توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مكارثية جديدة لدعم الاحتلال!

  مصر اليوم -

مكارثية جديدة لدعم الاحتلال

بقلم - منار الشوربجي

بينما أشاهد جلسة استماع مجلس النواب الأمريكى التى أُعدّت لقصف الحرية الأكاديمية بالجامعات الأمريكية، تذكرت كل ما قرأت عن فترة المكارثية البغيضة فى الخمسينيات. وقتها وفى أوج الحرب الباردة، أعلن السيناتور جوزيف مكارثى أنه يملك قائمة تضم أسماء «لشيوعيين» يحتلون مواقع عدة «يخونون البلاد ويمثلون خطرًا على أمنها القومى».

وقام من خلال لجنة ترأسها بالمجلس بحملة كانت نتيجتها اضطهاد المئات وطردهم من مناصبهم بوزارتى الخارجية والدفاع والجامعات، وملاحقة فنانين وأدباء. أما المكارثية الجديدة بالكونجرس فتقوم هذه المرة، دعمًا للاحتلال الإسرائيلى! وهى مكارثية لأن المصطلح صار، اليوم، يطلق على كل اتهامات، تُساق دون دليل، لإسكات المعارضين وقمع آرائهم. فالتحول الحقيقى فى الرأى العام الأمريكى بعد أن صار يشهد، عبر وسائل التواصل الاجتماعى، بالصوت والصورة جرائم الاحتلال ضد المدنيين فى غزة، صار مصدر قلق عميق لدى أنصار إسرائيل، وهم من صارت أغلبيتهم على يمين الساحة الأمريكية.

ومن هنا، غدت قوى اليمين الأمريكى بفصائله المختلفة تسعى لإسكات الأصوات التى تفضح الاحتلال أو تدعم الفلسطينيين. لكن تلك القوى اليمينية تسعى أيضًا لتصفية حساباتها مع اليسار التقدمى، لا الليبراليين، إذ بات اليسار، بما فى ذلك اليسار اليهودى، هو الأكثر دعمًا لحقوق الفلسطينيين. وقوى اليمين تسعى أيضًا لتصفية حساباتها مع الأكاديميا التى تعتبرها معقلًا لليسار.

لذلك وجد اليمين فرصته الذهبية، فاستخدم، بكل انتهازية، حكاية «معاداة السامية»، رغم أنه متهم بها بالمناسبة! ففى اجتماع للجنة التعليم بالمجلس التى استدعت ثلاثة من رؤساء الجامعات الأمريكية، هارفارد وبنسلفانيا وإم آى تى، قامت النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك، المعروفة بمواقف شديدة التطرف، باستخدام تعبيرات تمثل جهلًا متعمدًا بهدف توجيه اتهامات للرؤساء الثلاثة لا أساس لها ولا دليل عليها.

فهى، مثلًا، استخدمت كلمة «انتفاضة» لتتهم الجامعات ليس فقط «بمهادنة العداء للسامية» وإنما بأنها لا تمانع من ارتكاب جرائم «إبادة جماعية»! فهى قالت إن الانتفاضة حين يستخدمها شباب الجامعات الثلاث معناها «ارتكاب إبادة جماعية لليهود فى إسرائيل وحول العالم»! والمؤسف حقًا أن أيًا من الرؤساء الثلاثة لم يصحح معنى «الانتفاضة»، قبل أن تدخل السجلات الرسمية للكونجرس، إما جهلًا بمعنى الكلمة العربية أو ارتباكًا لشراسة الهجوم، وكلاهما ليس مبررًا من رؤساء جامعات القمة.

وقد أدت جلسة الاستماع، المكارثية بامتياز، لاستقالة رئيسة جامعة بنسلفانيا، بينما لم تخل محاكم التفتيش تلك من عنصرية بغيضة. فأول رئيسة من السود لجامعة هارفارد، كلودين جيى، كانت الأكثر تعرضًا للانتقادات الفجة، داخل اللجنة بل وخارجها، إذ زعم أنصار إسرائيل زورًا أنها اختيرت لمنصبها لأسباب لا علاقة لها بكفاءتها وإنما للوفاء بشروط «التعددية العرقية»! وقد تعرض الطلاب بالجامعات الأمريكية كافة لحملات إرهاب وصلت لحد تسيير عربات تحمل صورهم وأسماءهم تطوف جامعاتهم ومواقع عملهم لاغتيالهم معنويًا وكدعوة لاستهدافهم.

وما جرى بجلسة استماع لجنة التعليم لم يكن وحده ما جرى بمجلس النواب. فقد وافق المجلس بأغلبية الجمهوريين، والديمقراطيين «الليبراليين»، بالمناسبة، على قرار يعتبر «معاداة الصهيونية ومعاداة السامية» شيئًا واحدًا، بل وقدم جمهوريون وديمقراطيون مشروع قانون آخر يهدف شكليًا لإنشاء لجنة «لدراسة معاداة السامية» بأمريكا، بينما تفضح حيثيات المشروع الهدف الحقيقى، أى إسكات معارضى الاحتلال الإسرائيلى. أما لوبى إسرائيل فقد استعد بملايين الدولارات لينفقها فى انتخابات 2024 من أجل هزيمة تيار اليسار التقدمى بالكونجرس، وأغلبية أعضائه، بالمناسبة، من النساء غير البيض!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مكارثية جديدة لدعم الاحتلال مكارثية جديدة لدعم الاحتلال



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon