توقيت القاهرة المحلي 01:25:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر والسعودية وحديث المستقبل

  مصر اليوم -

مصر والسعودية وحديث المستقبل

بقل- عـــلاء ثابت

 من الحقائق الثابتة، فيما يتصل بالعلاقات المصرية – السعودية، أنها أولا علاقات تاريخية، يرجع تبلورها إلى العصر الفرعونى على نحو ما أكد الدكتور زاهى حواس، وثانيا: أنها علاقات عصية على الانكسار، مهما شابها، خلال مسيرتها الطويلة، من خلافات أو حتى أزمات، إلى الحد الذى دفع بولى عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان لتأكيد تلك الحقيقة بقوله إن العلاقات المصرية - السعودية عصية على الانكسار، حتى لو أراد قادتها أن يفعلوا ذلك، فهى علاقات شعبية قبل أن تكون رسمية، والشعبان المصرى والسعودى هما، فقط، صاحبا الحق فى تقرير مصير تلك العلاقة. وثالثا: فإن العلاقات المصرية - السعودية تمثل ضرورة إستراتيجية ليس فقط للدولتين، ولكن لكل الدول العربية، فهى بكل تأكيد رمانة الميزان للأمن القومى العربي، كما أن طبيعة تلك العلاقة تحدد وترسم، إلى حد بعيد، طبيعة ومستوى العلاقات العربية.

الزيارة الأخيرة للأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة، خلال الأسبوع الماضى، جاءت على خلفية تلك الحقائق، والأهم أنها تمثل، فى حد ذاتها، إضافة أو فرض حقيقة جديدة على أجندة الحوار المتصل بالعلاقات المصرية - السعودية. هذه الحقيقة يعبر عنها التوافق المصرى - السعودى بشأن المستقبل، ليس فقط فيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين الجانبين، ولكن فيما يتعلق بالأوضاع السياسية، والاقتصادية داخل كل منهما. فمصر تمر بمرحلة إعادة بناء شاملة منذ ثورة 30 يونيو، مستهدفة تحقيق تنمية اقتصادية وسياسية حقيقية بالمعنى، وتعمل على القضاء على كل ما من شأنه عرقلة مسيرتها نحو المستقبل، بالشكل الذى يعيد إلى مصر مكانتها الطبيعية، والمملكة العربية السعودية بدأت هى الأخرى إستراتيجية مماثلة، أطلقها ويتبناها ولى العهد السعودى لتدشين «سعودية جديدة» بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إستراتيجية الدولتين للوصول إلى ذلك الهدف، حملتها وثيقة مشابهة، هى رؤية 2030 لكل من مصر والسعودية تم طرحهما فى توقيت متزامن تقريبا. إذن القوتان العربيتان، الأكبر فى المنطقة، باتتا مهمومتين، على النحو الذى لم يحدث من قبل بالبحث عن مستقبل أفضل لكل منهما، والأهم أصبحتا تعرفان الطريق إلى ذلك المستقبل.

وإذا كانت مصر قد عادت لتمثل بحق، نموذجا يحتذى فى المواءمة بين التعامل مع التحديات المفروضة عليها، وبين تطلعها للتنمية والانطلاق، فإن تبنى السعودية ذلك المسار، فى ظل رؤيتها الجديدة سيدعم، بلا شك، ذلك التوجه ليصبح نهجا عربيا عاما. ومن المؤكد أن اختيار الأمير محمد بن سلمان مصر لتكون وجهته الأولى بصفته ولى عهد المملكة، إنما يحمل دلالات بالغة المعنى، سواء فيما يتعلق بما يمكن أن تقدمه مصر دعما للمملكة فى مسيرتها الجديدة، أو فيما يتعلق باستعداد المملكة لدعم مصر، خاصة فى إطار عملية التنمية من منظور مختلف تماما عما كان سائدا، والذى كان عنوانه العريض «المساعدات». فالدولتان تتحدثان الآن عن مشروعات جبارة للتعاون والاستثمار المتبادل تحقق مصلحة كل منهما. وهنا أتى الحديث عن مشروع «نيوم» العملاق الذى أطلقته المملكة، ويشمل معها كلا من مصر والأردن بقيمة نصف تريليون دولار تقريبا على مساحة 26.500 كم تشارك فيه مصر بنحو ألف كم.

التركيز على المستقبل والإصرار على مواجهة كل التحديات، التى تعرقل عملية الانطلاق، هو الدافع الحقيقى الذى يحرك الدولتين حاليا. فمصر والسعودية يقودان التحالف العربى لمكافحة الإرهاب، بكل ما يمثله من محاولات لعرقلة جهود التنمية، وتلك المكافحة تستهدف جذور الإرهاب والبيئة الحاضنة له، ولا تقتصر، كما قد يتوهم البعض، على مواجهة قطر، التى قال عنها ولى العهد السعودى، إنها أقل من أن ننشغل بها. كما تتبنى الدولتان رؤية مشتركة لضرورة اقتحام المشكلات الداخلية بكل جرأة مهما تكن التكلفة، فالدولتان فى حرب حقيقية أخرى ضد الفساد وضد التيارات الدينية المتشددة. وإذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يعمل منذ سنوات على تجديد الخطاب الدينى، فإن الأمير محمد بن سلمان يسير أيضا فى الاتجاه نفسه، محاولا تحرير العقل السعودى من أسر أفكار التيارات المتشددة، التى أغلقت المجال أمام الشعب السعودى فى كثير من الأمور، وهو ما يدفع إلى القول بأن ما يحدث فى المملكة يمثل حركة إصلاحية مكتملة الأركان.

باختصار فنحن أمام مرحلة جديدة، ومختلفة تماما فى مسار العلاقات المصرية – السعودية، قوامها لغة جديدة، سياسيا واقتصاديا، تستهدف فى النهاية، كما أكد البيان المشترك الصادر عن قمة السيسى وبن سلمان، بلورة خطة طموح لتطوير منظومة العمل العربى المشترك الذى يراوح مكانه منذ سبعة عقود تقريبا.

 

 

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والسعودية وحديث المستقبل مصر والسعودية وحديث المستقبل



GMT 00:30 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

فن الكذب عند ترامب!

GMT 21:01 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أحزان عيد القيامة!

GMT 20:58 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

د. محمد غنيم رائد زراعة الكلى

GMT 20:51 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الأمور نسبية؟!

GMT 19:16 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

المفقود والمولود

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:23 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء
  مصر اليوم - طرق سيئة للنوم قد تتسبب في الوفاة ببطء

GMT 23:13 2021 الثلاثاء ,27 إبريل / نيسان

القمر العملاق يزين سماء مصر في ليلة نصف رمضان

GMT 14:36 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

علي زين رجل مباراة مصر والدنمارك في ربع نهائي بطولة العالم

GMT 22:00 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أسوان يدعم صفوفه بالسيد فريد وعمرو رضا قبل نهاية الميركاتو

GMT 10:08 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

منتخب مصر لليد يكشف تفاصيل إصابة أحمد الأحمر

GMT 07:37 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

أجنّة سمكة قرش منقرضة أكلت أشقائها في الرحم

GMT 04:22 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

موديلات جمبسوت خطوبة للعروس العصرية تعرفي عليها

GMT 06:59 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تتغير الظروف في الشهر الاول عما كانت عليه مؤخراً

GMT 09:34 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يسأل عن 8 ملايين دولار مستحقة لمصر لدى الكاف

GMT 01:44 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

"بسنت" يتصدر مؤشرات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon