وجود دول غنية تشتري المزيد من اللقاحات، بكميات كبيرة وهائلة تزيد عن حاجة سكانها، مما يجعل الدول الفقيرة في خطر دائم ومستمر لعجزها مالياً ولوجيستياً عن الحصول على اللقاح، في ظل ضعف برنامج «كوفاكس» (COVAX)، الذي يسعى لتوفير دفعات من اللقاح للدول الفقيرة بدعم من بعض الدول الغنية، ولكن البرنامج لا يزال متعثراً، نظراً لسياسات الاحتكار المتعمد من بعض الدول الكبرى التي تراهن على الربح المالي، من دون النظر لخطر بقاء دول بلا لقاح يمنع انتشار الفيروس، ضمن ما يعرف بمنعة الجموع (القطيع).
حرب اللقاحات لا تزال تعرقل الجهود العالمية للوصول إلى مناعة الجموع التي تعد الحاجز الوقائي الأمثل لمنع انتشار الفيروس، فالحروب بين روسيا والصين والاتحاد الأوروبي حول الاعتراف باللقاحات المنتجة في البلدان التي ليست بلدانهم ظاهرة للعيان، فالصين مثلاً أصدرت قرارات صارمة بأنها لن تسمح بمنح تأشيرات دخول إلا للذين تلقوا اللقاح الصيني، في ظل عدم اعتراف به في الاتحاد الأوروبي، وكذلك اللقاح الروسي، رغم ثبات فاعلية واضحة، مما يجعل الأمر مجرد مناكفات سياسية تدخلت في البرامج العلمية، ولعل صفقة سرية لشراء اللقاح الروسي التي أطاحت بالحكومة السلوفاكية، والتي كانت تتضمن حصول سلوفاكيا على مليوني جرعة من لقاح «سبوتنيك في» الروسي المضاد لـ«كورونا»، الذي لم تتم الموافقة عليه في الاتحاد الأوروبي، هي وجه آخر لحرب اللقاحات، في مقابل صمت أوروبي عن تقارير علمية تتهم لقاح «أسترازينيكا» بالتسبب في جلطات لعدد ممن تلقوا اللقاح، بل ظهرت توصيات أوروبية تخفف المخاوف من «أسترازينيكا»، في ظل عدم التعاطي مع اللقاحين الصيني والروسي؛ الأمر الذي يضر بالمصداقية العلمية، وأن المنع سياسي بحت.
استمرار احتكار إنتاج وتوزيع اللقاح ستكون نتائجه كارثية، مع وجود دول تلقى 100 مليون من مواطنيها اللقاح، مقابل دول أخرى لم يتلقَ أي فرد من مواطنيها جرعة واحدة يتيمة، ولا أمل لها قريباً في الحصول على اللقاح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon