توقيت القاهرة المحلي 01:48:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إطعن فيه يا ريس

  مصر اليوم -

إطعن فيه يا ريس

بقلم - عبدالناصر سلامة

روى لى صديقى من إحدى قرى المنصورة بمحافظة الدقهلية أن عمدة قريتهم، وهو من ذوى الجاه، حينما حانت انتخابات التجديد لشغل هذا المنصب فترة جديدة لم يترشح أمامه أحد من ذوى الجاه كما الأمر سابقاً، إلا أن أحداً ممن لم يعتبرهم العمـدة ذا حيثية على أى مستوى، تقدم للترشح، فما كان من العمـدة إلا أن سحب طلب ترشحه، معتبراً أن الوضع بات مشيناً، وأن هذا المرشح الجديد سوف يسىء إلى المنصب بطريقة أو بأخرى، ويقلل من قدره، فى موقف دلل على أن لكل أمر قواعده وأصوله التى يجب عدم التغاضى عنها، أو عدم تجاوزها.

جاءت هذه الرواية فى إطار حوار دار حول الانتخابات الرئاسية الحالية، والتى لم يظهر فيها منافسون على قدرها، ذلك أن المرشح المنافس للرئيس، الذى ظهر خلال الساعات الأخيرة، بطريقة مثيرة للريبة، وغريبة شكلاً وموضوعاً، أثيرت حوله الكثير من الشائعات والأقاويل، نتيجة أحكام قضائية صادرة بحقه، جميعها تجيز الطعن فيه، بل ورفض ترشحه، مع حديث يثير الشكوك أيضاً حول مؤهله الدراسى، وكأن مصر التى يزيد تعداد السكان فيها على مائة مليون نفس بشرية لم تنجب شخصاً سوياً لأداء هذا الهدف، أو هذه المهمة، وهو ما جعلنا موضع تعليقات وتقارير مسيئة من معظم وكالات الأنباء العالمية.

المشكلة أنه طبقاً للقانون والدستور، لا يجوز الطعن فى المرشح إلا من خلال مرشح آخر، وهذا فيما هو واضح لن يتحقق فى حالتنا، ذلك أنه لا يوجد مرشح آخر سوى الرئيس، وحسبما هو معلن أن السلطات الرسمية هى التى كانت تبحث عن مرشح، حتى لا تتحول الانتخابات إلى ما يشبه الاستفتاء، وقد أسفرت الجهود عن اكتشاف ذلك المواطن، الذى بدا واضحاً أن الوقت لم يسعف الجهات المعنية بالبحث فى سيرته جيداً، إلا إذا كان هذا الوضع مقصوداً فى حد ذاته، أو أن هذه المواصفات كانت مطلوبة لأسباب لا ندركها.

بعض التفسيرات ترى أن الدولة كانت تخشى من عدم اكتمال نسبة الـ٥٪ فى حالة وجود مرشح واحد فقط، مما دفعها إلى ذلك الإجراء المتسرع، إلا أن ما لم يتم وضعه فى الاعتبار هو أننا أصبحنا أمام أمر مشين على كل المستويات، فى الداخل كما فى الخارج، ولو أن الأمر استمر كما هو عليه بمرشح واحد لكان مقبولاً عن ذلك بكثير، وقد حدث ذلك من قبل فى أكثر من دولة فى العالم، وأعتقد أن أمر الـ٥٪ لن يكون بهذه الصعوبة التى يتصورها البعض، فى ظل وجود وسائل إعلام ضاغطة، سوف تحمل على عاتقها فى كل الأحوال عمليات الشحن التعبوى والمعنوى، والتلويح بالغرامات الكبيرة وما إلى ذلك.

ويكفى فى هذا الصدد ما صدر عن دار الإفتاء بحرمة الامتناع عن التصويت، وما لوح به علماء آخرون من شقاء الدنيا وعذاب الآخرة فى حالة التصويت لمرشح آخر، وغير ذلك من عوامل التعبئة، التى سوف تؤتى ثمارها شاء البعض أم أبى، ناهيك عن أن هناك وسائل كثيرة كانت مستخدمة فى الانتخابات السابقة، سوف يتم اللجوء إليها بالتأكيد، وهى المتعلقة بموظفى الحكومة، والسماح لهم بالخروج مبكراً، كما عمال القطاع الخاص أيضاً، وغيرها من وسائل تدحض ذلك الهاجس المتعلق بعدم اكتمال النسبة.

آمل أن تكون حالة السخرية والتنكيت الحاصلة فى الشارع الآن مما يجرى قد وصلت الرئيس، كما حالة الانتقادات الدولية، وهو ما يجعلنا نناشد سيادته القيام بالطعن، بصفة شخصية، فى ذلك المرشح، درءا للشبهات من ناحية، وحتى نقطع الطريق أمام الذين سوف يكافحون للوصول إلى أحكام قضائية فى هذا الشأن، إن إدارية وإن دستورية، قد تبطل الانتخابات بعد إجرائها، أما وإن كان البعض يرى أن باب الطعون قد أُغلق أو أى شىء من هذا القبيل، فأعتقد أن خبراء المرحلة يستطيعون إيجاد المَخرج اللازم لهذا الغرض، حتى وإن استلزم الأمر سحب بعض أو كل أعضاء البرلمان العشرين ترشيحهم له.

أعتقد أن الكُرة الآن فى ملعب الرئيس وحده، باعتباره المرشح الوحيد الذى يستطيع الطعن، الكُرة فى ملعبه كى يستطيع تصحيح أوضاع لا يخفى عن الشعب- كل الشعب- كيف تمت، ولماذا، وهو أمر يجب ألا يقبله بأى حال، وهو الذى وعد شعبه بالصدق والشفافية، وليكن لنا فى عمدة الدقهلية القدوة الحسنة، بحكم خبرته فى التعامل مع المواطنين عن قرب، وبحكم خبرته فى القواعد والأصول، وما يجوز وما لا يجوز، لنرسى مبادئ للمستقبل محورها الأخلاق واحترام عقول الناس، بدلاً من ذلك الذى يجرى على مسمع ومرأى من العالم أجمع.

على أى حال، فقد جاءت الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات بعد ظهور ذلك المرشح، بما يؤكد أن حالة الاستفتاء كان من المنتظر أن تسير طبيعية دون دعوات من هذا القبيل، وبما يؤكد أن نسبة الحضور فى الوضع الحالى سوف تتدنى إلى أبعد حد، وهى فى حد ذاتها رسالة سلبية إلى العالم كان يجب وضعها فى الاعتبار، إلا أننى مازلت على يقين بأنه يمكن تدارك الموقف، مازلت أرى الكُرة فى ملعب الرئيس، إن أرادها مباراة نظيفة فسوف يصفق الجمهور، وإن كان لوجود موسى ضرورة لا نعلمها، فما باليد حيلة.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إطعن فيه يا ريس إطعن فيه يا ريس



GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 01:44 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

فيلبي وحفيدته سارة... وإثارة الشجون

GMT 01:36 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

«رؤية 2030»: قارب النجاة في عالم مضطرب

GMT 00:10 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

قواعد اللعبة تتغير من حولنا!

GMT 00:04 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً

GMT 21:47 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

باسم مرسى يشعل السوشيال ميديا بصورة مع زوجته وابنته

GMT 20:14 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 4 وإصابة 6 في انقلاب سيارة واشتعالها على طريق السويس

GMT 01:10 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بلجيكا أول المتأهلين إلى نهائيات كأس أمم أوروبا

GMT 20:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

8 لاعبين في "أشرس صراع" على الكرة الذهبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon