توقيت القاهرة المحلي 23:53:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استفزاز إيران أسهل الطرق

  مصر اليوم -

استفزاز إيران أسهل الطرق

بقلم - سوسن الشاعر

بقاء النفوذ الإيراني في المنطقة العربية في لبنان وسوريا والعراق واليمن مستمر إلى أن يعي «الجناح العربي» المستفيد من هذا الوجود أنه مجرد خادم لأجندة سياسية قومية إيرانية، وهذا الوعي المتقدم احتمال ضعيف نتيجة لحجم التغييب المؤثر فيه، خاصة أن هذا الجناح تمدد بعد أن سقطت الدولة، والسيناريو الثاني الذي يمكن أن ينهي هذا الوجود هو الاقتتال الطائفي وهذا ما يتجنبه الجميع. أما الاحتمال الثالث لوقف التمدد وإعادة إيران لحدودها المحلية هو أن يعي الأوروبيون والأميركيون أن هذا الوجود هو تهديد لمصالحهم بشكل مباشر، وهذا ما نجحت إيران – إلى الآن - في منح ضمانتها بأنه لن تصاب أي من تلك المصالح بضرر.

«الصفاقة الإيرانية» واحدة من أهم نقاط ضعفها والتي قد تسرع بكشف أجندتها ونواياها وحقيقة خطرها على الأمن الإقليمي والدولي، فإيران تختال طاووسيا وخطابها يقوم على الاستعراض والتحدي، وذلك خطاب له استحقاقه عاجلا أم آجلا، فإيران تظن أنها تستطيع أن تبقى في المنطقة العربية كقوة استعمارية هانئة مطمئنة ما دام في المنطقة عملاء وخونة عرب يفتحون لها الباب، وما دامت قادرة على إرسال رسائل تطمين لحلفائها الروس والأوروبيين أن الأمور تحت السيطرة، وأن وجودها في العراق وسوريا تلبية لحكوماتها الشرعية، وأن ذلك لمحاربة داعش والتكفيريين فقط، وأنه لا تهديد على أي من المصالح الحيوية كممرات البترول والغاز والملاحة الجوية والبحرية.
إنما قادتها صفاقتها هذه المرة إلى التحرش بإسرائيل معتقدة أن ذلك سيرفع من رصيدها في المنطقة العربية على اعتبار أنها قائدة لمحور ما يسمى المقاومة، واستحقاقا لخطابات «المقاومة» ولا يجوز لمن يتصدى لهذا الدور أن يكون على بعد عدة أمتار من إسرائيل وقائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني على بعد عدة أميال من الحدود الإسرائيلية، ويتمركز هناك في قاعدة جوية وتحت يده بطارية صواريخ زودتهم بها روسيا ولا يتحرش على الأقل بطائرة بدون طيار بالإسرائيليين!
للصفاقة استحقاق حتى وإن كان وهميا إنها (بطولة) وهمية مجانية لن تكلفهم إلا طائرة صغيرة تطير بالريموت كنترول، يستطيع بها سليماني تسويق أضحوكة محور المقاومة لأنصاره ومشجعيه في المنطقة، ويستطيع روحاني أو ظريف الاعتذار سرا وإنهاء القصة، وما توقع أبدا أن يكون هذا هو رد فعل الإسرائيليين!!
لم يتوقع أبدا أن تنطلق من إسرائيل طائرتا إف 16 ونفاثة دمرت مركز القيادة في القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرة، ودمرت مدرعة مما اضطر السوريين إلى إطلاق صاروخ على الطائرة الإسرائيلية دفاعا عن النفس، وأسقطت في إسرائيل ونجا الطياران، فما كان من إسرائيل إلا أن دمرت 15 هدفا منها بطاريتان إس إيه 5 وإس إيه 17 روسيتان، وكانت تلك الرسالة الإسرائيلية للإيرانيين واضحة وجلية أن العبث له ثمن!
الصمت الإيراني الذي تلا هذه المغامرة يؤكد وجود الاتصال بين جميع اللاعبين روسيا وأميركا وإسرائيل وإيران للملمة القصة، لتمرير هذه المغامرة الحمقاء وسكوت إيران على الإهانة الإسرائيلية وعدم خروج تصريح يتبجح فيه سليماني بطائرته التي اخترقت المجال الجوي الإيراني يؤكد أن المغامرة كانت حمقاء بالنسبة للمصالح الإيرانية، وخارج سياق التطمينات الإيرانية المتسمة لإسرائيل وللأوروبيين، فإيران تريد أن تستقر في سوريا لا أن تتحرش بإسرائيل.
إيران أشطر من أن تصعد في خطابها في التصريح بأنها باقية و«إلى الأبد» في سوريا على حد تعبير جواد ظريف في مؤتمر روما في ديسمبر (كانون الأول)، بل تتبجح في مؤتمر المانحين لإعمار العراق بأنها لن تدفع تومانا إيرانيا بل ستحتل العراق بأموال العراقيين وأموال المانحين! وعلى الجميع التأقلم مع هذا الواقع، هذا هو خطابها المسكوت عنه والذي لم يحاول أحد أن يدفعها أو يستفزها لاستحقاقاته، الحماقة الإيرانية التي جرت في سوريا كشفت أنه بالإمكان دفع إيران للحائط ومطالبتها بإثبات قدراتها.
ولكن هل إيران على استعداد لدفع الكلفة المتصاعدة لهذا الوجود؟ في ظل التمرد الإيراني المستمر ودعوات وقف التمدد الخارجي والاهتمام بالداخل؟
هل الأوروبيون والأميركيون بدأوا يعون الآن أن وجود إيران في هذه المواقع الاستراتيجية يشكل خطرا على أمن وسلم المصالح الاستراتيجية والحيوية فيها؟ قد لا يشكل موت الآلاف من العرب أو احتلال أرضهم تهديدا للمصالح الأوروبية، ولكن هل يظنون أن الميليشيات التي تأتمر بأمر سليماني تستطيع أن تحافظ على أمن المنطقة وعلى عدم امتداد نيران هذا الصراع؟ هل بدأوا يعون أن وقف التمدد الإيراني هو خارج نطاق الاتفاق النووي، وأن لديهم من المساحة وحرية الحركة كي يتعاملوا مع هذا الوجود بمعزل عن قيود الاتفاق؟
إلى الآن إيران نجحت في إقناعهم بأنها مأمونة الجانب، إنما ما زلت أعتقد أن الصفاقة الإيرانية هي أهم نقاط ضعفها وأن استفزازها يمكن أن يسقط قناعها.

نقلا عن الحياة اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استفزاز إيران أسهل الطرق استفزاز إيران أسهل الطرق



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon