توقيت القاهرة المحلي 09:36:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ستيفن هوكينغ الفلسطيني

  مصر اليوم -

ستيفن هوكينغ الفلسطيني

بقلم : مصطفى زين

 كان ستيفن هوكينغ في الواحدة والعشرين عندما أصيب بمرض تلف الأعصاب. قدر الأطباء أن موته محتم بعد سنتين على الأكثر. خيب كل توقع. عاش مقعداً حتى السادسة والسبعين. أصبح أهم عالم فيزياء بعد أينشتاين، وقد تجاوزه باكتشافاته. حرص على تبسيط هذه الاكتشافات المعقدة لتقريبها إلى الناس العاديين فوضع كتابه «موجز تاريخ الزمن» عام 1988، مناقضاً التفسير الغيبي السائد لنشوء الكون وتطوره بأسلوب مبسط.

العالم الأشهر كان مشغولاً أيضاً بالسياسة، بمعناها الإنساني. رفض لقب سير الذي تمنحه الملكة للمتفوقين في العلوم والرياضة والموسيقى... احتجاجاً على النقص الكبير في تمويل الأبحاث العلمية في بريطانيا. وكان يطالب دائماً بتمويل القطاع الصحي المجاني وعدم تخصيصه. ويقول: «لولا العناية الطبية المجانية التي تلقيتها لمت من زمن طويل».

رفض دعوة لإلقاء خطاب خلال ندوة برعاية شمعون بيريس احتفالاً بعيد ميلاده التسعين، ورفض جائزة علمية إسرائيلية. وانطلاقاً من حسه الإنساني أيضاً انحاز إلى الفقراء وإلى القضايا العادلة ومنها القضية الفلسطينية. وشكل انضمامه إلى الحملة الأكاديمية لمقاطعة إسرائيل (B.D.S)، دعماً كبيراً لهذا التحرك الذي يقلق الدولة العبرية أكثر من التهديدات العنترية التي تتلقاها ليلاً ونهاراً. ويطرح انضمامه إلى الحركة سؤالاً كبيراً على المثقفين العرب الذين تقاطروا إلى إسرائيل للقاء بيريس، خلال هجمة السلام الديبلوماسية العربية في تسعينات القرن الماضي، وعادوا ليكرزوا بمحاسن اللقاء وبالديموقراطية الصهيونية. كما يطرح سؤالاً كبيراً على هذا الشاعر أو ذاك الروائي أو السينمائي أو الصحافي العربي الذي ينشر أخباره التطبيعية مفتخراً بخرق التابوات، واصماً كل من يدعو إلى المقاطعة بالتحجر الفكري، متجاهلاً أن كبار المثقفين الأوروبيين والأكاديميين ينضمون إلى حملة المقاطعة غير عابئين بتهمة اللاسامية التي تلصق بهم. فالموقف الإنساني لديهم يعلو على كل خوف أو سياسة أو انحياز ديني أو عقائدي. ويعري بروباغندا نشر الحرية والديموقراطية والعدالة والمحافظة على حقوق الإنسان، وقتله باسم هذه القيم التي تدعي إسرائيل تمثيلها في الشرق الأوسط، تماماً مثلما يفعل تنظيم «داعش» باسم القيم الإسلامية.

في موقف مليء بالادعاء والعنصرية تأخذ إسرائيل على هوكينغ موقفه الإنساني، ويقول أحد منتقديه أنه نسي فضلها عليه، فبواسطة التكنولوجيا التي ابتدعتها استطاع التواصل مع العالم بالتحدث عبر الكومبيوتر. والحقيقة أن مبتدع هذه التكنولوجيا هو الأميركي روجر مور، وبفضل سام بلاكبورن استطاع العالِم التحدث، وتنسبها إسرائيل إلى علمائها مثلما تنسب المأكولات الفلسطينية إلى تراثها. ولنفرض جدلاً أن علماءها ابتدعوها فهل يبرر ذلك طرد الفلسطينيين وقتلهم وتشريدهم؟ وهل يبرر اختراع أميركا القنبلة النووية استخدامها لإبادة الجنس البشري؟ أو هل كان على هوكينغ الوقوف إلى جانب العنصرية لأنه عبقري واكتشافاته عظيمة؟

وصفت إسرائيل هوكينغ بـ «الدُرة الأشد بريقاً والأغلى ثمناً الذي نجحت حركة المقاطعة في تجنيده». بريق هذه «الدرة» لن يخبو علمياً وإنسانياً.

 نقلا عن الحياه اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستيفن هوكينغ الفلسطيني ستيفن هوكينغ الفلسطيني



GMT 04:56 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

المستفيد الأول إسرائيل لا إيران

GMT 04:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الغضب الساطع آتٍ..

GMT 04:13 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

جبر الخواطر.. وطحنها!

GMT 04:11 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

عامٌ يبدو أنه لن يكون الأخير

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 03:24 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

"الثعابين" تُثير الرعب من جديد في البحيرة

GMT 22:38 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نادي سموحة يتعاقد مع محمود البدري في صفقة انتقال حر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon