توقيت القاهرة المحلي 23:50:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

  مصر اليوم -

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

بقلم - منار الشوربجي

لم يفاجئنى رد الفعل القمعى للسلطات الأمريكية، بما فيها البيت الأبيض والكونجرس، ضد الاحتجاجات المناصرة لغزة بالجامعات الأمريكية. فمن يلق نظرة على التاريخ الأمريكى، يجد أن ما جرى هو القاعدة لا الاستثناء. والخطاب السياسى للسلطات الأمريكية اليوم هو ذاته الخطاب الذى تبنته تجاه الاحتجاجات والاعتصامات على مدار تاريخها. بل إن المفردات المستخدمة اليوم هى نفسها التى استخدمت تاريخيا، بما فى ذلك مفردات بايدن نفسه، والتى تبناها، بالمناسبة، طوال تاريخه السياسى.

ولنأخذ مثلا ما جاء على لسان بايدن بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا. صحيح أن الرجل استخدم مصطلحى «القانون» «والنظام العام» كل بمفرده، إلا أن عبارة «النظام العام والقانون» ظلت ذريعة محورية لم يكف الزعماء الأمريكيون عن استخدامها ضد الاحتجاجات، بدءا بحركة الحقوق المدنية ومرورا بحرب فيتنام، وحركة «احتلوا وول ستريت» وصولا لحركة «حياة السود مهمة». وقد كررها بايدن بتركيبات لغوية مختلفة طوال الخطاب. فهو بعد أن قال إن «الاحتجاجات السلمية من تقاليدنا الراسخة»، أضاف «لكننا لسنا دولة بلا قانون... ويتحتم أن يسود النظام العام»، مضيفا «ليس لأحد الحق فى خلق الفوضى». وما هى إلا لحظات حتى قال «يتحتم ألا تقود (الاحتجاجات) أبدا لانتهاك النظام العام». «والفوضى» «وانتهاك القانون والنظام العام» اتهامات وجهت لمارتن لوثر كنج أثناء احتجاجات حركة الحقوق المدنية التى تبنت تكتيكات العصيان المدنى السلمى، بالضبط كما فعل طلاب الجامعات الأمريكية الأسابيع الماضية. وقد خلط بايدن بين «العنف» والتعطيل السلمى «للأنشطة اليومية»، رغم أن «التعطيل» هو أحد تكتيكات العصيان المدنى التى استخدمها مارتن لوثر كنج، الذى صارت أمريكا الرسمية تعتبره، بعد اغتياله لا قبله، بطلا عظيما!، وكنج اتُهم هو الآخر «بخرق القانون» وتهديد «النظام العام»، مثلما اتهم بهما طلاب الجامعات وأساتذتها فى أوج احتجاجات حرب فيتنام. وهو الاتهام الرئيسى اليوم.

أكثر من ذلك، فإن نزع الشرعية عن الاحتجاجات الطلابية الحالية عبر اتهامها، من جانب أعضاء الكونجرس وإدارات بعض الجامعات والشرطة الأمريكية، بأن وراءها «محرضين من خارج» الجامعات، هى المفردات ذاتها التى استخدمت عبر التاريخ الأمريكى حتى إن مارتن لوثر كنج فى خطابه الشهير الذى كتبه من سجن برمنجهام شرح باستفاضة عبثية ذلك الاتهام فقال عبارته الشهيرة «الظلم فى مكان تهديد للعدل فى كل مكان»، مضيفا أن مسألة «المحرض الخارجى» تلك لا معنى لها «فأى شخص يعيش داخل الولايات المتحدة لا يجوز اعتباره أبدا خارجيا فى أى مكان داخل حدودها». أما وصف الطلاب «بالوحوش»، كما فعلت نائبة بالمجلس التشريعى لنيويورك، فهو أيضا ليس جديدا، إذ استُخدم ضد حركة «حياة السود مهمة». ووصف المحتجين على المظالم بالوحوش من المفردات ذات الدلالات العنصرية، ويستخدم عادة ضد غير البيض. وطلاب أمريكا اليوم، بمن فى ذلك البيض منهم، يتحولون «لوحوش» فى الخطاب الأمريكى، عندما يدافعون عن شعوب ليست بيضاء كالشعب الفلسطينى اليوم، وشعب فيتنام فى الستينيات. فطلاب اليوم «وحوش» وفق مزاعم تتهمهم «بتعريض حياة زملائهم اليهود للخطر»، رغم أنهم لم يستخدموا العنف مطلقا، حتى إن شرطة نيويورك نفسها اعترفت بأن 99% من احتجاجاتهم «كانت سلمية بالكامل»، بل إن احتجاجات اليوم أكثر سلمية بما لا يقارن بأحداث الستينيات.

غير أن المسألة الأهم على الإطلاق هى أن السبب الجوهرى وراء قمع السلطات الأمريكية لتلك الاحتجاجات فى الماضى والحاضر هو أنها تعلم جيدا أن التحولات الكبرى لم تحدث، على مدار التاريخ الأمريكى، إلا عبر الحركات الاجتماعية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتجاجات أمريكا ودلالاتها احتجاجات أمريكا ودلالاتها



GMT 03:01 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

الأقدام تتقدم

GMT 02:56 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

انتخابات رئاسية لا معنى لها في إيران

GMT 02:46 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

الجنسية السعودية و«الرؤية»

كارول سماحة بإطلالات راقية وجذّابة

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 18:32 2021 الجمعة ,10 أيلول / سبتمبر

رسام سوري أدواته الغبار والقهوة والعشب والرماد

GMT 09:36 2021 الأحد ,04 تموز / يوليو

برج الدلو لا تدع الغرور يؤثر عليك

GMT 10:24 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

3 إجازات في انتظار المصريين في يوليو المقبل

GMT 16:48 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

ندوة إرشادية عن زراعة محصول القطن في الشرقية

GMT 09:34 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

اكتشاف "عقار معروف" فعال في علاج مرضى "كورونا"

GMT 11:17 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

الوضع الوبائي في العاصمة موسكو لا يزال خطيرا وغير مستقر

GMT 05:45 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

رجل يحقن نفسه بـ"الفطر السحري" ويعاني من حالة صحية صادمة

GMT 18:14 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

كاف يطالب فيفا باعتماد مرشحي انتخابات اللجنة التنفيذية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon