توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مونديال لم يستغله العرب

  مصر اليوم -

مونديال لم يستغله العرب

بقلم - أسعد تلحمي

لم يكن إقحام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنفه في المونديال بتوجهه إلى الشعب الإيراني بالوقوف في وجه «الخومينية» مثلما وقف لاعبو المنتخب الإيراني أمام النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، جديداً على ظاهرة إقحام السياسة بالرياضة واستغلال أهم المنصات العالمية في أكبر مسابقة دولية بكرة القدم يتابعها مليارات البشر، للترويج لأجندات ومصالح سياسية.

هناك دول وحكام يستغلون هذه الفرصة لتلميع صورهم، وعليه نشاهد تنافس الدول على استضافة المونديال مع معرفتها بوجوب صرف بليونات الدولارات، وتوفير أقصى الحماية الأمنية لمئات آلاف الوافدين، لكنها تفعل ذلك ليس من أجل الربح المادي إنما أساساً من أجل إظهار صورة إيجابية عنها أمام العالم كله المحتشد حول الشاشة الصغيرة.

شكّل المونديال -وما زال- مناسبة لشعوب الدول المشاركة لإبراز هويتها القومية واعتزازها بثقافاتها. وفي عصر العولمة الذي تحول فيه الكون إلى قرية صغيرة أصبح النجاح في المونديال احتفالاً قومياً ووطنياً، احتفالاً بعظَمة المنتخب والدولة التي يمثلها.

يؤثر المونديال في حياة شعوب كثيرة وفي سياسات الدول، ولعل بلجيكا، الدولة ثنائية القومية، تمثل النموذج الأبرز، فمنتخب الدولة ذات الشعبين والثقافتين المختلفتين اللذين لا تربط بينهما سوى مصالح تجارية مشتركة، بات الدبق الذي من شأنه تخفيف حدة التوتر، إذ يضم في صفوفه ممثلين عن الشعبين طرحوا الخلافات السياسية جانباً متعاونين معاً من أجل التحليق بالمنتخب. ومن شأن نجاح المنتخب أن يخفف من حدة الصراع عشية الانتخابات العامة الخريف المقبل.

في حينه، تسببت مباراة كرة قدم بحرب بين هندوراس وسلفادور، لكن من جهة أخرى نجح نجم ساحل العاج ديديه دروغبا في مونديال 2006، وبعد أن أبلى منتخبه بلاء حسناً في وقف الحرب الأهلية في بلاده أثناء المونديال ليشارك لاحقاً مع زملائه في المنتخب في الحملة الناجحة التي أوقفت الحرب تماماً.

تؤكد الأبحاث المختلفة أن نجاح المنتخبات يحقق السعادة لسكان بلادها، والعكس صحيح تماماً، هذا فضلاً عن تحقيق نجاحات متتالية على أصعدة مختلفة: اقتصادية وسياحية واجتماعية وثقافية، وفوقها جميعاً الاعتزاز القومي.

أصبح المونديال، أكثر من ذي قبل، وبفعل العولمة، منصة للمنتخبات المشاركة لتعلن عن هويتها وثقافتها ورموزها. ويتحول أبطال المونديال إلى أبطال قوميين يحققون الفخر لثقافة بلادهم. على مدار أسبوعين أو ثلاثة وحتى أربعة، تلعب المنتخبات الناجحة لتشريف ألوان بلادها بفخر وعزيمة وتعاون.

أما العرب، فخرجوا من مولد المونديال بلا حمص، حتى «الطَّعمية» المصرية كانت مرّة الطعم، على قدر التوقعات الكبيرة من منتخب الفراعنة والنجم محمد صلاح. أيضاً في كرة القدم حصد العرب الفشل فغادروا جميعهم المونديال منذ بداياته.

أخفقت المنتخبات العربية، باستثناء المغرب ربما، في بث روح القتال والإصرار على النصر. خيبت آمال مئات ملايين العرب الذين يتوقون لطعم فوز يسرّ القلوب في هذا العصر الدموي المقيت، بل شكلت مباريات بعضهم فضيحة كروية على مستوى عالمي وأمام مئات الملايين.

في المقابل، هناك دول أضعف بكثير، من حيث الثروة المحلية والبشرية الكميّة، تألقت منتخباتها بفضل الاستثمار والرعاية النوعية.

استفادت منتخبات كثيرة من ارتدادات العولمة، واستغلت المنبر لتعرّف على دولها بأبهى الصور. أما العرب فتلهَّوْا في تبادل القذع والشتم. هذه الدولة تمنت الفشل لتلك الدولة «الشقيقة» وأخرى تمنت لشقيقتها الهزيمة المجلجلة، وبدل هز شباك الفرق الخصم اهتزت شبكات التواصل الاجتماعي بأقذع الشتائم العربية.

ولعل ما يدور الآن في شوارع العواصم العربية من أعمال شغب وفوضى بين مؤيدي منتخبات أجنبية، لهو الدليل على بؤس الحال الذي بلغته أمّة الـ400 مليون.

صحيح أن النجاح في المونديال قد يكون موقتاً وقد يصرف الأنظار عن المشاكل اليومية التي تعيشها الشعوب، لكنه منع ذلك يبقى ضرورياً ولو من أجل تذوق طعم الفوز وحلاوة الاعتزاز القومي، ولو إلى حين، ويعوض عن هزائم في ميادين أخرى، لكن حتى ذلك لا يتحقق. ولا تبدو هناك بشائر خير طالما بقي التعاطي مع الرياضة بعيداً من المهنية وخاضعاً لأهواء هواة تسلموا المسؤوليات في اتحادات الكرة.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مونديال لم يستغله العرب مونديال لم يستغله العرب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt