توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنما للقوة حدود

  مصر اليوم -

إنما للقوة حدود

بقلم : أسعد تلحمي

 ببراءة خادعة، أو ربما تنم عن عقلية المحتل، سألت مقدمة برنامج أخباري في الإذاعة الرسمية الإسرائيلية ضابطاً كبيراً سابقاً في الجيش عن «سر» تعرض جنود «يقومون بعملهم» في «يهودا والسامرة» (الضفة الغربية المحتلة) لـ «عمليات إرهابية»، وذلك في أعقاب مقتل ضابط وجندي إسرائيليين في عملية دهس غرب مدينة جنين المحتلة. ببراءة؟ كأن الضفة الغربية جزء من تل أبيب والجنود هناك لحفظ الأمن والنظام العام.

من جهة أخرى، اتهم ضابط كبير آخر السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» بأنهما «تحرضان» الشارع الفلسطيني على التصعيد مع اقتراب الذكرى السنوية لـ «يوم الأرض» والاحتفال الإسرائيلي الكبير المخطط له في أيار (مايو) المقبل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، مستهجناً التحرك الفلسطيني على «قرار أميركي سيُنفّذ في القدس الغربية!».

تستهجن إسرائيل أي احتجاج للفلسطينيين على احتلالها أراضيهم منذ نصف قرن، وهي التي لم تعد تتحدث عن احتلال بقدر ما يتصارع أقطابها في ما بينهم على ضم الأراضي المحتلة إلى سيادتها مع حرمان الفلسطينيين حق التصويت، أو في أسوأ الأحوال، بالنسبة إليهم، ضم الأراضي المحتلة المقامة عليها التكتلات الاستيطانية الكبرى التي ابتلعها الجدار العنصري الفاصل.

منذ أكثر من عشر سنوات، لم يعد الاحتلال على أجندة الشارع الإسرائيلي، خصوصاً مع انحسار ما كان يعرف بـ «معسكر السلام». بات التعامل مع الأراضي المحتلة حقيقة ناجزة ليست موضع جدال، وبقي الهمّ الأساسي في تطوير المستوطنات هناك التي يرتع فيها أكثر من مليون يهودي، وحمايتهم من الفلسطينيين.

كذلك الأمر بالنسبة إلى قطاع غزة، الأكثر كثافة سكانية في العالم (340 كيلومتراً مربعاً مع أكثر من مليونيْ إنسان). مليونا إنسان محاصَرون منذ أكثر من عشر سنوات، يعيشون أزمة إنسانية: مياه الشرب (والآبار) لم تعد صالحة، التيار الكهربائي يتوافر لساعات قليلة، نقص في الأدوية وخناق مطبق. حتى المساعدات التي تقدمها «الأونروا» مهددة بالتوقف في أعقاب قرار الرئيس دونالد ترامب وقف دعم المنظمة الأممية.

أرض محتلة وأخرى محاصَرة، ونحو أربعة ملايين فلسطيني تتحكم إسرائيل بحركتهم ومصيرهم. حتى المصالحة الفلسطينية الداخلية المتعثرة رهن بموافقة إسرائيل عليها. وفوق كل هذا تطالبهم بأن يكونوا «أولاداً شاطرين ومهذبين»، لا يحتجون، لا بالسلاح ولا بالحجارة ولا حتى بالكلام. عليهم أن يقبلوا إملاءاتها بخضوع وخنوع. عليهم الصمت لقرار الرئيس ترامب نقل السفارة إلى القدس، إن لم يرغبوا في التصفيق. أما إذا فعلوا غير ذلك فإنهم إرهابيون، تجرهم القيادة إلى التصعيد والمواجهات.

يكتب البروفيسور الإسرائيلي في الفلسفة يعقوب راز عن لغة القوة: «القوة مفسِدة ومُهلكة لكنها بنظر مستخدميها ضرورية. حيث القوة، لا مجال لأن ترى الآخر وهموم الآخر. لا وقت لديك للاستماع إلى الآخر. لا وقت لترى غيرك. وللقوي دائماً مبررات لاستخدام قوته. على الضعيف أن يستبطن ذلك، وإن فعل، ربما يلتفت إليه القوي». ويضيف أن «استخدام القوة» هو الوجه الآخر للخوف، للشعور بالتهديد، وعليه فإنه حيال ذلك تنتج «حالة» و «وجهات نظر» وتُبتكر مصطلحات تبني بطريقة خادعة ومثيرة الأسوار الواقية وأسوار الانغلاق «في مواجهة أي ادعاء ليس لنا... هكذا، من طريق الاعتقاد بأننا نحن فقط المحقّون، يجنّد الاستقواء القوة. وبفعل الجبروت وقوة الأسطورة، نندفع نحو الآخر، نحو قلبه، نحو أولاده، نحو أحلامه وندمرها... الحروب تقع نتيجة رفض الاعتراف بالقصص الكثيرة في عالمنا».

هذه هي حال إسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. تعرف إسرائيل أن الوقت الآن لمصلحتها. تسارع لفرض المزيد من الحقائق على الأرض.

قد يرى سدنة الدولة العبرية في أقوال البروفيسور راز وأمثاله، بينهم أيضاً ضباط كبار سابقون، مجرد نبوءات غضب، لكنها ليست كذلك. تعرف إسرائيل انه عندما تزيد النار تحت «وعاء ضغط» فإنها ترفع من سخونة مياهه وتحرك غطاؤه»، لكن لن يكون في وسع جنودها إعادة غطاء الوعاء في كل مرة تحاول المياه التدفق خارجه، وقد ينفجر الوعاء، وعندها ستطاول مياهه الساخنة والنيران تحتها أهداب إسرائيل أيضاً التي قد ترد نيران أشد سخونة، لكن في السطر الأخير ستتيقن أن للقوة حدوداً...

نقلاً عن الحياة اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنما للقوة حدود إنما للقوة حدود



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt