توقيت القاهرة المحلي 17:45:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التأمين الصحى .. ثورة فى منظومة العلاج

  مصر اليوم -

التأمين الصحى  ثورة فى منظومة العلاج

بقلم - عـــلاء ثابت

نعانى جميعا من تدنى مستوى الرعاية الصحية وارتفاع تكاليف العلاج فى العيادات والمستشفيات الخاصة بما يفوق قدرات الفئات الفقيرة والمتوسطة فالمستشفيات العامة لم تعد مستشفيات بالمعنى الحقيقى بفعل تراكم الإهمال فلا معدات طبية حديثة ولا معامل للفحوصات ولا غرف عمليات نظيفة ومعقمة. كما أن الأطباء وطواقم التمريض يحصلون على أجور زهيدة لا تكاد تكفى الانتقالات ولا يمكن أن يؤدوا وظائفهم وأدوارهم بكفاءة خصوصا أن كثيرين منهم يضطرون إلى العمل فى عيادات أو مستشفيات خاصة تدفع أكثر، أما المستشفيات الجامعية فبالكاد تستطيع أن تقدم درجة مقبولة من الخدمة لكنها تعانى من ضعف الإمكانات والزحام الشديد خصوصا أن دورها الأساسى هو تدريب الطلاب والأطباء الجدد وإعدادهم وتطوير قدراتهم ومعارفهم ولهذا كان من الضرورى إحداث نقلة نوعية فى منظومة العلاج بدءا من تأهيل الأطباء وتحسين أوضاعهم وتوفير مستشفيات مجهزة للعلاج الحقيقى وهو ما يحتاج إلى تمويل كبير لإحداث تلك النقلة النوعية.

ينتقد البعض مشروع التأمين الصحى الشامل الذى سيكون قاطرة تطوير المنظومة الصحية ويركزون على أنه أكثر تكلفة من نظام التأمين الصحى القديم لكن لو سألت أحد هؤلاء عن التكاليف التى يتحملها حاليا إذا أراد إجراء جراحة بسيطة أو حتى زيارات إلى عيادات طبية فإنه لن ينفى أنه يدفع أضعاف المبلغ المقرر للاشتراك فى نظام التأمين الصحى الشامل، فالمنتفع يدفع مبلغا يتراوح بين 1300 إلى 4 آلاف جنيه سنويا والمبلغ المطلوب من الاشتراكات سيغطى جزءا من التكلفة الكلية للمشروع والتى تصل إلى 140 مليار جنيه كما تتحمل خزينة الدولة اشتراكات الفئات غير القادرة، والمقدر عدده بنحو 24 مليون مواطن، إلا أن النظام سيراعى العدالة الاجتماعية ويتحمل نفقات علاج غير القادرين ويشمل كل المصريين ويغطى كل المحافظات تدريجيا بدءا من العام الحالى ويطبق النظام الجديد معايير الجودة وسيكون بإمكان مستشفيات الشرطة والجيش والمستشفيات الخاصة أن تدخل ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل مادامت تتوافر فيها الشروط والتجهيزات المطلوبة كما سيوفر النظام الجديد الرعاية الصحية المنزلية لغير القادرين على الحركة من المسنين والمصابين وغيرهم وسيدفع مبلغا رمزيا عن الخدمات المنزلية بواقع 30 جنيها للزيارة و20% من قيمة الدواء و5% للتحاليل الطبية.

هذه المنظومة المتكاملة للرعاية الصحية سوف تتيح نقلة نوعية فى مستوى الخدمات الطبية وسترفع رواتب الأطباء وطواقم التمريض والإدارة إلى جانب تحديث الأجهزة الطبية وتوفير الأدوية وهو ما كنا نحلم به ولا يمكن أن تقاس تكلفته بما يتكبده أى مريض فقير عندما يتوجه إلى عيادة طبية أو مستوصفات رخيصة لأن مستشفيات التأمين الصحى ستكون أعلى كفاءة فى كل مفرداتها وأكثر شمولا فى قدراتها العلاجية والإسعافية.

لقد عانت الخدمات الصحية مما أصاب منظومة التعليم فأصبحنا أمام مدارس لا تعلم شيئا ومكدسة بالطلاب ولا يبذل فيها المعلمون الجهد المطلوب وينشغلون بالدروس الخصوصية التى أصبحت تمثل التعليم الموازى بسبب تدهور مستوى المدارس الحكومية وأصبح أولياء الأمور يدفعون الآلاف فى الدروس الخصوصية لكن البعض لا يريد زيادة مصروفات المدارس الحكومية إلى بضع مئات من الجنيهات ويوفر على نفسه المبالغ الطائلة التى يدفعها فى الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة وهى ازدواجية لا يمكن فهمها وتحتاج إلى تفكير منطقى وعاقل يبتعد عن المزايدة الرخيصة التى لا ترى الواقع ولا تريد له أن يتحسن بشكل حقيقى وترفع الأصوات بالشكوى من الدولة برفع أسعار خدماتها لكنها يمكن أن تدفع الكثير فى مؤسسات خاصة.

إننى على ثقة فى أن مشروع التأمين الصحى الشامل سوف يحظى بالقبول والترحاب بعد أن يلمس المواطن أنه يتلقى علاجا بمستوى مميز ومعاملة حسنة ومقابل بسيط وأن الطبيب والتمريض والإدارات لن تضطر إلى أن تمد أياديها وتحصل من المريض على أى مقابل للخدمة لأن هذا السلوك لا يليق بالكرامة، والدور الإنسانى للطبيب أو طواقم التمريض والخدمات الإدارية، وأن سلبيات عديدة سوف تنتهى ويركز الأطباء على رفع مهاراتهم والتعرف على أساليب العلاج والأجهزة الحديثة لأن منظومة التأمين الصحى ستوفر لهم فرص التعليم المستمر واكتساب الخبرات ولهذا أتمنى أن تبدأ النقابات الطبية التعاون والحماس لمنظومة علاجية أرقى بكثير مما نشاهده الآن فى المستشفيات لتعود للطبيب مكانته، وألا يتحول البعض منهم إلى تجار فى المرض أو مستغلين لحالة المرضى وذويهم، وأن تكون الرحمة والمعرفة والتفانى هى ما يتحلى به أطباؤنا ليعود للطبيب لقب الحكيم وأن تصبح المستشفيات أماكن رفع المعاناة وليس لمزيد من الألم.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأمين الصحى  ثورة فى منظومة العلاج التأمين الصحى  ثورة فى منظومة العلاج



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الفساتين الطويلة اختيار مي عمر منذ بداية فصل الربيع وصولًا إلى الصيف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:31 2015 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

منظمة "الصحة العالمية" تحذر من تناول اللحم المقدد

GMT 00:50 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو عبد الحق يفوز برئاسة النصر وقائمته تكتسح الانتخابات

GMT 18:00 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يجب أن تستبدل هذه التجهيزات الأساسية في المطبخ

GMT 07:55 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الثلاثاء 7-9-2021 في مصر

GMT 09:52 2021 الأربعاء ,04 آب / أغسطس

وائل جسار يؤجل حفله في بغداد بسبب كورونا

GMT 14:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : علي خليل

GMT 23:03 2021 الأحد ,30 أيار / مايو

تألقي بمكياج صيفي ناعم على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon