توقيت القاهرة المحلي 05:29:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى عيد النصر.. هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس؟

  مصر اليوم -

فى عيد النصر هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس

بقلم : خالد منتصر

فى عيد نصر بورسعيد، أطل الآن على مشهد بديع من أجمل المناظر الطبيعية، البحر والسفن تتهادى، استعداداً للمرور من القناة، تكسر المشهد وتجعله نشازاً قاعدة عارية بلا تمثال!!، القاعدة جميلة تخبرنا بأنه ثمة تمثال بديع كان يقف عليها، إنه تمثال ديليسيبس الذى رفعوه من المكان بعد 1956، احتجاجاً على اشتراك فرنسا فى العدوان الثلاثى، ثم أخذ الأمر أبعاداً أخرى من قبيل إزالة رمز الاستعمار والعبودية وسُخرة الفلاحين.. إلخ، تغير كل شىء فى مصر وتبدّل، إلا أن موضوع عودة ديليسيبس على قاعدته صار من المحرمات، ومن قبيل الكفر والزندقة وقضية شائكة دونها الرقاب!!، من الناحية الفنية، التمثال الذى يرقد فى الترسانة تحفة ومنحوتة جمالية رائعة ستمنح المكان منظوراً بديعاً ومشهداً فريداً قلما يتكرّر فى مصر، يمسح من ذاكرتنا المنحوتات القبيحة التى جادت بها قريحة نحاتى زمن العشوائيات، والتى تجعل الفراعنة الذين علموا فن النحت للعالم ينتفضون فى قبورهم حزناً على أحفادهم، أما تاريخياً فنحن بالطبع نحترم انفعال وغضب ثوار بورسعيد المشروع وقتها الذى جعلهم يخرجون البخار المكتوم فى شكل إزالة ومحاولة تحطيم التمثال الذى ترجموه فورياً إلى رمز الاستعمار، وأحياناً الفعل الانفعالى الثورى يكون مخاصماً للمنطق، وبعد مرور السنين يتضح أنه كان أداء أوفر، لأننا لو تكلمنا منطقياً وبهدوء هناك عدة ردود على الشعارات، التى يرفعها المنادون بعدم عودة تمثال ديليسيبس إلا على جثثهم، وكأنهم فى معركة ستالينجراد!!، فالمنطق يقول لمن يتّهمون ديليسيبس بأنه أهدر حياة عشرات الآلاف من المصريين الذين دُفنوا أثناء الحفر، كان الأولى بكم أن تهدموا تماثيل من أصدر الأمر وسمح لديليسيبس بهذا، وهو «سعيد» ثم «إسماعيل»، لكن الخديو إسماعيل على سبيل المثال له أكثر من تمثال، والسؤال هل ديليسيبس هو المهندس صاحب فكرة القناة، أم أنه بائع بطاطا على شط القناة؟!

هو صاحب الفكرة، وهى حقيقة تاريخية لا يستطيع إنكارها جاحد، وإذا لم نكن قد نسينا الإساءة إلى فرنسا على اشتراكها فى عدوان 56، فلماذا نشترى منها «الرافال» الآن؟!، وهى أصبحت وما زالت أكبر دولة أوروبية مساندة لنا الآن، وأعتقد أن دور أحد مواطنيها، وهو ديليسيبس فى حياتنا أهم من دور سيمون بوليفار الذى يقف تمثاله شامخاً بجانب أهم ميدان فى مصر!!، العلاقات بين الدول لا تحكمها شعارات الحنجورى الانفعالية، ولا يعقل أن تكون الجزائر التى مات منها مليون على يد الفرنسيين أكثر مرونة مع فرنسا من المصريين الذين لم يمت منهم واحد على ألف من هذا العدد فى العدوان الثلاثى، أو حتى فى الحملة الفرنسية التى مثلما احتلتنا، كانت علامة فارقة فى حياتنا العقلية والفكرية وبداية عصر التنوير بعد الظلام العثمانى!!

تحطيم التماثيل التى تسكن الميادين لا يبنى أوطاناً، لكن يبنيها تحطيم أصنام الخرافة والجهل الذى يسكن العقول، والحقائق التاريخية لا يطمسها صراخ أو دهانات بوية أو رفع تمثال من قاعدته أو تحطيمه بمعول، فلنفكر بالمنطق والعقل حتى نرسل رسالة إلى الجميع بأننا شعب منطق وفكر وعقلانية، ولنضع على الجانب الآخر من الشارع، ومطلاً على القناة أيضاً، تمثالاً عملاقاً منحوتاً بفن وإبداع لفلاح مصرى شامخ يشير أيضاً إلى القناة، ولنكف عن مغازلة الناس بشعارات صارت فى متحف التاريخ، وليعُد ديليسيبس إلى قاعدته، ليس تمجيداً لديليسيبس، ولكن تمجيداً للمنطق والعقل ولاحترام التاريخ، احتفالنا بانتصار بورسعيد هو أن نحتفل بعودة العقل وعودة التمثال الذى لا يعنى عودة الاحتلال.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى عيد النصر هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس فى عيد النصر هل ننتصر للعقل بعودة تمثال ديليسيبس



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon