توقيت القاهرة المحلي 09:33:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرئيس وساندرا

  مصر اليوم -

الرئيس وساندرا

بقلم - خالد سيد أحمد

موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسى على الظهور مع المخرجة ساندرا نشأت، فى فيلمها التسجيلى الجديد، الذى يحمل عنوان «شعب ورئيس»، يتضمن الكثير من الرسائل الصريحة للإعلام الموالى، الذى حاول خلال السنوات الماضية، ترسيخ ثقافة الصوت الواحد، وتغييب السياسة، والتماهى إلى حد التطابق مع مواقف السلطة التنفيذية، وتأييدها فى كل كبيرة وصغيرة، وكأنها دائما على الحق المبين.

قبل الحديث عن هذه الرسائل، ينبغى التأكيد على أن هدف ودور ووظيفة الإعلام الأساسية، لا تتمثل فى «التطبيل والتهليل» لمواقف وسياسات الحكومات والأنظمة، وانما المراقب الذى يرصد ويكشف وينتقد تقصير السلطة التنفيذية فى أداء عملها، والانحياز التام لمصالح واهتمامات الغالبية العظمى من المواطنين، والتعبير الجاد والحقيقى عن مشاكلهم ومساعدتهم فى التغلب عليها قدر الامكان، والعمل على خلق وعى عام بحقوقهم التى ينبغى عليهم المطالبة بها والحصول عليها وعدم التفريط فيها تحت أى ظرف.

هذا هو الاطار الحقيقى الذى ينبغى أن يحكم عمل ودور ووظيفة وسائل الإعلام.. فهل قام الإعلام المصرى بهذا الدور فعلا؟ بلا شك أنه منذ عام 2011، مر الإعلام المصرى بمرحلتين مختلفتين تماما، الأولى بعد ثورة 25 يناير، حيث لعب الإعلام دورا كبير فى تشكيل وعى المواطنين والدفاع عن مصالحهم والانحياز الكبير لقضاياهم وهمومهم، والوقوف على يسار السلطة التى جاءت بعد الثورة؛ ما منحه مصداقية كبيرة لدى قطاعات شعبية واسعة، رأت فيه معبرا حقيقيا ومدافعا شرسا عن احلامهم فى بناء دولة مدنية ديمقراطية، تنهى سنوات من الاستبداد السياسى التى سادت فى البلاد، وتحقق المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع.

بعد ثورة 30 يونيو 2013، فقدت الكثير من وسائل الإعلام بوصلتها شيئا فشيئا، وابتعدت عن النهج الذى حرصت عليه منذ يناير 2011، وتركت مهمتها الرئيسية فى الدفاع والتعبير عن قضايا وهموم المواطنين، وانتقلت تدريجيا من يسار السلطة التنفيذية إلى مقعد «المتحدث باسمها»، وصارت عصا تستخدم فى الفتك بالمخالفين والمعارضين، الذين لم ينجوا من حملات التشهير والتقطيع والتشويه الممنهجة، التى وصلت إلى حد عرض أسرارهم الشخصية على شاشات «الليل وآخره»، فى انتهاك سافر لمواد وقواعد القانون والدستور، التى تشدد على صون الحياة الشخصية للمخالفين قبل المؤيدين.

هذا الوضع خلق حالة من النفور العام لدى العديد من المواطنين، الذين أداروا ظهورهم للكثير من هذه الشاشات التى فقدت بريقها ومصداقيتها ومهنيتها، ودفعت البعض منهم إلى أن يولى وجهه شطر تلك القنوات التى تبث من الخارج، وتعتبرها الدولة المصرية عدوا لها يسعى إلى النيل منها وتقويض خططها فى التنمية التقدم ورغبتها فى الاستقرار والأمن.

الدوائر المحيط بمراكز صناعة القرار، أدركت هذا الأمر جيدا، ورأت أن ظهور الرئيس مع الوجوه نفسها التى ظهر معها قبيل ولايته الأولى فى 2014، لن يحقق النتائج المرجوة، وبالتالى يجب أن يطل مع وجه آخر جديد وغير «محروق» شعبيا، فوقع الاختيار على ساندرا نشأت، التى قدمت من قبل أعمالا حازت على إعجاب الجمهور، مثل «مصر جميلة خليك فاكر»، و«بتحلم بإيه؟».

إذًا الرسالة الأولى من وراء اختيار ساندرا، هو أن الكثير من نجوم الإعلام الموالى فقدوا مصداقيتهم، وبالتالى مهنيتهم وتأثيرهم، أما الرسالة الثانية والتى يجب على الجميع استيعابها، فتتمثل فى أنه ينبغى على كل اعلامى الابتعاد بمسافة عن السلطة التنفيذية حتى يستطيع تأدية دوره ووظيفته، وألا يكون عصا بيدها تستخدمها ضد مخالفيها وقتما تشاء، أما الرسالة الثالثة فهى أن اعلام الصوت الواحد لا مستقبل له، ولا يمكن الاعتماد عليه، وعند أول اختبار يسقط سقوطا مدويا.

الإعلام جوهره التنوع والتعدد واختلاف الآراء، وكلما ترسخت هذه القاعدة، كلما ازداد تأثيره ومهنيته ودوره فى رفع الوعى بالمجتمع، وكلما ابتعد عنها، كلما أفسح المجال للمتطفلين والدخلاء على المهنة، وارتفعت أصوات الشتامين والنهاشين للأعراض، الذين دائما ما يكون تأثيرهم عكسيا على من يمدحونه ليلا ونهارا، مثلهم مثل الدبة التى قتلت صاحبها!.


نقلا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس وساندرا الرئيس وساندرا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon