توقيت القاهرة المحلي 12:12:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صحفى وفنانة.. لقاء فى الطائرة

  مصر اليوم -

صحفى وفنانة لقاء فى الطائرة

بقلم - جميل مطر

الفنانة ترد على المضيفة: أفضل البدء بشرب الماء. من فضلك لا يكون مثلجا.
الصحفى للمضيفة: أشرب من نفس ما شربت منذ قليل.
الفنانة للصحفى: حضرتك مصرى؟
الصحفى: نعم. وحضرتك؟
الفنانة: معقول! أول مرة أقابل من يسألنى هذا السؤال.
الصحفى: فى زمننا صار صعبا التكهن. فما ترتديه معظم النساء فى العمل وفى الأماكن العامة يكاد يتطابق. صناعة الأزياء نجحت فى عولمة المرأة، وصناعة الزينة جعلت المرأة الأوروبية نموذجا تقلده النساء فى مختلف بلاد العالم.
الفنانة: لم يكن السؤال عن جنسيتى مصدر استغرابى. إنما استغربت حقيقة أنك لم تعرف من أكون، أنا التى فى ظنها أنها فى بلدها كالنار فوق العلم. إذا مشت فى الشارع تنادى المشاة وهدأت السيارات من سرعتها، وإذا جلست على مقهى تغامز الرواد وراحوا يبتكرون فرص الاقتراب للتقرب، وإذا ركبت طائرة هللت لوصولها المضيفات واعتدل الركاب فى مقاعدهم. لا أخفيك أن وكيل أعمالى يرتب لى ومعى تفاصيل لحظة دخولى وليضمن جلوسى فى موقع يرانى فيه الرائح والغادى فى ممرات الطائرة.
• • •
الصحفى: دعينا لو تكرمت نستعيد المشهد من بدايته ونرسم مشهدا جديدا يتناسب وأوضاع مختلفة طرأت عليه ولم تدخل فى حسابات وكيل أعمالك وفى حساباتك. واقع الأمر فى المشهد الجديد أن المضيفات لم يهللوا عند وصولك على باب الطائرة إنما استقبلوك بابتسامات يستقبلن بمثيلاتها كل الركاب لا فضل لراكب ذى شهرة على راكب غير ذى شهرة. كذلك لم يتغير سلوك الركاب عند دخولك لا هم اعتدلوا فى مقاعدهم ولا هم نهضوا منها مرحبين. أنا من بين عديد الركاب نهضت ليس لأنك راكبة مشهورة ولكن لأفسح لك الطريق لتدلفى بيسر نحو مقعدك المجاور لشباك الطائرة. قلت إنك من المشاهير وفهمت أنك فنانة. لفت نظرك ولا شك أننى لم أبد أى ملاحظة ولم أنطق بأى عبارة يفهم من أيهما أننى أستقبلك مبتهجا بحظى المبارك الذى أتاح لى نعمة الجلوس فى مقعد مجاور لمقعدك. دلت تصرفاتى على حقيقة لا يمكن نكرانها أو الالتفاف عليها وهى أننى لم أتعرف عليك كشخصية معروفة فى المجتمع. سيدتى أو آنستى الفاضلة اسمحى لى حسب المشهد القائم أقدم لك نفسى، اسمى (ج.ع.) ، أعمل صحفيا ولكن فى نشاط أبعد ما يكون عن ساحات الفن بكل أنواعه، بعيدا عن ساحات الفن التشكيلى والفن السينمائى وفنون الموسيقى والغناء وفنون الرقص ومنها البلدى والباليه وغيرهما. لذلك أعترف لك أنك كفنانة لم تدخلى فى اختصاصى الصحفى وبالتالى لم تسنح لى قبل اليوم فرصة لنتعارف أو لأتعرف عليك ولو عن بعد.
الفنانة: أنا اسمى (أ) ومصرية طبعا.
الصحفى: تشرفت يا فندم. يعنى صحيح ما يتردد عن أن عامة المصريين إذا عنت لهم الرغبة فى الاستمتاع بمواهب ولاد بلدهم لازم يسافروا لهم فى الخارج. يعنى مثل حالتى.
الفنانة: ها ها ها. طبعا من حظك الطيب أنك قابلتنى. ولكنك لم ولن تستمتع بموهبتى طالما بقينا محبوسين بين سماء وأرض.
الصحفى: يعنى أعتبر هذه الكلمات دعوة رقيقة من جانبك لأحضر فى أول حفل ينتظم فى القاهرة من أجلك بخاصة أو تشتركين فيه. لا أستحى من قول دعوة لأننى ومن هم فى مثل ظروفى لا يملكون رفاهة فائض الدخل الذى يدفعون منه ثمن تذكرة حضور حفل من حفلاتك. على الأقل هذا بعض مما أسمعه عن أسعار تذاكر حفلات فن وفنانى هذه الأيام.
• • •
الفنانة: من فضلك. اسمع وزملاؤك عن أهل الفن ما تشاؤون ولكن بحذر. فالمبالغة أصبحت سيدة الكتابة الصحفية فى مصر عن الفنانين والفنانات وكذلك الحسد ونشر النمائم وما استجد فى لغة وعقائد جمهور السوشيال ميديا، حتى العقائد السياسية البسيطة لم تسلم من التشويه. خذ مثلا هذا النوع من الوطنية الزائفة الزاحفة لتحل محل الفاقد من الوطنية الحقيقية والصادقة... أنا وغيرى من الفنانين ضحايا هذه الوطنية الزائفة. من فضلك لا تقاطعنى..
الصحفى: أريد فقط تصحيح بعض المعانى فى مفردات وردت فى كلامك. الجمهور غير مسئول عما آلت إليه فنون مصر وآدابها وعلومها ولا عن فنانيها. دعيت قبل أسابيع إلى لقاء على شرف ضيفة أجنبية تخصصت أكاديميا فى دراسة تاريخ الرقص الشرقى وأصول ومنظومة أخلاقياته وسلوكيات المبدعات من راقصات مصر. قالت شاكية إنها فى هذه الزيارة الأخيرة لم تقابل مصرية واحدة تستحق أن تصطف فى صف مشاهير الرقص الشرقى. دارت على ملاهى الفنادق الرخيصة والشهيرة على حد سواء تسأل عن حال الرقص الشرقى فى غياب الراقصات المصريات من حاملات رسالة هذا النوع من الرقص. وجدت برازيلية وفرنسية وأسبانية وأمريكية، كلهن يمارسن رقصا غريبا عليها، وحسب رأيها وهى الخبيرة المتخصصة، لا يمت لفن الرقص وتاريخه بصلة. اختفت الرواية والحب والتعاطف والشكوى والقوة والضعف منسجمين وكلها كانت مكونات أساسية وضرورية فى تشكيل عبقرية الرقص الشرقى. سألت الأجنبية عن راقصات مصر.. فاجأتها الإجابة.. رحلن مع فنانين كثيرين إلى بلاد سبقتهم إليها الفرص. أنا الآن أسألك إن كنت واحدة من هذه الطيور المهاجرة. هل أنت قدوة أخرى تفقدها مصر فى سباق الفقد الواسع الحالى هذه الأيام.
• • •
الفنانة: تظلمنى. كلكم تظلموننى. أنتم من دفعنى لأن أغرد فى مكان آخر بعيدا عن الكرمة التى نشأت قريبا منها وتعلمت فيها على أيد مواهب نادرة. أحصل فى الخارج على مكافآت خيالية وأعيش فى إغراءات لا قيود تحدها. صدقنى أيها الشاب إن قلت لك فى اعتراف غير مطروح للنشر، إننى أدفع الثمن غاليا، أدفعه من نظرة إنكار فى عينيك، نظرة مواطن مصرى لم يتعرف على اسمى أو هويتى أو جنسيتى. لم أحظ منك ولو بأقل القليل من الاهتمام الذى حظيت به المضيفة التى جاءت إلينا تسألنا عما نريد أن نشرب تمهيدا لرحلة العودة. لم تخطئ التعرف عليها فاسمها منحوت على صدرها ولهجتها كاشفة عن هويتها، ولكنك لم تحسن التعرف على جارتك التى نشأت ونضجت واشتهرت وفى ظنها، وعن حق أحيانا، أنه ما من مصرى يولد إلا وهو يردد اسمها.
أكرر ولا أبالغ كثيرا، أكرر القول إن كل فنان مصرى من نوعى ومن عمرى ومن كان فى شهرتى يعتقد فى قرارة نفسه أنه من سلالة أهرام خوفو، كبير كالهرم، باق كالهرم، محفور فى ذاكرة كل مصرى كالهرم. تهب الزوابع وتنهمر الأمطار وتتلاحق الأجيال وهو صامد صمود الهرم.
الصحفى: حتى الهرم يا سيدتى، أو آنستى، لو رحل قليلا أو طويلا وعاد ففى غالب الأمر وهو الذى ظن أن جذوره راسخة فى قلوب الصخر سوف يجد بين المستقبلين من ينكره ومن يتنكر له. والأدهى لو وجد بين المستقبلين صحفيا باحثا عن إثارة أو معدما ينتظر دعما. قد يجد، وفى الغالب لن يجد، بينهم معجبا بعظمته التى دخل عليها فى رحلاته تجديد وتعديل أو تطوير وتشويه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحفى وفنانة لقاء فى الطائرة صحفى وفنانة لقاء فى الطائرة



GMT 02:24 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 02:22 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

بقاء الفلسطيني... وأزمة الانتماء

GMT 02:18 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

... عن مفهوم «الجنوب العالمي» الرائج اليوم

GMT 02:15 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

قفطاننا وليس قفطانكم

GMT 02:10 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

مستقبل التنمية لم يعد كما كان!

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 19:21 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يشكل لجنة ثلاثية لمتابعة شؤون اللاعبين

GMT 11:47 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وفاة والد الفنانة سهر الصايغ

GMT 20:10 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرارات جمهورية للرئيس السيسي

GMT 22:11 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

طارق يحيى يؤكد أن مرتضى منصور شخصية طبية وودودة

GMT 11:20 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

بيومي فؤاد يصور فيلمه الجديد "بكرة" في الزمالك

GMT 15:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

"أبل" تدرس نقل أعمالها في الصين إلى دول آسيوية

GMT 10:34 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أسعار العملات العربية اليوم الأربعاء 19-6-2019

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تسريحات شعر من وحي نادين نجيم في "خمسة ونصف"

GMT 14:30 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

50 هدفًا تفصل "ليونيل ميسي" عن عرش "بيليه"

GMT 10:11 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

الأهلي يواجه الزمالك 30 آذار في برج العرب دون جمهور

GMT 20:57 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

إعدام طالب جامعي شنقًا قتل مدرسًا في محافظة البحيرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon