توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين تجمّل السينما وجه أميركا

  مصر اليوم -

حين تجمّل السينما وجه أميركا

بقلم - امينة النقاش

الضجة الهائلة التي حظي بها الفيلم الأميركي «ذا بوست» والاستقبال الحافل له في الصحافة العربية الذي اقترن بنعي حريات الصحافة وحرية الرأي والتعبير في منطقتنا، مقارنة بازدهارها ورسوخها في المجتمع الأميركي، أكدت لي وجهة النظر التي خرجت بها بعد مشاهدته، وهو أنه فيلم دعائي من الطراز الرفيع، يمجد ماضي الصحافة الأميركية غير البعيد، وهو ماض لم يعد له علاقة بحاضرها غير السعيد، الذي باتت تُشترى فيه العديد من الصحف وتُستأجر الكثير من الأقلام والصفحات والذمم لتشويه الحقائق وتزوير الوقائع وتزييف التاريخ والاحتفاء بالفضائح الإثارية، والصمت المجمع عليه من عديد إصداراتها ومعظم كتابها ومحرريها على جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وضد دول المنطقة، بعدما أضحى المال اليهودي مسيطراً على الكثير من تلك الإصدارات، تماماً كما سبق له أن بسط قبضته على صناعة السينما، للترويج للسياسة الأميركية ونشر ثقافة وتقاليد الحياة الأميركية في شتى أنحاء العالم عبر أهم وسيلة من وسائل الترفيه المبهرة.

وفيلم «ذا بوست» الذي يشير عنوانه إلى صحيفة «واشنطن بوست» من جهة، وينطوي من جهة أخرى على معنى المنشور الذي يوزع لطرح قضية والترويج لفكرة بهدف تعميمها، أخرجه «ستيفن سبليبرغ» أحد أبرز الفنانين الأميركيين الداعمين لإسرائيل فنياً ومالياً، ولعل ذلك كان وراء قرار الجامعة العربية بإدراج بعض الشركات الفنية التي يمتلكها في سياق برامج المقاطعة، وهو أحد أشهر المخرجين والمنتجين الذين تحقق أفلامهم أرباحاً طائلة في شباك التذاكر، لانتماء معظمها إلى أفلام الرعب والمغامرات والخيال العلمي.

يستعرض الفيلم الهزائم التي مني بها الجيش الأميركي في فيتنام، والأكاذيب التي يروج لها الساسة حول التقدم الذي تحرزه القوات الأميركية على جميع الأصعدة في هذه الحرب، والحجج التي افتعلها خمسة من الرؤساء الأميركيين منذ ترومان مروراً بأيزنهاور وكيندي وصولاً إلى جونسون ونيكسون، لا فرق بين من ينتمي منهم إلى الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي، لخوض تلك الحرب والاستمرار فيها رغم الخسائر المادية والبشرية التي قدرت في نهاية الحرب عام 1973 بنحو ملياري دولار وقتل 59 ألف جندي فضلاً عن آلاف الجرحى، ورغم أن مستشاري البنتاغون جزموا بأنها حرب خاسرة.

يروي الفيلم الصراع الذي خاضه الإعلام الأميركي في مطلع السبعينات من القرن الماضي من أجل نشر وثائق سرية لوزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، تم تسريبها، بعد نحو عشرين عاماً من سريتها، تضم نحو سبعة آلاف صفحة اشتهرت آنذاك باسم قضية «أوراق البنتاغون».

وتكشف هذه الوثائق تورط الحكومات المتعاقبة في حرب فيتنام، وخداعها للشعب الأميركي فيما يتعلق بحقيقة ما يجري بها، والخسائر الفادحة التي لحقت بالمعدات العسكرية والجنود، والصعوبات التي واجهت الصحافيين في الحصول علي تلك الوثائق، والتهديدات الأمنية التي تعرضوا لها لمنع نشرها، والقيود القانونية التي صادفتهم، والأخرى العرفية التي تذرعت بمنع النشر لحماية الأمن القومي الأميركي، والضغوط التي مورست على أصحاب الصحف للحيلولة بينهم وبين الموافقة على النشر، وتهديدهم بالحبس والإغلاق، وانتصار القضاء لحق الصحف في النشر باعتباره حقاً للمواطن الأميركي في معرفة الحقيقة.

وقد مهد نجاح الصحافة في نشر تلك الوثائق، لتمكنها فيما بعد من فضح قضية استمرت نحو عامين وهي «ووتر غيت» وهو اسم مبنى الحزب الديمقراطي، الذي زرع فيه أعوان الرئيس «ريتشارد نيكسون» أجهزة تنصت للتعرف إلى خطط الحزب الانتخابية، والحيلولة دون فوزه بها.

وقد أدان القضاء نيكسون وأعوانه في تلك القضية، التي أجبرته على الاستقالة في أوائل أغسطس عام 1974، قبيل أن يتخذ الكونغرس قراراً بعزله.

بعض المتحمسين للفيلم يرون فيه انتصاراً لحرية الصحافة في مواجهة السلطات الأميركية، كما فعل رئيس تحرير البوست بن برادلي «توم هانكس»، وتمجيداً لقوة المرأة في مجتمع لا يحترم كفاءتها، ويشكك فيها لمجرد أنها امرأة، في شخص ناشرة الواشنطن بوست «كاترين جراهام» التي قامت بدورها ميريل ستريب، وإعلاء من شأن القضاء المستقل ممثلاً في حكم محلفي المحكمة العليا، الذي برأ الصحيفة من تهم مخالفة القانون.

وبعضهم يرى في الفيلم رسالة موجهة للرئيس الأميركي الحالي ترامب، تذكره في ظل حملاته الهوجاء على الصحافيين، بنوع الدور الذي صنع نجومية الصحافة والإعلام الأميركي، وربما لا يخلو كذلك من تهديد له بالدور الذي ستقوم به في حال تجاوزه لسلطاته.

لكن كل ذلك لا يمنع من الطابع الدعائي الصارخ للفيلم للتبشير بقيم الحرية الأميركية والتعمية على سياستها، ولجمله الحوارية الركيكة، التي أظهرت ممثلاً عبقرياً مثل توم هانكس في واحد من أضعف أدواره، والله على ما أقول شهيد!

نقلا عن البيان الاماراتيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تجمّل السينما وجه أميركا حين تجمّل السينما وجه أميركا



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt