توقيت القاهرة المحلي 19:58:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التصويت فى الانتخابات المقبلة

  مصر اليوم -

التصويت فى الانتخابات المقبلة

بقلم - جمال عبدالجواد

 أيام قليلة تفصلنا عن بدء مرحلة التصويت الرئيسية للانتخابات الرئاسية. للانتخابات هذه المرة طبيعة خاصة. فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى بفترة رئاسة ثانية ليس موضع شك حتى فى أبعد خيالات معارضيه انفصالا عن الواقع. فى فترة رئاسته الأولى حقق الرئيس السياسى من الإنجازات ما يكفى لدفع عدد كبير من الناخبين لتأييد انتخابه مرة أخرى. فى الوقت نفسه فإن المرشح المنافس للرئيس السيسى لا يمثل أى كتلة ذات شأن فى الشارع السياسى المصري، فلا هو محسوب على معسكر المعارضين الأشداء الذين يحرصون على خروج مرشحهم بنتيجة مشرفة، ولا هو من ضمن القيادات النشيطة المؤيدة لنظام الثلاثين من يونيو.

طبيعة المرشحين فى الانتخابات الراهنة تجعلها أقرب للاستفتاء على رياسة عبدالفتاح السيسى أكثر منها اختيارا للمرشح المفضل من بين عدة مرشحين. القاعدة العامة هى أن الاستفتاءات تجذب عددا أقل بكثير من المواطنين للمشاركة فيها، بينما يستعد الإخوان لاعتبار نسبة التصويت فى الانتخابات مقياسا لشعبية النظام وشرعيته. يدعو الإخوان جموع المواطنين للامتناع عن التصويت، وهى دعوة خبيثة، فكل من لن يشارك فى الانتخابات سيحسبه الإخوان من المعارضين الذين استجابوا لدعوة المقاطعة الإخوانية، حتى لولم يكن هؤلاء قد سمعوا عن الإخوان أبدا، وأن امتناعهم عن المشاركة ليس إلا نتيجة للكسل أو لعدم الاهتمام بالسياسة أصلا. هناك على الجانب الآخر معارضة يسارية وليبرالية ترفض الطريقة التى تمت بها إدارة الانتخابات الرئاسية. موقف هذه المعارضة من المشاركة فى الانتخابات غير واضح، وإن كانت بعض فصائلها تدعو مؤيديها لوضع بطاقات تصويت بيضاء فى صندوق الانتخاب.

المصريون ليسوا من بين الشعوب المعروفة بالحماسة العالية للمشاركة فى الانتخابات. يتفق الباحثون فى شئون الانتخابات والديمقراطية والتحول السياسى على أن أول انتخابات يتم إجراؤها بعد انتهاء الديكتاتورية تشهد أعلى معدلات المشاركة، وهى المقياس الأكثر دقة لمدى انتشار ثقافة المشاركة السياسية بين المواطنين؛ ولمستوى اختراق النخب السياسية للمجتمع، وتجذر وجودها فيه؛ وبالتالى قدرتها على تعبئة مؤيديها للمشاركة فى الانتخابات.

فى نهاية عام 2011 وبداية عام 2012، تم فى مصر تنظيم أول انتخابات برلمانية فى المرحلة التالية لثورة يناير، وفى هذه الانتخابات بلغت نسبة التصويت 62.04% من إجمالى الناخبين. أما فى تونس، وفى نفس العام 2011، فقد شارك 86.4% من الناخبين فى أول انتخابات يتم تنظيمها بعد إسقاط الرئيس السابق بن علي. نفس الظاهرة نلاحظها فى العراق، ففى انتخابات برلمان 2005 العراقية، وهى أول انتخابات يتم تنظيمها فى العراق بعد إسقاط صدام حسين، بلغت نسبة مشاركة العراقيين 79.63% من إجمالى الناخبين. لقد زادت مشاركة التونسيين عن مشاركة المصريين فى أول انتخابات ديمقراطية بما مقداره خمس وعشرون نقطة، بينما زادت مشاركة العراقيين عن نظرائهم المصريين بما نسبته سبع عشرة نقطة، بما يؤكد انخفاض اهتمام المصريين بالتصويت بالمقارنة بشعوب أخرى شبيهة.

مقارنة بالانتخابات البرلمانية، تجذب الانتخابات الرئاسية عددا أقل من الناخبين للمشاركة فيها. ليس من الصعب تفسير تراجع معدلات التصويت فى الانتخابات الرئاسية؛ فبينما يشارك عدد كبير من الأحزاب والمرشحين فى تحفيز الناخبين للتصويت فى الانتخابات البرلمانية، فإن العدد المحدود للمرشحين فى الانتخابات الرئاسية يهبط بمستوى التصويت. وكما يقل معدل تصويت المصريين عن نظرائهم التونسيين فى الانتخابات البرلمانية، فإن نسبة مشاركة المصريين فى الانتخابات الرئاسية هى أيضا أقل من نسبة مشاركة التونسيين فى انتخابات الرئاسة التونسية. فبينما صوت 60.35% من التونسيين فى الانتخابات الرئاسية التى جرى تنظيمها فى عام 2014، فإن 47.5% فقط من الناخبين المصريين شاركوا بالتصويت فى الانتخابات الرئاسية التى جرت فى العام نفسه، وهى الانتخابات التى فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى بفترة رئاسته الأولى.

أكثر من هذا، فإنه حتى عندما كانت انتخابات الرئاسة المصرية شديدة السخونة، وتنافس فيها عدد كبير من المرشحين، فإن معدل تصويت الناخبين المصريين بقى منخفضا. ففى انتخابات 2012 الرئاسية، والتى فاز بها الإخوانى محمد مرسي، فإن نسبة مشاركة الناخبين المصريين لم تزد على 51.85%، وهى نسبة أقل بـ 9 نقاط عن نسبة المشاركة فى الانتخابات التونسية التى فاز فيها الرئيس الباجى قائد السبسى فى عام 2014.

الفارق بين معدل مشاركة الناخبين فى الانتخابات الرئاسية المصرية فى عامى 2012 و2014 لم يزد عن أربع نقاط مئوية. فى انتخابات 2012 حشد الإخوان كل صوت يمكنهم حشده للتصويت لمصلحة المرشح محمد مرسي، بينما غاب الإخوان تماما عن انتخابات 2014، الأمر الذى يتيح لنا أن نستنتج أن التأييد الذى تمتع به الإخوان فى تلك الفترة لم يزد كثيرا عن تلك النقاط المئوية الأربع التى مثلت الفارق بين معدلات التصويت فى الانتخابين الرئاسيين المتتاليين.

تصل معدلات التصويت إلى أعلى مستوى لها فى الانتخابات الأولى التالية للتحول السياسي، ثم تأخذ معدلات التصويت بعد ذلك فى الهبوط. هذا هو النمط المتكرر فى بلاد العالم المختلفة التى مرت بمراحل انتقال سياسي. ففى تونس انخفض معدل التصويت فى الانتخابات البرلمانية لعام 2014، وهى الانتخابات التونسية الثانية بعد الثورة، إلى 67.43%، بتراجع قيمته تسع عشرة نقطة عما كان عليه معدل التصويت فى الانتخابات الأولى. وفى العراق انخفض معدل التصويت فى الانتخابات البرلمانية لعام 2010، وهى الانتخابات الثانية فى مرحلة ما بعد صدام حسين، فوصلت إلى 62.4%، بتراجع قدره سبع عشرة نقطة عما كانت عليه نسبة المشاركة فى الانتخابات الأولى. انتخابات الرئاسة المصرية التى تجرى بعد أيام هى الثانية بعد الثلاثين من يونيو، والثالثة منذ الخامس والعشرين من يناير، ومن الطبيعى أن تقل نسبة التصويت فى هذه الانتخابات بالمقارنة بسابقاتها.

المرحلة المتأخرة من عملية الانتقال السياسي، والطبيعة الرئاسية للانتخابات، ونتيجتها المحسومة سلفا؛ كل هذه العوامل ترجح انخفاض معدلات التصويت فى الانتخابات المقبلة. لا داعى للشعور بالمفاجأة إذا حدث ذلك، فقط علينا تدارس الأمر بطريقة علمية، تشخص الأسباب المختلفة، وتقيس الوزن والأثر الحقيقى لكل منها.

نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصويت فى الانتخابات المقبلة التصويت فى الانتخابات المقبلة



GMT 04:10 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

استغِلوا «تغطية الجنازات» لإنقاذ المهنة

GMT 04:09 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«عدّّى النهار والمغربية جايَّه»

GMT 03:57 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 02:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 13:37 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

افتتاح مطعم وجبات خفيفة أثري في إيطاليا

GMT 08:36 2021 الخميس ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خبير ديكور يوضح الفرق بين الحجر الطبيعي والحجر الصناعي

GMT 16:31 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"AZZI & OSTA" تطلق تشكيلتها الجديدة

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 23:17 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

​المصري يبحث التعاقد مع حارس مرمى في كانون الثاني

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

فتاة توجه نصيحة للمصريين بعد إصابة 12 فردًا من أسرتها بكورونا

GMT 21:54 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات لاستخراج بدل فاقد لبطاقة التموين فى مصر إلكترونيا

GMT 22:12 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

الأسهم الباكستانية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 28 يوليو

GMT 09:35 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

غاريث بيل يضع شرطًا للرحيل عن ريال مدريد

GMT 10:49 2020 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

تعرف على عمر هالة فاخر في عيد ميلادها

GMT 06:42 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

طريقة إعداد الدجاج على الطريقة التركية

GMT 11:54 2020 الأحد ,17 أيار / مايو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon