توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الديب» الصغير!

  مصر اليوم -

«الديب» الصغير

بقلم - خالد سيد أحمد

المفاجأة التى فجرها تنظيم داعش الإرهابى عن ان عمر نجل إبراهيم الديب، القيادى الإخوانى المتواجد فى تركيا كان أحد عناصره، تستدعى التوقف أمامها كثيرا، لأنها تكشف الكثير من الحقائق الصادمة التى يمكن لها تغيير رؤيتنا ونظرتنا وتقييمنا للمشهد بشكل عام.

فـ«الديب» الصغير كان قد ظهر قبل أيام قليلة فى الإصدار المصور الأخير لمجلة «حماة الشريعة» التابعة لتنظيم داعش، بعد أن ظلت بعض وسائل الإعلام الإخوانية التى تبث من الخارج فى الادعاء باختفائه قسريا قبل مقتله، خصوصا بعد إعلان وزارة الداخلية فى العاشر من سبتمبر الماضى، عن تمكنها من رصد وتحديد والقضاء على 10 عناصر ــ بينهم عمر ــ تابعين لخلية إرهابية تواجدت داخل شقتين فى منطقة أرض اللواء بالجيزة.

القيادى الإخوانى إبراهيم الديب، اعترف بصحة انضمام نجله إلى تنظيم داعش، وقال فى بيان نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: «ابنى عمر سُرق منى فكريا وروحيا وبدنيا، وهو ضحية»، لكنه شدد على أنه لم يكن يعرف بهذا الأمر: «لم أكن أبدا على علم بهذا التوجه المفاجئ والصادم لى عن ابنى عمر، والذى فجعنى للمرة الثانية بعد موته، وما جاء فى هذا الفيديو المشئوم».

بالتأكيد عمر الديب ضحية مثلما قال والده المفجوع بوفاته على بيعة داعش، لكنه فى المقام الأول ضحية لجماعة الإخوان، التى يعد الأب أحد قيادييها، بعدما واصلت خلال السنوات التالية لازاحتها عن السلطة فى 2013، عملية منظمة وممنهجة لزرع الكراهية والحقد والغل والعداء فى نفوس شبابها ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، وبالتالى كان الحصاد مرا على الجماعة نفسها، ثم على المجتمع الذى تنتمى إليه.

هذه هى الحقيقة الأولى التى كشفتها وفاة «الديب» الصغير، أما الحقيقة الثانية فهى ان بعض الاتهامات التى توجه إلى الحكومة المصرية وأجهزتها الأمنية، والمتعلقة بعمليات الإخفاء القسرى للمعارضين، ثبت وبالدليل القاطع فى «حالة عمر» عدم صحتها، وهو ما يستوجب من منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية، التعامل بحذر شديد وعدم تبنى مثل هذه الادعاءات قبل التأكد جيدا من صحتها، كما تتطلب ايضا من الحكومة ان تكون أكثر شفافية فى الرد على كل ما يثار فى هذا الملف، والإجابة على التساؤلات المشروعة فى هذه القضايا، حتى لا تستخدم على نطاق واسع فى الخارج لتشويه صورة الدولة المصرية.

الحقيقة الثالثة وربما تكون «المخيفة» فى واقعة عمر، تتمثل فى أن الخلافات الفكرية والعقائدية بين جماعة الإخوان وتنظيم داعش، آخذة فى التلاشى تدريجيا، خصوصا مع رغبة بعض عناصر الإخوان المشحونة بنار الكراهية، ايجاد حاضنة جديدة توفر لها متنفسا طبيعيا لتفريغ هذا الكم الكبير من الغضب ضد مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذى يوفره «داعش»، الذى وجد أيضا ضآلته فى هؤلاء الشباب، بعدما خسر الكثير من «خزانه البشرى»، جراء الضربات العسكرية القوية وتشديد إجراءات الأمن على الحدود، والتى ساهمت فى منع جانب كبير من إمداداته الخارجية، سواء أكانت بشرية أو أسلحة وذخائر.

هذا الاقتراب الخطر بين التنظيمين، يعد تطورا نوعيا وتحولا جد خطير، ينبغى ان يطلق الكثير من أجراس الإنذار لدى الجميع، حتى ينتبهوا له ويحاصروه قبل فوات الأوان.. فـ«داعش» ليس مجرد تنظيم متطرف يتنبى العنف، لكنه أكثر التنظيمات الراديكالية ــ التى ظهرت على الساحة خلال التاريخ الحديث ــ وحشية ودموية وتشددا وتطرفا، كما انه لا توجد أى موانع إنسانية أو اخلاقية أو دينية، تردعه عن ارتكاب أبشع أنواع الجرائم بحق الجميع مسلمين وغير مسلمين.. فالجميع فى نظره «كفار ومرتدين»، إذا كانوا يخالفونه فى معتقداته وتوجهاته وتفسيراته للدين الإسلامى.

تستطيع الحكومة المصرية ان تتنفس الصعداء، بعدما اتضحت حقيقة «الديب» الصغير، وسقطت اتهامات الاختفاء القسرى، بل ويمكن لها ان تفرح بالكشف عن انضمامه إلى «داعش»، واستثمار ذلك فى تشديد الضغوط على الإخوان، لكن عليها فى الوقت ذاته ان تقلق كثيرا، بتحول مثل هؤلاء الشباب المشوش فكريا إلى «داعش»، لان هذا الأمر يعد مؤشرا على إمكانية ترسخ هذا الفكر الشاذ وتحوله من ظاهرة عابرة يمكن مواجهتها أمنيا وفكريا إلى حالة من الاستيطان فى هذا الوطن، وهو ما لا نتمناه أبدا.


نقلا عن الشرةق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الديب» الصغير «الديب» الصغير



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt