توقيت القاهرة المحلي 13:17:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أكبر مشروع وطنى

  مصر اليوم -

أكبر مشروع وطنى

بقلم - عـــلاء ثابت

أهم وأنجح الاستثمارات وأكثرها ديمومة هى بناء الإنسان المنتج والواعى والمبدع، والارتكاز على هذا النوع من الاستثمار هو القادر على بناء دولة قوية ومجتمع متماسك وممتلك لمقومات البقاء والمساهمة فى ارتقاء وطنه بل والحضارة الإنسانية، فالجدوى الاقتصادية من رفع مستويات تعليم وصحة ووعى وثقافة المواطنين يفوق عائدها أى نوع آخر من الاستثمار، بل لا يمكن أن ينجح أى نوع آخر من الاستثمارات الصناعية أو الزراعية أو الخدمية إلا بكوادر بشرية مؤهلة بتعليم جيد وتتمتع برعاية صحية تجعلها أكثر قدرة على العمل والتحسين المستمر للإنتاج. فالصناعة والزراعة فى تطور مستمر، وبوتيرة عالية تفوق أى وقت مضى، وكذلك أصبح قطاع الخدمات من أهم القطاعات التى تدر عوائد كبيرة، وكلها تقوم على الإنسان الممتلك لمقومات من المعرفة الواسعة، والساعى إلى التعلم المستمر، وبالتالى فإن الاستثمار فى الإنسان هو العمود الفقرى لمشروع التنمية الشاملة، ودونه لا تستطيع الدولة أن تتفوق فى أى مجال، ومفهوم التنمية الشاملة الذى يقوم على بناء الإنسان هو الهدف المقبل للمشروع الوطنى الذى أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ختام فعاليات المؤتمر السادس للشباب يوم الأحد الماضى من فوق منبر جامعة القاهرة، وقد جاء اختيار منبر جامعة القاهرة في إشارة مهمة إلى أن هذا المشروع الوطنى يقوم على العلم بالدرجة الأولى وبأيدى شباب مصر الذين هم ذخيرتها وثروتها التى يجب أن تصان وأن تكون محور المشروع الوطنى وأداته فى الوقت نفسه.

لم يتحدث الرئيس فقط عن خطط تطوير التعليم التى انطلقت إلى مرحلة التنفيذ، وإنما تحدث عن أمر لا يقل أهمية وهو اهتمام المدارس والجامعات بالأنشطة الثقافية والرياضية، لتصبح المدارس والجامعات مراكز تعليم ووعى وشراكة مجتمعية، وأن يعتاد الطلاب المبادرة الخلاقة، والاطلاع على مختلف التجارب والأفكار، وهذا ما يحصنهم ضد الأفكار المتصلبة والجامدة التى كانت تستغلها الجماعات التكفيرية، فالثقافة والانفتاح الفكرى وممارسة الأنشطة الفنية هى الأمصال الحقيقية التى تحمينا من الفكر المنحرف، وعلينا أن نثق فى شبابنا الطامح إلى المعرفة الواسعة، ونمنحهم الدعم المعنوى والمادي، خصوصا بعد أن استطاعت مصر هزيمة الإرهاب ومشروعه التدميرى الذى كان يقوم على تحويل شبابنا من قوة للبناء إلى قوة للتدمير، لكن ذلك الشباب بوعيه وعلمه وتحضره سيكون عصيا على أن تستغله أى جهات أو دول ليخربوا أوطانهم، فالجهلة ومحدودو المعرفة ومن اعتادوا تعطيل العقل هم الأداة السهلة للتخريب والتدمير، أما العقول النيرة والمبدعة والمنفتحة فهى التى لا يمكن لها أن تخرب، بل تبنى وتعمر وترتقى بالمجتمع والدولة.

إن بعض قيادات وزارة التعليم العالى قد أهملت الأنشطة الثقافية والفنية، ربما لأنها تخشى أن يسيء البعض استخدام هذه المساحة من الحرية والأنشطة، فتؤثر السلامة وتغلق أبوابا قد تأتى لها ببعض المشكلات، إن هذا الانغلاق وهذا التقييد يأتيان بالشرور، فإغلاق الأبواب ليس الطريق إلى الأمان، بل فتح أبواب الأمل والنشاط المبدع هو المناخ الذى لا تنمو فيه الأفكار المعتمة والضارة والمدمرة، وربما تحدث أخطاء أو ثغرة هنا أو هناك، ونتعلم كيف يمكن تصويبها بالتجربة والتفاعل والاحتواء.

إن شباب مصر لا يمكن أن يقبل بسلوكيات وأفكار تستهدف أمن بلده ومستقبله، وهو القادر وصاحب المصلحة الأولى فى أن يكون مسلحا بالعلم والثقافة والمهارة، وأن تصبح جامعاتنا منارات فكرية تنشر نور المعرفة والخير والجمال، ومن مصلحته أن يكون مجتمعه منظما ونظيفا، سواء من القمامة التى تملأ شوارعنا، أو الفساد الذى يستغل غياب الوعى والتماسك الاجتماعى وضعف الانتماء، ليشارك الإرهاب فى التخريب والتدمير.

إن على الجامعات المصرية مهام أساسية فى بناء الشباب المصري، خاصة مع التوسع الكبير فى إنشاء جامعات عصرية بأدوات وأبنية تسهل وتطور التعليم إلى جانب الأنشطة التى ستصبح الحاضنة الأساسية للإبداع ونشر الثقافة والفنون، لتحقق الانطلاقة التى نصبو إليها جميعا، ولهذا نحتاج إلى جهود مجتمعية تساعد القيادات الجامعية على القيام بمهامها، فجامعة القاهرة التى اختارها الرئيس لإعلان انطلاق المشروع الوطنى لبناء الإنسان قد بنيت بالجهود الذاتية وتبرعات الخيرين الوطنيين القادرين والراغبين فى الارتقاء بمجتمعهم، وعلينا أن نستعيد تلك الروح الوطنية النبيلة والخيرة، وأن نرى بناء جامعات أخرى بالجهود الذاتية، أو يتم تزويدها بما تحتاج من معامل ومكتبات ومسارح ومراكز تدريب وأنشطة، علينا أن نستخرج ذلك المخزون الحضارى، وأن ننفض عنه غبار الأنانية، ونعيد إليه بريقه الذى سيشعل أنوار العلوم والفنون والثقافة والتحضر، لقد كنا مركزا حضاريا عظيما، ويمكن أن نستعيد دورنا بتلك الروح الخلاقة فى ظل مجتمع متعاضد ومتماسك ومتكامل، وعندما يرى الشعب أن ضوءا ينبعث من جامعاتنا فإن عزيمته ستكون أقوى لاستكمال المشوار، والمضى فى طريق البناء والمعرفة.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكبر مشروع وطنى أكبر مشروع وطنى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt