توقيت القاهرة المحلي 08:16:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر

  مصر اليوم -

إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر

بقلم - جبريل العبيدي

هل ستقطع الضربة الإسرائيلية الأخيرة شعرة الصدام المباشر؟ خصوصاً وهي أوجعت وأثخنت جراح إيران، وسرّعت من عجلة سياسة التصعيد والتصادم، التي تحاول جرها إليها الضربات الإسرائيلية المتتالية التي لا تريد أي تقارب إيراني - أميركي يجعل من إيران تهرب بمشروعها النووي من العقوبات الأميركية، ولهذا دأبت إسرائيل على شنّ ضربات عسكرية واستخباراتية من حين لآخر ليس آخرها ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق ومقتل العشرات من قيادات «الحرس الثوري»، مما جعل إيران في حالة حرج شديد أمام أنصارها في المنطقة، خصوصاً أن الضربة الإسرائيلية الغادرة موجعة فعلاً وتستوجب الرد من منظور إيراني ولو بعد حين، خصوصاً بعد تهديدات عبّر عنها المرشد الإيراني علي خامنئي، في تغريدة قائلاً: «إن إسرائيل ستندم بإذن الله على جريمة اعتدائها» وكرر القول: «إن إسرائيل ستتلقى صفعة». في حين هدد رئيس أركان الجيش الإيراني، ووصف ما حدث بأنه «انتحار ارتكبته إسرائيل»، و«لن يبقى من دون رد» من قبل إيران.

في مقابل التصريحات النارية الإيرانية، أعلنت إسرائيل حجب نظام تحديد المواقع «GPS» في مناطق «إسرائيل»؛ من أجل عرقلة الصواريخ والطائرات من دون طيار، تحسباً لأي رد إيراني محتمل فوق إسرائيل، الأمر الذي يستبعده أغلب المحللين كون الرد سيكون خارج إسرائيل غالباً على أحد المواقع الأمنية التي تستخدمها خارجها.

فالرد لا بد أن يكون مباشراً ليكون مقنعاً لحلفاء إيران، وبهيبة إيران، ويبتعد عن الردود الشكلية «المسرحية» السابقة، من خلال ضربات تنفذها جماعات مرتبطة أو متعاطفة أو محسوبة على إيران، فأزمة الرد الإيراني معقدة؛ بسبب أن ساسة إيران لا يرغبون في اتساع دائرة الضربات لتصبح حرباً مفتوحة الاحتمالات، وكذلك هي الرغبة الأميركية أيضاً، ولكن إيران أصبحت مُحرَجة داخلياً وخارجياً أمام أنصارها الذين يطالبونها بضرورة الرد، والرد الموجع، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، فإيران لم تنتقم لمقتل قاسم سليماني وهو قائد حرسها، سوى بضربات صاروخية على قاعدة أميركية كانت خاوية... فكيف سيكون حجم ردها لمقتل جنرال أقل حجماً من سليماني؟!

لعل من الأخطاء السياسية الإيرانية، التمجيد المفرط لقاسم سليماني، ونثر تماثيله في المدن الإيرانية، وكأن إيران توجّه رسالة للعالم بأنها مستمرة في مشروع قاسم سليماني في الجوار الإيراني والعالم، مما انعكس سلباً على الوجه الجديد الذي تقدمه إيران للعالم بصيغة «صفر مشاكل».

إيران اليوم أمام خيارات محدودة وصعبة وضيقة، وإلا ستكون أي أخطاء مفتوحة على حرب غير مرغوب فيها حالياً، وهي التي كانت تعلن الصدام في محاولات سابقة للصِدام مع العالم وقواه السياسية وأعرافه ومؤسساته، في ظل اتهامات لإيران بالوقوف وراء الهجوم على ناقلات النفط، وتهديد الملاحة العالمية، ودعم جماعات مسلحة بالمال والسلاح، بل وزودتها بتقنية عسكرية متطورة مثل الطائرات المُسيّرة والصواريخ بعيدة المدى.

إيران قدراتها العسكرية لا تؤهلها لمواجهة عسكرية كبيرة مع إسرائيل؛ نظراً لتطور قدرات إسرائيل، خصوصاً القدرات الجوية والدفاعات الجوية، إضافة إلى دعم حليفة إسرائيل الاستراتيجية، أميركا، التي حركت أساطيلها لمجرد الحرب في غزة، ناهيك من وضعَي إيران الاقتصادي والسياسي، وجميعها عوامل تحد من حجم الرد الإيراني مهما كانت قوة وشدة التصريحات بالرد الموجع، الذي غالباً ما سيقوم به «حزب الله» بالنيابة، وإن كانت ستكون مغامرة إيرانية بتقديم «حزب الله» قرباناً لإسرائيل في ظل وجود حكومة حرب نتنياهو التي مستقبلها السياسي رهينة باستمرار الحرب، خصوصاً أن إيران أمدّت «حزب الله» بالذخائر بعيداً عن الحرب في غزة.

في ظل المناخ المشحون والتصريحات الانفعالية، هل سيكون مفاعل ديمونة ضمن بنك الأهداف المحددة للرد الإيراني؟ أم ستكتفي طهران بضربات خارج إسرائيل؟، ليبقى السؤال: كم مرة استخدمت إيران «شعرة» معاوية في صراعها مع إسرائيل؟ أم ستمتنع إيران عن الرد أصلاً لتحقيق مصالح استراتيجية أكبر، تمكّنها من امتلاك الوقت لتخصيب مزيد من اليورانيوم يعزز موقفها التفاوضي، أم أن التيار المتشدد سيذهب بإيران إلى الحرب كما فعل تيار نتنياهو بإسرائيل للبقاء في السلطة وبعيداً عن الملاحقة القضائية؟.

الواقعية السياسية تحتم على إيران التعقل والتريث في الرد، ودراسة بنك الأهداف، ودراسة الخيارات؛ لأن هناك في إسرائيل مَن يجر المنطقة للحرب ليس نتنياهو آخرهم، بل هناك من المتشددين في الطرفين وراء الحرب المقبلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر إيران وإسرائيل وشعرة الصِدام المباشر



GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللاجئون في مصر... تراث تاريخي وتذمر شعبي

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 01:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أميركا النازعين وأميركا النازحين

GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً

GMT 21:47 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

باسم مرسى يشعل السوشيال ميديا بصورة مع زوجته وابنته

GMT 20:14 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 4 وإصابة 6 في انقلاب سيارة واشتعالها على طريق السويس

GMT 01:10 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بلجيكا أول المتأهلين إلى نهائيات كأس أمم أوروبا

GMT 20:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

8 لاعبين في "أشرس صراع" على الكرة الذهبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon