توقيت القاهرة المحلي 12:49:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من منتدى شباب العالم إلى الانتخابات الأمريكية

  مصر اليوم -

من منتدى شباب العالم إلى الانتخابات الأمريكية

بقلم-عـــلاء ثابت

عندما حضرت فاعليات منتدى شباب العالم فى شرم الشيخ، وكنت أتجول بين قاعاته وأشاهد مجموعات من بين خمسة آلاف من الشباب والشابات، جاءوا من 160 دولة، يتناقشون بكل ود وجدية، لتعتقد أنهم أمضوا مع بعضهم مددا طويلة ليتواصلوا بهذا الشكل الحميم ويتبادلوا الآراء التى تطوى المسافات الطويلة بين بلدانهم المتباعدة، فقد جاءوا من أقصى شرق آسيا حتى الغرب الأمريكى مرورا بإفريقيا وأوروبا، لكنهم قادرون على التواصل البنَّاء والإيجابى، ليبحثوا مشكلات بلدانهم وأحلامهم وسبل تحقيقها، وفى ورش العمل ينتظمون فى مجموعات كأنها خلايا النحل، كل منهم فى اختصاصه، يناقشون مشكلات ومقترحات جادة عن الحاضر والمستقبل، وجميعهم مفعم بالأمل والثقة بأن العالم يمكن أن يكون أجمل.

أفضل الأوقات كنت أمضيها وأنا أتجول بين جلسات العمل وأستمع إلى الحوارات الهادئة والمنظمة، التى تنصت لكل رأى وتناقشه بمنتهى الجدية والاحترام، كل منهم يحرص على أن يتعرف ويفهم كيف يفكر باقى شباب العالم، ولأن عدد الجلسات يصل إلى ثلاثين، ولم يكن بمقدورى أن أتابعها جميعا، اخترت بعضها ورأيت كيف أن هؤلاء الشباب حديثى السن لديهم إلمام كبير بالقضايا الكبرى التى تشغل العالم, ورغم أنهم من أعراق وأديان وبلدان مختلفة ويتحدثون بلغات متعددة فإنهم قادرون على التواصل وكأنهم فريق عمل خاض الكثير من النقاشات ليتمكنوا من التفاهم بتلك الطريقة الحضارية.

فى طريقى إلى غرفتى بالفندق كنت أستمع إلى الأحاديث الجانبية للشباب وهم يواصلون حواراتهم أثناء الاستراحة وعبارات حول إفريقيا المستقبل، وكيفية تقليص الفجوة بين فقراء وأغنياء العالم بما يحد من الأزمات والكوارث والحروب، ويحول الطاقات والثروات إلى البناء والارتقاء بمختلف بقاع الأرض التى نتشارك العيش عليها. كانوا قلقين من انتشار الحروب والمجاعات رغم التقدم الكبير فى الإنتاج، وكيف أن العالم يحتاج إلى السلام والمحبة أكثر من أى وقت مضى، يتحدثون عن العطاء والعمل التطوعى ودور الفن والإبداع فى التقارب والتفاهم بين شباب العالم.

خرجت من تلك الأحلام الجميلة التى ترتسم على ملامح الشباب عندما تابعت أخبار انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكي، ورأيت ممارسة الديمقراطية فى كبرى الدول، لأعايش صورة أخرى مختلفة؛ رأيت وسمعت الرئيس الأمريكى وهو يحاول إثارة رعب الشعب الأمريكى من المهاجرين، الذين يصفهم بالغزاة، والذين جاءوا لتدمير الولايات المتحدة، ويحذر الناخبين من انتخاب المرشحين من الحزب الديمقراطى المنافس الذى سيفتح الباب لهؤلاء الغزاة. نظرت إلى قافلة المهاجرين الذين تخطوا حواجز الحدود التى تفصل بين المكسيك والولايات المتحدة فوجدت وجوها شاحبة ومجهدة، يبدو أنهم مشوا مسافات طويلة على الأقدام حتى خارت قواهم، فركبوا أى شئ.. جرار زراعى أو شاحنة، ليستكملوا المسير بحثا عن مأوى، وكل ما يحلمون به أن يجدوا فرصة عمل تمكنهم من العيش بعد أن ضاقت عليهم الدنيا. جاءوا من بلدان يطحنها الفقر والبطالة إلى البلد الفتى الذى يستأثر بكبرى الثروات، لكن الرئيس الأمريكى شدد القيود على المهاجرين ونزع الأطفال الذين لا يحملون الجنسية الأمريكية من أمهاتهم اللائى حصلن على الجنسية، ووضع الأطفال فى معزل بعيدا عن عائلاتهم، رافضا مناشدات جمع شملهم.

شاهدت صورة أكثر تطرفا لجماعة يمينية متطرفة تسمى نفسها رجل اللحظة، تدعو إلى التصدى لهؤلاء الغزاة الخطرين، وتطالب أعضاءها بالتوجه إلى الجنوب، حيث قافلة المهاجرين البائسين والتصدى لهم بالسلاح، مع تزويد أعضاء هذه الجماعة المتطرفة بأجهزة رؤية ليلية لكشف أى متسلل من المهاجرين، يحاول النيل من أمن وسلامة الأراضى الأمريكية. لقد سمع أعضاء هذه الجماعة رئيس البلاد وهو يقول إن القوات الأمريكية سترد بالرصاص على من يلقون الحجارة من المهاجرين المحاصرين. وزاد من بؤس المشهد أن أرى الشوارع غارقة فى السيول وحركة السيارات مصابة بالشلل، والكهرباء مقطوعة فى بعض المناطق، بينما قادة أكبر دولة ديمقراطية فى العالم يتبادلون الاتهامات والشتائم. رأيت الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما وهو يحذر الناخبين من الخطر الذى يهدد مصير الولايات المتحدة، إذا نجح مرشحو الحزب الجمهورى المنافس، ويشير إلى الرئيس الحالى قائلا: «أعلنوا أنهم سيحاربون الفساد لكنهم غارقون فيه وينتظرون المساءلة والمحاكمات».

صورتان متعارضتان تماما بين منتدى شباب العالم فى شرم الشيخ، حيث الأمل والأحلام والخطط التى يبحثها الشباب عن المستقبل الزاهر لبلدانهم، والحوارات التى تعكس التفاهم والرغبة فى تجاوز مشكلات العالم، بينما مشاهد الانتخابات الأمريكية محبطة ومؤلمة.

وتأملت؛ كيف استطاعت شرم الشيخ المصرية أن تجمع شبابا وشابات من مختلف القارات والديانات والأعراق بهذا التحضر، بينما النخبة السياسية الأمريكية تتحدث بعبارات تبث الخوف والكراهية بين شعب دولة هى الأكثر ثروة بل تحمل راية الحرية والديمقراطية؟!

نقلا عن الأهرام القاهرية 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من منتدى شباب العالم إلى الانتخابات الأمريكية من منتدى شباب العالم إلى الانتخابات الأمريكية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon