توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انطلاق أكبر عملية إصلاح سياسى شامل

  مصر اليوم -

انطلاق أكبر عملية إصلاح سياسى شامل

بقلم-عـــلاء ثابت

مع التصويت اليوم على التعديلات الدستورية، تبدأ أكبر عملية للإصلاح السياسى فى مصر، بتوسيع المشاركة السياسية، التى تعد جوهر الديمقراطية، لتصويب المسار الديمقراطى المتعثر فى مصر طوال عقود طويلة، لم تتمكن من خلالها, تعبيد الطريق نحو “الديمقراطية السليمة”، التى ظلت هدفا لم يعرف الطريق نحو التنفيذ، فخلال مرحلة الاستعمار البريطانى التى لا يمكن أن نعتبرها نموذجا للممارسة السياسية الصحيحة، لم تكن الأحزاب إلا أدوات فى أيدى الاحتلال البريطانى والقصر الملكي، لهذا كانت الأحزاب ضعيفة وعاجزة وسريعة السقوط، ولم تحقق طموحات الشعب المصرى فى الجلاء والاستقلال، ولا يمكن أن ننسى حادث 4 فبراير 1942 عندما حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين، وأجبرت الملك فاروق على إسناد رئاسة الوزراء للنحاس باشا زعيم حزب الوفد، الذى رفض فى البداية قبول تشكيل الوزارة عن طريق الدبابات البريطانية، لكن إنذار السفير البريطانى الملك فاروق أجبره على القبول، وهو حادث يكشف مدى هشاشة العملية السياسية فى مصر فى أثناء الاحتلال، رغم وجود برلمان منتخب يشكل الحكومة فى ظل نظام حكم الملكية الدستورية.

الإقبال على التصويت فى الاستفتاء أبلغ رد على الحملات التى تسعى إلى عرقلة الإصلاح
وعند قيام ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، وضعت فى مبادئها الستة الشهيرة “إقامة حياة ديمقراطية سليمة”، لكن هذا المبدأ لم يعرف طريقه نحو التطبيق، ولم تعرف مصر سوى نظام الحزب الواحد، الذى ألغى التعددية السياسية وحرية الرأى والتعبير، ويأتى الرئيس محمد أنور السادات ليضع حدا لنظام الحزب الواحد، بإقامة ثلاثة منابر تحولت إلى أحزاب، يمين ووسط ويسار، لكن ولادة الأحزاب كانت بعملية قيصرية ومن داخل الحزب الواحد “الاتحاد الاشتراكي”، لهذا لم تحقق الهدف المنشود.

وظلت مصر طوال العقود التالية تعانى ضعف المشاركة السياسية، وهشاشة الأحزاب، ولم تستطع أن تتجاوز هذا الوضع الذى استثمرته الجماعات المتطرفة، التى استغلت شعار “الإسلام هو الحل” لتجتذب الشباب نحو التطرف والإرهاب، وبعد التجربة الصعبة التى مرت بها مصر منذ 25 يناير 2011 كان لابد من تصحيح المسار، والسعى لإقامة حياة ديمقراطية سليمة، تقوم على التعددية الحقيقية، وتوسيع شرايين العمل السياسي، بجراحة ضرورية، لم تقتصر على إطلاق حرية تكوين الأحزاب فقط، بل جاءت التعديلات الدستورية لتضع عددا من العلامات الجوهرية على طريق الديمقراطية، منها تعيين أكثر من نائب لرئيس الجمهورية، بما يزيد من المشاركة والتنوع فى الآراء، وإسناد بعض الملفات لنواب الرئيس، بما يؤهلهم للقيام بأدوار مهمة فى صناعة القرار، إلى جانب إقامة مجلس للشيوخ، يستفيد من الخبرات المتوافرة من مختلف المؤسسات، ويجعله شريكًا بالرأى فى مشروعات القوانين ومنظومة صناعة القرار، فمصر عامرة بالخبراء فى جميع المجالات، ويمكن الاستفادة من تلك الخبرات، وأن تضع أمام مجلس النواب مقترحات وآراء تحسن من الأداء السياسي، وتوسع من إطاره، وبالتالى نحقق أكبر استفادة من خبرائنا وشيوخنا فى مختلف المجالات.

ويأتى تفعيل دور المرأة، التى ظلت على هامش العملية السياسية لعقود طويلة، وإن كان للمرأة حق الانتخاب، غير أنها لم تتمكن من اجتياز العوائق التى منعتها من المشاركة الحقيقية والجادة, ويأتى تخصيص نسبة من المقاعد للمرأة ليمنحها أحد حقوقها المهمة، لتكون شريكا فى صناعة القرار،وتأهيلها للقيام بأدوار أوسع، بما يتناسب مع حجم دورها فى المجتمع، ولا يقتصر التنوع والتوسع فى المشاركة السياسية عند هذا الحد، بل يشرك مختلف الفئات، خاصة من الأشخاص متحدى الإعاقة، والذين استطاعوا رغم ظروف الإعاقة تحقيق نجاحات كبيرة وملموسة فى مختلف المجالات، بما يجعلنا نستثمر هذه الطاقات الإيجابية فى العملية السياسية.

وفى مواجهة بث الفتنة ومحاولات منع المسيحيين من المشاركة، سوف يكون المجال أوسع لمشاركة المواطن المسيحى إلى جانب المسلم، وأن نبنى معا دولة عصرية على أسس المواطنة والعدالة، وفى لجان الاقتراع اليوم سوف يقول الشعب كلمته، بعد أن جرى عرض التعديلات على مختلف الفئات والأحزاب والنواب، بما يتيح للمواطن أن يعبر عن رأيه على أساس من الإلمام والمعرفة بجميع التعديلات المطروحة والهدف منها، والتى ستتيح لنا تصويب مسار العملية السياسية بشكل جوهرى وشامل، وهو ما يثير غضب بعض الدول التى لا تريد أن ترى مصر قوية وقادرة ومتطورة فى مختلف المجالات.

لهذا تسعى إلى تشويه كل عملية إصلاح، وأن تروج لأكاذيب تشكك فى الهدف الجوهرى من الإصلاح الشامل، الذى يضع مصر على طريق التقدم، ويمنحها المزيد من القدرات، لتكون أكثر فاعلية فى محيطها الإقليمى والدولي، وتهدم حملات جماعة الإخوان والدول الداعمة للإرهاب، والتى حاولت أن تروج لصورة مغلوطة، وتنفى مدنية الدولة المصرية، التى تتجلى فى تعديلات دستورية ترسخ مبدأ توسيع المشاركة السياسية.

إن تصويتنا اليوم على التعديلات الدستورية أبلغ رد على تلك الحملات التى تسعى إلى عرقلة مسار الإصلاح، وأن تظل مصر رهينة لتلك الجماعات، التى استغلت تلك السلبيات، ووظفتها لمصلحتها، ولهذا لا تريد أن تمضى عملية الإصلاح السياسي، التى تهدم كل فرص استمرار هذه الجماعات التخريبية، التى لا تريد سوى تفشى أفكارها الجامدة والمنغلقة والمعادية للتنوع وحرية الرأى والاعتقاد، وأن تصادر حقوق الشعب المصرى فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انطلاق أكبر عملية إصلاح سياسى شامل انطلاق أكبر عملية إصلاح سياسى شامل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt