توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نربح حرب المعلومات؟

  مصر اليوم -

كيف نربح حرب المعلومات

بقلم - عـــلاء ثابت

نشهد تطورات سريعة فى علوم وتقنيات التأثير النفسى على الشعوب وأساليب تأليب الرأى العام وتفجير احتجاجات جماهيرية، وهناك شركات ضخمة تجرى البحوث وتنظم الدورات لشباب من مختلف أنحاء العالم على كيفية إثارة الجماهير واستغلال الأزمات فى إحداث تصدعات بالدول المستهدفة، وهناك قوائم طويلة بهذه الشركات ورعاتها ومموليها واللافتة الجذابة المعلنة هى «نشر الديمقراطية»، لكن الهدف الحقيقى هو إحداث تصدعات وشروخ داخل الدولة المستهدفة تجرها إلى انهيار واسع فى مختلف المؤسسات، ما يفتح الطريق أمام الفوضى وأحيانا تندلع حروب أهلية يأتى بعدها التدخل الدولي.

ومن أهم أدوات التأثير النفسى إطلاق الشائعات والتى أصبحت أكثر الأسلحة النفسية تأثيرا مع التطور التقنى الهائل فى الاتصالات والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، وهو ما جعل للشائعات أدوات تنقلها إلى أعداد هائلة وبسرعة كبيرة، وحتى تنال الكثير من المصداقية يتم نشرها على عدة مواقع وبأدوات مختلفة بما يوحى أن وجودها ونشرها الواسع يدل على صحتها.

وهناك مراكز ومجموعات مدربة تتولى إنتاج ونشر الشائعات حسب الظروف التى تمر بها الدولة، فالشائعات لها درجات متفاوتة فى الخطورة ويجرى انتقاء الشائعات التى يمكن أن تنال قدرا أكبر من التصديق ولا يهم أن تفشل شائعة أو عشر شائعات أو حتى ألف فماكينة الشائعات سريعة الدوران وتنتج الكثير، والشائعة التى لا تصيب لا تضر، بل إن تكثيف الشائعات وتنوعها يعطى لها فرصة أفضل فى تهيئة المناخ لاستقبال شائعات جديدة، وأهم دور للشائعات هو إضعاف الثقة فى مؤسسات الدولة وإظهارها إما فاشلة أو أنها معادية لمصالح الناس، أو بأنها تعامل الناس بتفرقة وهذا التركيز على التشكيك فى مؤسسات الدولة لا يستهدف إصلاح عيب أو خطأ وإنما هز الثقة فيها، ليكون تدميرها والتخلص منها هو الهدف، وفى حالة وقوع أى أزمة يصبح من السهل تدمير تلك المؤسسات واستهدافها بالأعمال التخريبية لوجود ضغائن تم دسها فى أخبار مفبركة أو شائعات.

وهناك أنواع من الشائعات يمكن أن تختلق أزمة اقتصادية مثل أخبار عن اختفاء بعض السلع من الأسواق فيسرع الناس لشرائها بكميات كبيرة وتخزينها، فيؤدى هذا السلوك إلى اختفاء السلع فعلا وارتفاع أسعارها، وبالتالى تكون الشائعة قد حققت أهدافها، والأمثلة كثيرة فى هذا المجال، ومنها انهيار البورصة أو انخفاض قيمة العملة، وهذا النوع من الأخبار مؤثر للغاية فى سلوك الناس ويحدث تأثيرات كبيرة فى الاقتصاد ويؤدى إلى أزمات حقيقية إذا صدقها الناس.

كلنا سمعنا عن الحركة المسماة «6 إبريل» وشاهدنا ما قاله عدد من أعضائها على قنوات أجنبية عن تدريبهم فى صربيا على أيدى مؤسسة تسمى «كانفاس» وإذا اطلعنا على برامج تدريب هؤلاء الشباب يمكن أن نعرف بسهولة كيف يتم تجنيد شباب تحت شعارات براقة ثم استخدامها فى ضرب بلدهم وليس حل مشاكلها وكيف يختارون الشعارات ويبثون الأخبار الملفقة ويستخدمون وسائل حديثة تساعدهم فيها شركات اتصالات وتواصل اجتماعى عالمية ويدربونهم على مهارات تلفيق الصور وليس الأخبار فقط وكيف يتم تمريرها عبر مواقع التواصل وكأنها معلومات ذات مصداقية وهذه عينة بسيطة من عشرات مراكز التدريب والبحوث والاتصالات الضالعة فى هذه العمليات التى لا تقل خطورة عن الاحتلال.

لم تعد الدول الكبرى تريد استخدام جيوشها فى القتال من أجل احتلال الدول وتتكلف المليارات بل التريليونات فى حروب غير مضمونة النتائج فالاختراق من الداخل أسهل وأقل تكلفة ولا يسقط جنودها قتلى ولا يحتج الرأى العام داخلها فهى تستخدم شباب الدولة المستهدفة لإسقاطها من الداخل وغالبا ما يؤدى السقوط إلى دمار واسع وتخريب فى الوعى والمشاعر.

وحتى نتجنب ذلك النوع من الحروب هناك مسئوليات تقع على المواطنين الواعين الذين عليهم اكتشاف هذه النوعية من الشائعات والأخبار الملفقة أو المبالغ فيها وألا يساعدوا فى نشرها على الأقل، وتتبع مصادرها، لكن أهم الأعباء تقع على الصحف التى قد تسقط فى فخ مثل هذه الأخبار وعندما تجد أن عدة مواقع نشرتها تسارع بنشرها خوفا من أن يضيع عليها نشر خبر مهم فتصبح شريكة فى نشر هذا النوع من الأخبار والشائعات ولهذا عليها أن تخصص عددا من محرريها الأكفاء لمهمة فرز وتتبع مصادر الأخبار المثيرة للريبة والشكوك وأن تتصل بالمؤسسات التى تتناولها تلك الشائعات أو الأخبار وأن تحرص على نشر الحقائق لتكتسب الثقة ولا تتعرض للتشكيك وأن تساعدها الأجهزة التنفيذية فى الدولة بسرعة الإعلان عن المعلومات وألا تتأخر كثيرا، لأن الوقت مهم للغاية وكلما تأخر نشر الحقيقة انتشرت الشائعات، فلا يمكن تجاهل حادث ما أعلنت عنه وكالات أنباء أو صحف أو فضائيات، والاعتقاد بأن عدم النشر والتجاهل أفضل لأن هناك من يستغلون هذا الغياب أو التأخير لينشروا الأكاذيب، وإذا وقع القارئ أو المشاهد فى براثن الأكاذيب فإن تصحيح المفاهيم سيكون أصعب.

إن حروب المعلومات سريعة التقدم فى مضمونها، وأدواتها تفرض علينا أن ندرس تلك الأساليب بعناية وأن نطور فى أدائنا وأن تتكامل جهود المواطنين الواعين مع مؤسساتنا الصحفية والإعلامية وأجهزة ومؤسسات الدولة، وأن نكون أول من يعلن عن الأحداث قبل غيرنا وأن تراعى مؤسساتنا أن تظل دائما مهنية وصادقة حتى تحظى بثقة القراء والمشاهدين، ومن شأن تضافر هذه الجهود أن نتجنب ويلات واحدة من أقسى وأقذر الحروب.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نربح حرب المعلومات كيف نربح حرب المعلومات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt