توقيت القاهرة المحلي 03:18:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة

  مصر اليوم -

تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة

بقلم :د. جبريل العبيدي

الحفاظ على مؤسسات الدولة، والسلم المجتمعي هو من مبررات الرئيس التونسي لحل البرلمان بعد وصفه لجلسة التحدي لقرار التجميد بأنه «انقلاب لا شرعية له على الإطلاق.. إنهم يتلاعبون بمؤسسات الدولة». هذا تصريح الرئيس قيس سعيد بعد اجتماع البرلمان الافتراضي والتحدي لقرار الرئيس التونسي بتجميد أعماله، بينما وكيل الدولة بمحكمة الاستئناف فتح تحقيقاً بتهمة التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إجرامي.
حل البرلمان جاء استناداً إلى الفصل 72 من الدستور وينص على أن «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور»، رغم أن نص المادة ليس فيه ما يشير إلى حل البرلمان، إلا أن مفسرين دستوريين قالوا إنه يقع تحت بند أن رئيس الدولة هو الذي يحفظ وحدة الدولة واستمرارها واستقرارها، وحيث إن ما حدث فُسر على أنه محاولة انقلاب لحركة النهضة من خلال استخدام مؤسسات الدولة مثل البرلمان، حيث كان الحضور أغلبهم من النهضة، مما وصف بأنه تلاعب بمؤسسات الدولة، الأمر الذي استوجب تدخل رئيس الدولة لحماية المؤسسات، استناداً إلى الفصل 72 باعتبار أن الخطر هو التآمر على أمن الدولة وأن قرارات مجلس النواب المنحل محاولة انقلابية.
محاولة زعيم النهضة راشد الغنوشي (الشخصية الأكثر جدلية في تونس)، الانقلاب على قرارات الرئيس وذلك باجتماع البرلمان المجمد، ولو من خلال جلسة افتراضية عبر تقنية الفيديو، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، الأمر الذي اعتبره الرئيس قيس سعيد وآخرون محاولة انقلاب على السلطة، بل ويهدد السلم المجتمعي، ويجعل تونس على شفا جرف هار من الحرب الأهلية.
عقدة الزعامة عند الغنوشي، هي السبب وراء التعنت في مواقفه السياسية، إذ يرى نفسه أكبر من الجميع، فهو يرى نفسه أكبر من منصب رئيس للبرلمان، أو حركة تطوف في محراب جماعة أو تنظيم، وهو ما جعله يتجاوز صلاحيات رئيس البرلمان في الدستور التونسي إلى انتزاع بعض اختصاصات رئيس الجمهورية ومنها التمثيل الخارجي، ومحاولاته المتكررة لممارسة ما عرف بـ«الرئاسة الموازية»، فالغنوشي لم يستطع التخلص من كونه رئيس حركة ليندمج في منصبه الجديد رئيساً لبرلمان تونسي يمثل جميع التونسيين.
أزمة حركة النهضة تكمن في أنها تفتقد للهوية المحلية، وتحاول أن تصبغ نفسها باللون الخارجي، كما لم تحاول طيلة تاريخها أن تكون حركة تونسية خالصة، وسواء اعترفت النهضة أو أنكرت انتماءها لتنظيم «الإخوان» العالمي، فلا يمكن القفز على تقاطع الأفكار بل وتطابقها مع الجماعة الأم، ولعل اعتراف أكبر عرّابي حركة النهضة عبدالفتاح مورو خير دليل.
عادة «الإخوان» الاختباء خلف بكائية «المظلومية» الشعار المتكرر لتبرير جميع سقطات جماعة «الإخوان»، وكأن عناصر الجماعة أشبه بـ«الملائكة» لا يرتكبون جرائم وأخطاء، بينما تاريخهم يعج بصفحات ومجلدات تضم الجرائم والإرهاب الذي خاضته الجماعة الضالة.
الأزمة التونسية والانسداد السياسي بدأ مع تخبط البرلمان التونسي المأزوم منذ مدة وقبل قرارات الرئيس قيس سعيد بشأن تجميد أعمال البرلمان ثم حله، وذلك بسبب سوء إدارة الغنوشي للبرلمان، وذلك بسبب افتقاره للخبرة السياسية، والتجارب المحدودة لجماعات الإسلام السياسي في السلطة، ومنهج الولاء للجماعة أولاً مما جعلهم غير قادرين على تمثيل أمة أو شعب، لأنهم اعتادوا على تمثيل جماعة وتنظيم يجمعهم.
تونس اليوم في حاجة للذهاب إلى انتخابات تقرر من يشرّع بإرادة تونسية خالصة، وتبعد شبح الانقسام والفوضى وحتى الانزلاق نحو الحرب الأهلية في بلد مجاور لليبيا التي تعاني الأمرين من الانقسام السياسي وفوضى السلاح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة



GMT 03:16 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مفجرة ثورة الطلبة

GMT 03:15 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

مجدى يعقوب.. الإنسان أولًا

GMT 03:12 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (10)

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 13:25 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
  مصر اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 03:31 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة "الصحة العالمية" تحذر من تناول اللحم المقدد

GMT 00:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الحق يفوز برئاسة النصر وقائمته تكتسح الانتخابات

GMT 18:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يجب أن تستبدل هذه التجهيزات الأساسية في المطبخ

GMT 07:55 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7-9-2021 في مصر

GMT 09:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

وائل جسار يؤجل حفله في بغداد بسبب كورونا

GMT 14:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل

GMT 23:03 2021 الأحد ,30 أيار / مايو

تألقي بمكياج صيفي ناعم على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon