توقيت القاهرة المحلي 15:32:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى نستفيد من جوهر رمضان

  مصر اليوم -

حتى نستفيد من جوهر رمضان

بقلم-عـــلاء ثابت

المفروض أن يقل استهلاك المواد الغذائية، مثل اللحوم والخضراوات وغيرها خلال شهر رمضان، فالصيام يعنى الامتناع عن الطعام والشراب طوال نهار رمضان، لكن الواقع يقول إن استهلاكنا من اللحوم والدواجن والخضراوات والبقوليات ثلاثة أمثال باقى شهور السنة، أى أننا استبدلنا الغاية من رمضان من شهر للصوم والزهد والشعور بالجائعين من الفقراء إلى شهر الشراهة وكثرة التهام الطعام.

كان من الممكن أن يكون شهر رمضان فرصة لتصحيح سلوكياتنا بالبعد عن كل ما يغضب الله، مثل الكذب والغش واغتياب الناس وكذلك تجنب أشكال الكسب غير الحلال حتى يصبح السلوك القويم عادة دائمة فى كل شهور السنة، ومن أهم السلوكيات التى نحتاجها الاهتمام بصحتنا والبعد عن الأطعمة الدسمة والجاهزة المليئة بمكسبات الطعم، وأن نعتاد على الطعام الصحى وتجنب السمنة التى أصبحت مشكلة صحية رئيسية وخطيرة، لأننا أصبحنا نعتمد على الأكلات الجاهزة أكثر فأكثر، وكذلك اعتاد أبناؤنا على مكسبات الطعم التى أدمنوها ، والتى تخفى عيوب الأطعمة الجاهزة الأكثر ضررا، وتركنا الطعام المنزلى المعروف والمضمون المكونات، وما ساعد على انتشار هذه الأطعمة كثرة الإعلان عنها بصورة جاذبة وتوافرها فى المحال المختلفة، لنجد أن أبناءنا يلحون علينا لشرائها ويرفضون المتوافر من الطعام المنزلى الذى يقل إقبالهم عليه، وتكون النتيجة إصابتهم بالسمنة مع الضعف العام للجسم، وتراجع القدرات الجسدية والذهنية بتأثير تلك الدهون التى أصبحت خطرا يهدد صحتهم، فلم نكن نشاهد هذا العدد الكبير فى سمنة الأطفال والصبية، لكن للأسف أصبحت السمنة أكثر انتشارا، بل إنها تزيد فى شهر رمضان لكثرة الحلوى بأصنافها المختلفة مع المشروبات عالية السكر، وتتسابق سيداتنا على إظهار مهاراتهن ليس فى طبخ الأصناف المختلفة من الطعام فقط بل فى أنواع الحلوى التى يصنعنها أو يتباهين بشرائها من أفضل وأشهر محال الحلوى، حيث اتسع نطاق المنافسة التى شهدت دخول محال الحلوى السورية التى لا يكاد يخلو منها شارع فى القاهرة أو باقى محافظات مصر، ونجحوا فى إدخال أنواع جديدة من الحلوى مع مهارة اشتهروا بها فى صنع مختلف أنواع الحلوى لتسعى باقى المحال للمنافسة والتقليد وجلب عمالة سورية، والنتيجة هى زيادة استهلاك الحلوى التى نتنافس على التهامها ما بين الإفطار و السحور حتى إن جهازنا الهضمى يئن من الشكوى مساء كل يوم ، وينتظر انتهاء الشهر الفضيل ليرتاح قليلا من الوجبات الكثيرة والدسمة التى تجعلنا نسقط بعد الإفطار من كثرة ما أكلنا وشربنا.

لقد تاهت منا فوائد الصوم ونسينا الهدف الحقيقى من رمضان، ورحنا نستعد له بتكديس المشتريات من اللحوم وأيضا ميزانية أعلى من كل شهور السنة، بينما الغاية من الشهر الفضيل، علاوة على التقرب ألى الله بالعبادات وإحساسنا بالفقراء، السيطرة على شهوة الطعام مع تقليل الإنفاق على الغذاء والشراب والحلوى وأن نريح معدتنا ، وأن ندرك أن الصيام يجعل كسرة الخبز غذاء شهيا، ورشفة الماء لها مذاقها، وأن نعتاد الاقتصاد فى استهلاكنا بدل أن نستهلك فى رمضان ما نستهلكه فى ثلاثة شهور، فى الوقت الذى ينخفض فيه العمل والإنتاج ليصبح ذلك عبئا على مواردنا وخطرا على الاقتصاد الوطني، حيث إننا مازلنا نستهلك أكثر مما ننتج فنقع فى براثن الاستدانة. والحل هو خفض الاستهلاك وزيادة الإنتاج وهو ما يجب أن نتبعه فى رمضان بل فى كل شهور السنة، ففى هذا السلوك القويم صحة جسدنا وصحة اقتصاد بلدنا وعادة حميدة نربى عليها أبناءنا، فهذه هى الغاية والعبرة من شهر رمضان الذى حولناه إلى عكس ما جاء به من غايات.

أتمنى من علمائنا الأجلاء ومن حكومتنا العمل على إعادة الوجه الحقيقى للشهر الفضيل، فليس هذا ما دعانا إليه ديننا، ولا أعرف كيف يزيد الانحراف عن الغاية من رمضان عاما بعد عام حتى أصبح شهر الأعباء الباهظة على الطعام والسهرات والحلوى، وبدل المحافظة على الصحة واستغلال الشهر الكريم للانقطاع عن العادات السيئة، مثل التدخين نجد المقاهى مزدحمة للغاية طوال ليالى رمضان ويزيد فيها تدخين الشيشة التى أصبحت ظاهرة رمضانية. لا يمكن أن نلقى بالمسئولية على الحكومة وحدها، لكن عليها أن تدرس كيفية السيطرة على الانفلات فى الاستهلاك خلال شهر رمضان حتى وصل إلى هذه النسبة غير المعقولة والبعيدة عن الغاية من الشهر الكريم وتعاليم الإسلام الذى دعانا لأن نجوع لنصح، وليس أن نزيد معدلات الأكل فى رمضان لتلك الدرجة الخطيرة على صحتنا لتتسبب فى أمراض كثيرة، ومنها السكر وأمراض القلب والجهاز الهضمى إلى جانب السمنة. وعلينا أن نعمل جميعا على وقف هذا السباق المحموم على الاستهلاك فى رمضان لنعيد إلى الشهر الكريم جوهره الروحى والاجتماعى بأن نحرص على العادات الإيجابية، منها التزاور والتعاون والتراحم وخفض الاستهلاك لتخفيض ميزانية الأسرة وميزانية الدولة معا، وألا نشهد حالة الطوارئ التى تعلنها الجهات الحكومية لتوفير كميات إضافية من اللحوم والأغذية والمكسرات المستوردة غالية الثمن، ليكون رمضان شهر رحمة وصحة واعتدال وسيطرة على الأهواء حتى لا تنفلت الأسواق بفعل سباق ضار نحو العادات السيئة المتعارضة مع غاية الصيام.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى نستفيد من جوهر رمضان حتى نستفيد من جوهر رمضان



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً

GMT 21:47 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

باسم مرسى يشعل السوشيال ميديا بصورة مع زوجته وابنته

GMT 20:14 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 4 وإصابة 6 في انقلاب سيارة واشتعالها على طريق السويس

GMT 01:10 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بلجيكا أول المتأهلين إلى نهائيات كأس أمم أوروبا

GMT 20:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

8 لاعبين في "أشرس صراع" على الكرة الذهبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon